#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
بعد انعقاد جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية الخميس الماضي، كثر الجدل حول ما إذا كان المجلس النيابي يستطيع بعدها أن يعقد جلسة تشريع، أو جلسة تصويت على الثقة بحكومة جديدة، وانبرى بعض منظّري الدستور، الذين يصدرون فتاوى غب الطلب، لبعض المحطات التلفزيونية، أو لجهات سياسية، فاعتبروا أن المجلس أصبح هيئة ناخبة، ولا يحق له مناقشة أي موضوع آخر، قبل انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
يستطيع مجلس النواب تعديل الدستور، وفق أصول معيّنة، وهذا يعني أنه من الطبيعي، أن تعود له صلاحية تفسير الدستور، وهذا أمر أعلنه الرئيس نبيه بري أكثر من مرة.
وفقاً للمادة ٧٥ من الدستور: إن المجلس الملتئم لانتخاب رئیس الجمهوریة، یُعتبر هیئة انتخابیة لا هیئة اشتراعیة، ویترتب علیه الشروع حالا في انتخاب رئیس الدولة، دون مناقشة أو أي عمل آخر.
وبحسب المادة ٤٩: يتم انتخاب الرئيس بأكثرية ثلثي أعضاء المجلس في الدورة الأولى (٨٦ صوتاً) ، ويكتفى بالأغلبية المطلقة في الدورات التي تلي (٦٥ صوتاً)
وبالعودة إلى المادة ٥٨ من النظام الداخلي للمجلس النيابي، يتبين أنه يجب على المجلس وضع محضر في ختام كل جلسة يعقدها.
ونصت المادة ٥٧ على:
- اذا رفعت الجلسة قبل الانتهاء من مناقشة موضوع ما، حق لرئيس المجلس اعلان الجلسة
مفتوحة، والجلسات التي تُعقد فيما بعد لاستكمال البحث تعتبر استمراراً للجلسة الأولى.
ويحق لرئيس المجلس في حال عدم انتهاء النقاش والوصول إلى قرار في الجلسة، أن يترك باب الجلسات مفتوحاً (أي أنه لا يتم اختتام أعمال الجلسة) .
يتضح من نصوص الدستور والنظام الداخلي للمجلس، أن لا شيء يمنع المجلس النيابي من الإنعقاد (خلال العقد التشريعي العادي) للتشريع، أو لمناقشة أي أمر آخر، بعد عقد جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، دون حصول انتخاب شخصية معينة، شرط أن يكون قد تم إقفال جلسة الانتخاب، ولم يتم تركها مفتوحة، وتم تنظيم محضر في ختام الجلسة، وفي هذه الحالة ستكون أي جلسة انتخاب جديدة، كما في أول جلسة، بحيث يتطلب الفوز في الدورة الأولى، حصول المرشح على ثلثي أصوات المجلس النيابي، ولا تعتبر بمثابة دور ثانية، كونه تم اقفال الجلسة السابقة.
من المستغرب أن يدعو بعض الذين يعتبرون أنفسهم مراجع دستورية، إلى عدم التقيد بحرفية النص، وتفسير المواد في ضوء مجمل ما أراده المشرّع!!!!!.
إن فتوى كهذه، أمر يفتح باباً واسعاً للاجتهاد، ويقيم خلافاً حول كل مادة من مواد الدستور.
لقد اقتنع غالبية الفرقاء السياسيين في لبنان، أن حكومة تصريف الأعمال، وإن انتقلت إليها صلاحيات رئيس الجمهورية شكلياً، بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون وخلو سدة رئاسة الجمهورية، فهذه الحكومة ستكون عاجزة عن ممارسة هذه الصلاحيات، في ظل عدم انعقاد مجلس الوزراء، بحجة أنها حكومة تصريف أعمال.
وانطلاقاً من هذه القناعة وشبه حتمية الوصول إلى خلو سدة الرئاسة، أقله حتى الربيع المقبل، تسعى الأطراف السياسية، باتجاه تعويم الحكومة الحالية، مع تعديلات طفيفة عليها.
لذا بات من المرجّح أن تتشكل حكومة اللحظة الأخيرة قريباً، بعد الدخول المباشر لحزب الله على خط التوسط بين حليفيه عون وميقاتي، ولقد حسم الرئيس نبيه بري الجدل، وكما صرّح بعض نواب كتلته، بإن المجلس سيعقد جلسة للتصويت على الثقة بالحكومة الجديدة إذا تشكّلت، عندما تتقدم ببيانها الوزاري إلى المجلس.
أما عن انتخاب رئيس جديد للبلاد، فلقد أظهرت الجلسة التي انعقدت عدة نقاط:
أولها:استحالة انتخاب رئيس مهما تكررت الجلسات أو دورات الإنعقاد، إذا لم يكن هناك توافق، ولو بالحد الأدنى على شخصية معينة.
ثانياً: سقوط عدة أسماء من الحسابات الرئاسية؛ كجبران باسيل، وسمير جعجع، وسليمان فرنجية، وحتى ميشال معوض الذي حصل على عدد قليل من الأصوات، فبدا واضحاً أن لا أحد من هؤلاء قادر على الحصول على أكثرية مطلقة من عدد النواب.
ثالثاً: تفرّق المعارضة وعدم قدرتها على إيصال مرشح، في مقابل عجز قوى ٨ آذار عن إيصال مرشحها أيضاً، إضافة إلى صعوبة توافقها على مرشح واحد.
رابعاً: لا جدوى من تكرار عقد جلسات انتخاب، لأنها لن تصل إلى نتيجة، طالما لم تنضج الظروف الدولية لانتخاب رئيس جديد للبلاد، والمرجّح أن تستمر حتى الربيع المقبل، لانشغال العالم، والغرب خاصة، حالياً بالأزمة الأوكرانية.
خامساً: قد تُشكّل الظروف المقبلة وخلو سدة الرئاسة، دافعاً لدى بعض الأطراف للتنازل قليلاً، وعندما يعود الرئيس ميشال عون إلى الرابية لممارسة دوره السياسي، كرئيس للتيار الوطني الحر، قد يحصل توافق على انتخاب رئيس جديد، وربما الفراغ والظروف الاقتصادية والأمنية الضاغطة، قد تصب لمصلحة انتخاب قائد الجيش، العماد جوزيف عون، الذي يحظى بتأييد شعبي، ودعم من عدة دول غربية وعربية.
قال مصدر دبلوماسي غربي مطّلع ل "الثائر": قد تكون الحلول في لبنان متأخرة قليلاً، لكن البلد دخل دائرة الاهتمام الدولي، وستبدأ ملامح التسويات بالظهور قريباً، بدءاً من توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، سيليه توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وحتى الربيع المقبل أو الصيف على أبعد تقدير، سيكون هناك رئيس جديد للبنان، وسيُعقد مؤتمر دولي لتقديم المساعدات، ووضع البلد على سكة النهوض، وهذا ما المح إليه أكثر من مرجع عربي وغربي.
يُرجى الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية عند نسخ أي شيء من مضمون الخبر وضرورة ذكر اسم موقع «الثائر» الالكتروني وإرفاقه برابط الخبر تحت طائلة الملاحقة القانونية.