#الثائر
إنّها مرحلة تتطلّب الاحتكام إلى صافرة النداءات السريعة والاتجاه سريعاً إلى أقرب وجهة حلول فعليّة، كاستنتاج أساسي انطلاقاً من مقاربة الرئيس فؤاد السنيورة الذي ارتأى الضغط على "زرّ الطوارئ" إلى جانب الرئيسين نجيب ميقاتي وتمام سلام في البيان المنبثق عن الاجتماع الثلاثي الذي عقده رؤساء الحكومات السابقين قبل ساعات. ولم يكن بمثابة معطى جديد من نوعه التنسيق البارز إلى الواجهة بين الرؤساء الثلاثة، ذلك أن المشاورات قائمة بوتيرة مستمرّة بينهم لكن إصدار ورقة المواقف الموقّعة بإسمهم أتى ليشكّل رنيناً عاجلاً نظراً للأوضاع التي تشهدها البلاد.
وفي الإطار، يؤكّد الرئيس السنيورة لـ"النهار" أن "اللقاءات مع رؤساء الحكومات لم تنقطع يوماً وصودف أنه لم تصدر بيانات سابقاً، لكن الوضع أصبح يحتّم الآن إصدار مثل هذه البيانات وحتماً سيستمرّ اللجوء إلى إصدارها إذا استدعت المسألة ذلك. وستعقد الاجتماعات عند الحاجة.
وفي ظلّ الأحداث الكبرى التي تحصل والكلام عن غياب القيادات الوطنية في البلد، فإننا وجدنا أنه من المفيد الإشارة إلى ما قلناه"، لافتاً إلى أنّ "التواصل مستمرّ مع الرئيس ميقاتي ولسنا مسرورين باستمرار مرحلة تصريف الأعمال، لكن لا خيار آخر سوى دعم هذا الأمر إلى أن يصار إلى انتخاب رئيس للجمهورية مع ضرورة الاستعجال في انتخابه. ولا شيء يحلّ محلّ المبادرة واستنفاد كلّ الوسائل والمجالات لأجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وليست فرحة أن يكون الفرد في حالة تصريف أعمال، وقد جرّبتها وليست بقطعة حلوى".
لا تكون الإسعافات الأساسية للأوضاع اللبنانية إلا بانتخاب رئيس يؤمن باتفاق الطائف ويلتزم به، وفق المعطى الأساسي الصادر عن بيان الرؤساء. وهذه مسلّمة طبيعية انطلاقاً من إضاءة السنيورة، مركّزاً على أنّ "علينا قول كلمتنا بوضوح أمام الناس بأن هذا هو باب الخلاص للبنانيين؛ فأي بديل عن الطائف؟". ووسط الفوضى المحليّة والذبذبات الداعية إلى تغيير النظام، أيّ هواجس على الدستور؟ يجيب أن "المبادرة جاءت من المملكة العربية السعودية، لكن أعتقد أن مسؤولية اللبنانيين الدفاع عن الطائف، وتُشكَر المملكة على القيام بالمبادرة لكن واجبنا الدفاع عن الطائف لأننا بذلك ندافع عن العيش المشترك. ومن الطبيعي وسط الوضع القائم التخوف على الوحدة بين اللبنانيين"، مستشهداً بـ"حديث رسول الله بقوله "يأتي يوم على الناس يكون فيه المُمسك على دينه كالقابض على الجمر"، واليوم نحن بحالة الممسكين على الطائف كالقابضين على الجمر، لأن هناك من يحاول إلهاء الناس وإبعادهم عن القضايا الأساسية نحو مسائل فرعية كالقول تعالوا نفكّر ونتحاور. على ماذا نتحاور؟ تحاورنا، وانتهى الحوار... وتعالوا ننفّذ".
ومع تكرار ضرب مواعيد الجلسات الرئاسية الانتخابية من دون نتائج، يقرأ رئيس الحكومة السابق أنه "يتوجب على الجميع أن ينطلقوا من التصويت لا اختيار شعارات؛ هناك من يؤيد ميشال معوض أو آخرين، والبعض يحاول أن يضيّع الوقت. آن الأوان للقول من هو رجل المرحلة والتدرّج في الخروج من الوضع الحالي على أساس البدء باستعادة دور الدولة وسلطتها وأن يتمكن لبنان من استعادة ثقة اللبنانيين بدايةً وثقة المجتمعين العربي والدولي. ولا يكون ذلك إلا من خلال شخص يؤمن بالطائف والعيش المشترك والتقدّم في المسارات السلمية من خلال التعاون على قاعدة استرجاع الدولة". ويردف السنيورة: "وحدانية الله هي لدى المسيحيين والمسلمين بمعنى ألا ازدواجية في الكون. وكذلك، لا ازدواجية في السلطة بأي دولة وإلا الخراب كمشكلة لبنان في غياب السلطة الواحدة للدولة. فكيف استعادة ثقة اللبنانيين والعالم العربي والدولي في غياب الثقة بالغد؟".
عن قراءته للوضع السنيّ لبنانياً في مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية، يقول إن "السنة جزء أساسي من اللبنانيين ومن المؤمنين باستقلال لبنان وسيادته، مع الحرص على أن يصار إلى حماية البلاد كهمّ أساسي للسنة والهمّ الأساسي الذي ينبغي أن يكون لكلّ اللبنانيين. ولا بد من الابتعاد عن التذاكي على الناس والكفّ عن أخذهم إلى أوهام وإشغالهم في تفاصيل، بينما الكلّ يجلس على السفينة التي أصبحت تميل إلى الغرق. فكيف يمكن أخذهم بعيداً وإنقاذ السفينة؟". وفي ما يخصّ التواصل مع النواب السنة في المسار الرئاسي، يعقّب: "لا أريد أن أفرض رأيي على أحد ولا بدّ من استخلاص الدروس والعبر مما جرى حتى الآن. يظهر أن الوضع الرئاسي مقفل حتى اللحظة، لكن يجب عدم التقاعس عن الاستمرار في السعي إلى انتخاب رئيس للجمهورية وكلّ يوم يمرّ هو بمثابة خسارة".
وفي المحصلة، يذكّر السنيورة "عندما كنت خارجاً قبل نحو سنتين من زيارة إلى الرئيس نبيه برّي وقلت إن كلّ يوم تأخير في ايجاد الحلول واعتمادها وتنفيذها هو بمثابة شهر إضافي من الأوجاع والآلام"، محذّراً أنّ "ما يحصل لبنانياً يسمّى بعملية تجهيل للناس؛ عندما ذهب الحجّاج بن يوسف إلى الكوفة مرسلاً من عبد الملك بن مروان، وقف بهم وتحدّث بشكل تهديدي ضدّ الخليفة الأموي، قائلاً "والله لأجعلن لكل واحد منكم شغلاً في بدنه". ويحصل في لبنان راهناً أن الكلّ منهمك بسعر الصرف وربطة الخبز والمحروقات والمدارس والكهرباء. يحاولون أخذ اللبنانيين إلى مشاكل فرعية للالتهاء عن المشكلة الأساسية المتمثلة بازدواجية السلطة".