#الثائر
إذا كان من المتعارف عليه أن جلسة اليوم النيابية لن تنتج انتخاب رئيس جديد للجمهورية طالما أن توجّهات غالبية الكتل ثابتة بين رئيس "حركة الاستقلال" النائب ميشال معوض أو الورقة البيضاء أو الشعارات المكتوبة في حال العبور إلى مرحلة الانعقاد فالاقتراع، أو الانسحاب وتطيير النصاب الحضوريّ من الدورة الأولى أو الثانية، إلا أنّ الجديد المتحرّك والبارز في الساعات الماضية أتى على مقلب تكتل قوى التغيير تحديداً بما أضاف بعض المتغيّرات نتيجة ما هو أشبه بانتفاضة داخلية على اعتماد عبارات شعاريّة كوجهة تصويت. وفي السياق، بدت آراء عددٍ من النواب حازمة لجهة أولوية الخروج من الضبابية والانتقال إلى معادلة "أبيض أو أسود". وفي وقت أرادوا تجنّب ارتداء بذّة رمادية أثناء حضورهم الجلسة المقبلة، أكّدوا أن ذلك لا يتحقّق إلا باختيار إسم صريح ودعمه نهائياً للرئاسة الأولى. فماذا في تفاصيل المستجدات السريعة والآراء حولها؟ كان التعدّد في المقاربات الرئاسية إلى حدّ التباين بينها حيال كيفية التعامل اقتراعاً خلال جلسة الاثنين الرئاسية قائماً ومستمرّاً بعد ظهر الأحد بين النواب التغييريين مع مسعى معقود للوصول إلى وحدة موقف يترجم في صندوقة الاقتراع.
وتلفت معلومات "النهار" إلى أن تفرّعات مقاربات تكتل قوى التغيير تشكّلت بين مفترقين: يضمّ التوجّه الأول سبعة نواب بما يشمل وضاح الصادق، مارك ضو، نجاة صليبا، رامي فنج، ياسين ياسين، الياس جرادة وميشال الدويهي. وارتأى هؤلاء النواب ضرورة الخروج من إطار الأسلوب الانتظاريّ والابتعاد عن تكرار اعتماد ورقة شعارية كعبارة "لبنان الجديد" التي كانت استخدمت في جلسة الخميس. وتبنوا استراتيجية قائمة على ضرورة الانطلاق الدائم من تسمية واضحة على امتداد الجلسات الرئاسية المقبلة. ورجّحوا اختيار إسم النائب السابق صلاح حنين كمرشّح نهائي ورسمي يعبّر عن مقاربتهم الدائمة في النظرة إلى الاستحقاق الرئاسي. لكن، الأجواء تشير إلى أن التوجه كان حتى الأحد عدم حماسة تفرّعٍ آخر في آراء التغييريين لاتخاذ قرار مماثل. ويضمّ هذا الجزء رأي أربعة نواب هم ابرهيم منيمنة، حليمة القعقور، سينتيا زرازير وفراس حمدان. وكانت المفاجأة بالنسبة إلى زملاء لهم أن نائبين منهما باتا على مقلب غير متشجّع لانتقاء حنين من سلّة الأسماء التي تضمّنتها المبادرة الرئاسية لاعتباره محسوباً على قوى الرابع عشر من آذار سابقاً. وهناك علامات استفهام مطروحة من داخل التكتل حول الأسباب التي أدّت إلى التعارض الداخلي، بما يشكّل هواجس من شظايا تؤثر على المبادرة الرئاسية بذاتها. وهنا، يعزو البعض ذلك إلى تأثير الاختلافات في وجهات نظر مجموعات الانتفاضة التي يتحدّر منها النواب على توجّهاتهم الرئاسية، بما يذكّر بعضهم بالخلافات التي كانت قائمة على فكرة وحدة اللوائح الانتخابية من عدمها في مرحلة التحضير للانتخابات النيابية.
في الغضون، يحاول النائبان ملحم خلف وبولا يعقوبيان التوثيق بين أعضاء التكتل والحفاظ على تماسكه ووحدته. وبقيت المبادرات قائمة للوصول إلى توجه موحّد بعيداً عن تفرّع الآراء، مع الإشارة إلى أنها استمرّت حتى ساعات متأخرة من الأحد بهدف حسم الصورة النهائية. فهل يتوافق الجميع على كتابة إسم صلاح حنين في الجلسة الرئاسية، أو يتمهّلون جميعاً ويعمدون إلى إرجاء الحسم بانتظار المزيد من المداولات في مرحلة لاحقة؟ وكاحتمال ثالث بارز جداً، هل يتنوّع اقتراع التغييريين بين أصوات لمصلحة حنين في مقابل أوراق لا تتضمن إسمه؟ لا يتردّد بعض النواب التغييريين في تأكيد الحماسة الكبرى بالتصويت لصلاح حنين في الجلسة المنتظرة استناداً إلى اعتباره مرشّحاً يتمتّع بالخبرة السياسية والتضلّع الدستوري والمؤهلات السيادية، إضافةً إلى الرهان على قدرته استقطاب اكتمال نصاب الجلسة النيابية مستقبلاً ونيله الأصوات اللازمة للعبور إلى الرئاسة الأولى. وثمة من يردّد من ضمنهم أنّ كلّاً من المرشّحَين ميشال معوض وسليمان فرنجية لن يكون في مقدورهما تأمين نصاب الثلثين، على عكس نموذج كحنَين يعوّلون على قدرته كسر المراوحة وتجنّب تجرّع مرارة الفراغ الطويل.
إلى ذلك، تشير المعطيات إلى حصول تواصل استَتبَع مفاوضات تكتل التغيير الداخلية بين عدد من النواب التغييريين ومجموعة من الكتل السيادية للتداول في المنحى الذي يعتزمون اتخاذه لجهة تسمية حنين. وقد لاقوا عدداً من ردود الفعل الايجابية المثنية على خيار حنين بالنسبة لإمكان التلاقي حول إسمه في مرحلة مقبلة. وكذلك، يعوّل المؤيدون لخيار حنين على إمكان استقطاب النائبين شربل مسعد وعبد الرحمن البزري لأنهما الأقرب إليهم، علماً أن زميلهم النائب أسامة سعد لا يبدو في فلك التوجه إلى تسمية مباشرة حتى الآن. وفي الحصيلة، تفرُّق أصوات النواب التغييريين إذا حصل لن يكون الأول من نوعه، بل كان لهم أن تبنوا خيارات متنوعة خلال الاستشارات النيابية الملزمة لاختيار رئيس مكلف تشكيل الحكومة بين من اختار التصويت لمصلحة القاضي نواف سلام في مقابل البعض الممتنع عن التسمية. لكن، السيناريو الممكن لتفرّق الأصوات رئاسياً إذا لم تفلح المشاورات المستمرة للوصول إلى وحدة موقف في الساعات الأخيرة المقبلة، له أبعاده المختلفة بتأكيد نوابٍ وسط مبادرة رئاسية جمعتهم. ويعني ذلك ترجيح فكرة الانتقال إلى تكتلين نيابيين بالحدّ الأقصى أو لقاء نيابي بتفرّعين بالحدّ الأدنى خصوصاً أن أكثر من ثلثي التكتل يقرأ تقارباً كبيراً بين مكوّناته وقدرة على التوصل إلى مقاربة واحدة سياسياً واقتصادياً.