#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
وكأنَ اجازةَ الاضحى المبارك جعلتْ الجميعَ ينسى اننا في زمنِ تشكيلِ حكومةٍ، فذهبَ الكلُّ ليبدأ بفتحِ بابِ الاستحقاقِ الرئاسيِّ على مصراعيهِ...
هذا الفصلُ الاستحقاقُ الذي كنا فتحناهُ الاسبوعَ الماضي مُطالبينَ بأن نفرضَ نحنُ كلبنانيينَ مواصفاتِ ومعاييرَ الرئيسِ المقبلِ،
جاءَ الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظةِ الاحدِ ليرفعَ سقفَ المعاييرِ،
والتي هي في أيِّ بلدٍ عاديٍّ طبيعيةٌ، لكنها في لبنانَ تأخذُ طابعاً آخرَ بعدَ سلسلةِ الاختباراتِ التي عاشها اللبنانيونَ طوالَ العهودِ الماضيةِ.
بصريحِ العبارةِ، يطلبُ الكاردينال الراعي رئيساً محايداً حيادياً اي توافقياً.. ولا ينتمي الى محورٍ وغيرَ مُحازبٍ ...
اذاً أخرجَ الكاردينال الراعي المرشحَ الرئاسيَّ من الدائرةِ المغلقةِ بينَ 8 و 14 آذار، ومن دائرةِ الرئيسِ القويِّ والحزبيِّ، ووضعَ الرئاسةَ من جديدٍ في دائرةِ التوافقِ..
هلْ يؤشِّرُ لقائدِ الجيشِ جوزف عون، ام لشخصيةٍ مدنيةٍ حقوقيةٍ، قيلَ على ذمةِ نائبِ رئيسِ مجلسِ النوابِ،
ان الرئيس نبيه بري يملكُ اسمها؟
ويبدو الكاردينال الراعي وكمنْ يردُّ بشكلٍ غيرِ مباشرٍ على ما طرحهُ رئيسُ حزبِ القواتِ اللبنانيةِ سمير جعجع، الذي دعا نوابَ المعارضةِ والتغيريينَ للوقوفِ في وجهِ انتخابِ رئيسٍ مماثلٍ للرئيسِ عون كما قالَ، ويأخذُ البلادَ درجاتٍ جديدةً في مقرِّ جهنَّمٍ.
***
عملياً بدأتْ المواجهةُ وبدأ رفعُ السقوفِ الذي واكبهُ اجتماعٌ بطابعٍ رئاسيٍّ بينَ المقربِ من المرَّشحِ سليمان فرنجيه النائب فريد الخازن وبينَ النائب جبران باسيل.
هلْ يمكنُ عزلُ هذا الاستحقاقِ الداخليِّ الاساسيِّ عن مسارِ المنطقةِ، وعن الاتصالاتِ الاميركيةِ - الخليجيةِ، وعن الاتصالاتِ الايرانيةِ – الفرنسيةِ؟
ولماذا يجزمُ الجميعُ هذهِ المرَّةَ بأنَ الاستقرارَ اللبنانيَّ مطلوبٌ وبأنَ ثمَّةَ تفاهماً كبيراً على فصلِ الوضعِ اللبنانيِّ باستحقاقاتهِ عن ازماتِ المنطقةِ،
ام ان المنطقةَ ذاهبةٌ باتجاهِ تسوياتٍ، وقد يكونُ انجازُ الاستحقاقِ الرئاسيِّ اللبنانيِّ من ضمنِ اولوياتها؟
لا احدَ يملكُ حتى الساعةَ ايَّ جوابٍ، خصوصاً وان المهلةَ الدستوريةَ لانتخابِ الرئيسِ تبدأُ في ايلول.. ولكنْ قد يكونُ للتلكُّؤِ الذي يمارسهُ رئيسُ التصريفِ في تسريعِ تشكيلِ حكومةٍ، علاقةٌ او اشارةٌ،
لعدمِ الاندفاعِ كثيراً باتجاهِ حكومةٍ قد يستفيدُ منها الرئيس عون وفريقهُ السياسيُّ لفرضِ تعييناتٍ وتشكيلاتٍ في السفاراتِ والقوى الامنيةِ والماليةِ والاقتصاديةِ، وصولاً الى الاداراتِ العامةِ، وهو ما قد يُعطي نفساً للتيارِ الوطنيِّ الحرِ لاربعِ سنواتٍ الى الامامِ ،
وقد يسهِّلُ بشكلٍ كبيرٍ الاطاحةَ بحاكمِ مصرفِ لبنانَ رياض سلامة الذي لا يخفي الرئيس عون قولهُ بشكلٍ صريحٍ انه يريدُ الاطاحةَ بهِ قبلَ ان يتركَ القصرَ الجمهوريَّ، اضافةٍ الى انجازِ التدقيقِ الجنائيِّ..
منْ سيعطي للرئيس عون في آخرِ عهدهِ حاكماً مركزياً وقضاةً وسفراءَ ومدراءَ عامين؟
في طريقةِ تعاملِ "نجيب IV " من حيثُ تقديمهُ تشكيلةً حكوميةً تعجيزيةً، واضحٌ انهُ لا يريدُ حكومةً،
وربما لهذهِ الاسبابِ افهمهُ الرئيس عون بشكلٍ او بآخرَ، بأن لا ضرورةَ لزيارةِ القصرِ إلاَّ إذا كانَ حاملاً تشكيلةً جدِّيةً..
عملياً... لا حكومةَ.. تصريفُ الاعمالِ سيستمرُّ و"النجيبُ العجيبُ" مرتاحٌ للتعاونِ مع مجلسِ النوابِ الذي سيعطيهِ اسبوعاً بعدَ اسبوعٍ،
مجموعةُ قوانينَ يريدها لتقديمِ اوراقِ اعتمادٍ دائمةٍ للفرنسيينَ وللاميركيينَ وللعربِ ولصندوقِ النقدِ الدوليِّ، لعلهُ ايضاً يكونُ رئيساً للحكومةِ مع ايِّ رئيسِ جمهوريةٍ جديدٍ.
***
في الانتظار، لا احدَ انتبهَ الى العتمةِ التي يعيشُ فيها الناسُ، إن في منازلهمْ او في قلوبهمْ،
والتي لنْ تنيرها بالتأكيدِ مفرقعاتُ الفريش دولار التي يحملها المغتربونَ والتي ستنتهي مفاعيلها مع اولِ ايلول...!