#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
يقولونَ لنا إن البلدَ دخلَ اليومَ مرحلةَ التصريفِ. ولكن، بربِّكمْ، قولوا لنا: متى لم نكنْ في مرحلةِ التصريفِ؟
منذُ 5 أعوامٍ أو 10 أو 20 ونحنُ نُصرِّفُ أعمالَ البلدِ. مرَّةً بالحكوماتِ "المَيتة" والمستقيلةِ، ومراراً بحكوماتٍ محسوبةٍ "على قيدِ الحياةِ"...
نعم، عُمرنا انقضى وأنتمْ لا تعملونَ إلاَّ في التصريفِ:
صَرَّفَ، يُصرِّفُ وسيُصرِّفُ… تصريفاً ومَصروفاً!
السابقونَ صرَّفوا، والحاليونَ يصرِّفون، والآتونَ سيصرِّفون…
دولةُ "صَرِّيفينَ" أهدروا مالنا ونهبوا المؤسساتِ، بلا حسيبٍ ولا رقيبٍ...
دولةُ "صَرَّافينَ" ومصرفيينَ يُقامرونَ بودائعنا ويلعبونَ بالعملةِ الخضراءِ والبيضاءِ في سوقٍ سوداءٍ، مظلمةٍ وظالمةٍ…
دولةُ تصريفٍ وتسويفٍ و"تفنيصٍ" وتمريرٍ وتكريرٍ وتكرارٍ… فكيفَ لا تنهارُ؟
***
أخبرونا عن أمرٍ واحدٍ ستفعلونهُ، أو ملفٍّ واحدٍ حسمتمْ فيهِ قراركمْ، أو خطَّةٍ واحدةٍ أحضرتموها!
في مسألةِ التعافي، هناكَ خطَّةٌ ولا خطَّةٌ…
مع صندوقِ النقدِ الدوليِّ، هناكَ شبهُ اتفاقٍ أوَليٍّ، ولكنْ هيهاتِ أن يكونَ هناكَ اتفاقٌ…
هناكَ مشروعُ موازنةٍ أو شبهُ موازنةٍ، لكنَ الموازنةَ الحقيقيةَ ليستْ في الأفقِ…
وفي مسألةِ الترسيمِ والنفطِ والغازِ، الشاطرُ يفهمُ هلْ أنتمْ مع الـ 23 أو الـ29، وهلْ أنتمْ مع خطَّةِ هوكشتاين أو ضدها، وعلى أيِّ أساسٍ ستفاوضون…
نعم، كلُّ أموركمْ تصريفٌ، وتسويفٌ، و"تفنيصٌ" وتبريرٌ وتمريرٌ للوقتِ والمالِ والناسِ والاستحقاقاتِ… فقط لتبقى لكمْ مكاسبُ السلطةِ و"عمرو ما يرجع" بلد!
***
اليوم، تمرِّرونَ الوقتَ بدولاراتِ المغتربينَ. وكما دائماً، لا ترونَ فيهمْ إلاَّ الدجاجةَ التي تبيضُ ذهباً…
وفي الحقيقةِ، اثنانِ باقٍ فيهما الخيرُ في هذا البلدِ… والباقي "تفنيصٌ"!
الأولُ هو هذا المغتربُ اللبنانيُّ المناضلُ، الذي على رغمِ كلِّ شيءٍ، يحنُّ إلى البلدِ وأهلهِ، ويأتي إلينا في العطلةِ، وينفقُ بعضَ دولاراتٍ نحتاجُ إليها…
والثاني هو جيشنا البطلُ الذي يعضُّ على الجرحِ ويُعطي بلا حدودٍ، وعلى رأسهِ قائدٌ يمتلكُ من الحكمةِ والشجاعةِ والإقدامِ ما قلَّ نظيرهُ…
فماذا تفعلونَ لهذا المغتربِ المناضلِ، وكيفَ تُكافئونَ جيشنا الأبيَّ؟
أليسَ من سخرياتِ الأقدارِ أن تستقبلوا المغتربَ بمطارٍ تجولونَ فيهِ استعراضياً، ولكنْ لا كهرباءَ فيهِ ولا سلالمَ دوَّارةً للحقائبِ ولا مكيِّفاتٍ!
إذا كنا ننتظرُ في هذا الصيفِ اكثرَ من مليونِ زائرٍ، 75% منهمْ مغتربونَ و25% سيَّاحٌ، فهلْ تتصوَّرونَ أيَّ فوضى وأيَّ معاناةٍ سيتكبدونها عندما تكونُ سلالمُ الحقائبِ معطّلةً؟
أيُّ "بهدلةٍ" تحضِّرونها للبلدِ، فوقَ "البهدلاتِ" التي تُغرقونَ البلدَ فيها على كلِّ الأصعدةِ!
أليسَ من السخرياتِ أن تجعلوا مطارَ مدينةِ الشمسِ بيروت، كمطارِ اثيوبيا؟
وللجيشِ، أليسَ من سُخرياتِ الأقدارِ أن تكافئوا أفرادهُ وضباطهُ برواتبَ لم تعدْ تكفيهمْ لشراءِ الخبزِ والدواءِ، ودفعِ فاتورةِ المدرسةِ!
وهلْ عندكمْ لهذهِ المؤسسةِ الكريمةِ إلاَّ التسويفُ والتصريفُ والتبريرُ؟
***
رهانُنا الوحيدُ أن ينقلبُ السحرُ على الساحرِ يوماً...
في الحقيقةِ، لا أملَ عندنا في أنكمْ ستتصرَّفونَ يوماً كمَّا يتصرَّفُ الحكامُ في دولِ العالمِ الحضاريِّ،
ولا أملَ عندنا في أن ننتهيَ من دولةِ التصريفِ وحالةِ التسويفِ...
أملُنا الوحيدُ الباقي واضحٌ ومعروفٌ: يا ربُّ رحمتكَ…!