#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
سفير راقٍ لبلد عظيم اسمه اليابان، خدم في لبنان، وحتى يومه الأخير لم يكلّ ولم يتوانَ عن العمل، وكان يمدّ يد العون للبنان واللبنانيين، فقدّم في يوم عمله الأخير هبة باسم الحكومة اليابانية، إلى مستشفى أهدن الحكومي، وهي عبارة عن معدات طبية حديثة، يحتاجها المستشفى.
ليس غريباً على دبلوماسي عريق كالسفير أوكوبو، أن يكون لطيفاً، ويفتح قنوات التواصل مع مكونات الشعب اللبناني، وأن يجمع حوله الأصحاب والأصدقاء.
لكن هناك جانب آخر في شخصية السفير الياباني أوكوبو، يجب أن يعرفه كل لبناني.
فهو كتب أمس على حسابه على تويتر: الاضواء في مدينه بيروت كما تبدو من حديقه منزلي. اعلم ان معظم هذه الاضاءة مصدرها المولدات الكهربائية ، لكن بيروت ما زالت متلالئة اكثر مما اتوقع. حمى الله بيروت! وأرفق التغريدة بصورة لبيروت، التي هي بالكاد تستنير دروبها وشوارعها، وشبه غارقة في العتمة.
فبيروت في ثوبها الأسود المرصّع ببعض فسحات النور والأمل، يراها أوكوبو جميلة تتلألأ، ويثق بأنها ستنهض من تحت الرماد، وستعود سويسرا الشرق، لتشغل مكانها الذي لا يمكن أن تشغله مدينة متوسطية أُخرى، فبيروت هذه، عمرها من عمر الزمن، ولن تسقط مهما فعل بها الجاهلون.
وليس بيروت فقط!! فهو غرّد سابقاً عن مدينة طرابلس قائلاً: "تتميّز طرابلس بأوجه جمالية عدّة تتخطى حدود المرفأ. يذكّرني سحر المدينة في كل مرّة بإمكانياتها الهائلة التي لا بد من تطويرها في العديد من المجالات بما في ذلك السياحة والصناعة والتجارة".
عندما وصل السفير أوكوبو إلى بيروت عام ٢٠١٩ كانت العاصمة تعيش في صخب المظاهرات، وبعدها تتالت الأزمات حتى انفجر قلبها مع انفجار المرفأ، الذي ذكّر العالم بدمار هيروشيما أيام الحرب العالمية الثانية.
سارع السفير الياباني منذ يومه الأول في لبنان، إلى تقديم الدعم المادي والمعنوي للبنان واللبنانيين، فتم إعادة تأهيل ١٢٢ مدرسة، وتقديم العديد من المساعدات الطبية والأنسانية، وترميم المباني الأثرية التي تضررت جراء انفجار المرفأ.
السفير أوكوبو الذي يُجيد اللغة العربية ويبرع في استخدام مفرداتها، والذي فتنه وطن الأرز، جال في كل أرجائه، من شاطئ صور مدينة حيرام، إلى حاصبيا وجبل الشيخ، وزحلة، وبعلبك، وجزين، وأرز الباروك، وفاريا، وبشري، وأهدن، وطرابلس، وبيبلوس، وبيروت، وفي كل مطرح كان له ذكرى جميلة وتغريدة أجمل.
سفير عشق لبنان، وتغزّل بطبيعته، وأحب شعبه، وبادله اللبنانيون الحب والاحترام.
وهو يغادر هذا البلد اليوم، بعد أن ترك بصمة جميلة، ويحمل في قلبه الكثير من الذكريات، عن هذا الوطن الصغير، وشعبه المضياف الودود.
سعادة السفير تاكيشي اوكوبو!! ليت كل اللبنانيين يدركون جمال هذا البلد ويعرفونه ويحبونه كما عرفته وأحببته، ويقدّرونه كما قدّرته.
سعادة السفير لن نقول لك وداعاً، بل نقول إلى اللقاء، وعلى أمل أن يكون لبنان عندما تزورنا في المستقبل، قد تعافى من أزماته، وبات أكثر جمَالاً ورونقاً وازدهاراً.
أطيب تمنياتنا لكم، وللشعب الياباني الشقيق، بدوام التألق والإزدهار.