#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
رغم كل ما خسره لبنان من خلال سياسة تثبيت سعر صرف الدولار، ورغم انفجار الأزمة وتدهور سعر صرف العملة الوطنية، حيث تخطّى 38 الف ليرة للدولار في السوق السوداء، ما زال حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، متمسّكاً بتثبيت السعر الرسمي لصرف الدولار على 1500 ليرة لبنانية.
لغز حيّر الكثيرين من خبراء الاقتصاد والمواطنين . فما هي الحقيقة؟؟؟
يبرر سلامة هذا السلوك بعدم السماح بانفلات السوق، فيما لو تم تحرير سعر الصرف، ومن ناحية ثانية إبقاء الدعم على سلع أساسية كالقمح والدواء، ورسوم الجمارك، ثم يضيف إليها مسألة تسديد المواطنين للقروض الممنوحة لهم بالدولار من قبل البنوك لتسديدها وفق سعر 1500ليرة.
للوهلة الأولى تبدو مبررات سلامة مُقنعة، لكن عند التدقيق سنجد أن السوق منفلت وتعمّه الفوضى، وتعددت أسعار صرف الدولار ولم يُسهم السعر الرسمي في استقرار الوضع النقدي، بل سمح بعمليات احتيال واسعة، مارسها العديد من التجار، وأفقد خزينة الدولة مليارات الدولارات، في حين ذهبت المليارت التي دفعها المركزي على سياسة الدعم الموهومة، إلى جيوب المهرّبين وحُماتهم وكبار التجار، ولم يصل منها إلى المواطنين سوى النزر القليل.
أما عن اهتمام سلامة بمصلحة المواطنين، فالسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا من استفاد من قرض بالدولار واستثمره، يجب أن يعيده بالليرة، وبجزء بسيط من قيمته، فيما من أودع أمواله في البنك يجب ان يخسرها، ويتم تنفيذ هيركات عليه بنسبة تفوق 65% ، وبتعاميم يصدرها سلامة وهي مخالفة للقوانين؟؟؟.
لقد شهد اللبنانيون مسرحية هزلية في القضاء، عندما أوقف مجلس شورى الدولة تنفيذ تعميم البنك المركزي الرقم 151، فعمد رياض سلامة إلى تخيير القضاء والمودعين، بين أن يسحبوا دولاراتهم على سعر 1500 ليرة، أو القبول بتعميمه المخالف للقانون، والسحب على سعر 3900 ليرة للدولار، الذي يُنفّذ سلامة من خلاله، عملية الاقتطاع من الودائع، فتم إلغاء قرار مجلس شورى الدولة.
في البداية كان المستفيد من التعميم هي الدولة، بحيث فرض المركزي على البنوك الإفادة عن أي عملية سحب يقوم بها المودع وفقاً للتعميم، مقابل ان يقوم المركزي بتزويد البنك بالمبلغ المدفوع. أي انه في حال سحب مودع مبلغ الف دولار فكان يتم اعطاءه 3,900 الف ليرة، ويُشطب من حسابه لدى البنك مبلغ الف دولار، ثم يقوم المركزي بشطب نفس المبلغ من حساب البنك لديه. وبعد التعديل الأخير أصبح المبلغ (8 آلاف ليرة للدولار).
لكن لاحقاً أصبحت بعض البنوك تدفع للمودعين من دولاراتها الخاصة، دون أن تفيد البنك المركزي عن تلك العمليات، وتستفيد هي من نسبة التخفيض الحاصلة في حساب المودع. فلو سحب المودع خلال سنة 12 الف دولار، يعني انه تقاضى حوالي 4000 دولار فقط، فيما يتم شطب مبلغ 12 الف دولار من حسابه لدى البنك.
هل يحاول سلامة رشوة النواب والقضاة؟؟؟
كشفت عدة مصادر مؤخراً عن عمليات خداع، هي بمثابة رشاوى يقدّمها سلامة وأصحاب البنوك للسياسيين والنافذين وكبار التجار وموظفي المصارف، بحيث يتم تحويل رواتبهم (كلها أو قسم منها حسب أهمية الموظف) إلى الدولار وفق السعر الرسمي (1500 ليرة)، ثم يتم سحبها وفقاً للتعميم 151 . ولقد كشف أحد النواب في حديث تلفزيوني أنه يحول راتبه (البالغ 11 مليون ليرة تقريباً) إلى دولار فيصبح في حسابه 7 آلاف دولار، ثم يعاود سحبه على سعر 8 آلاف، وهكذا يتقاضى شهرياً مبلغ 56 مليون ليرة، وهذا ينطبق أيضاً على موظفي المصارف طبعاً. في حين تمنع البنوك المودعين من سحب أكثر من الف دولار شهرياً من أموالهم الخاصة، والتي تحتجزها البنوك بحجة الأزمة الاقتصادية والمالية !!!.
وهذا الأمر يُكرّره سلامة لخدمة عدد كبير من التجار والشركات والسياسيين وكبار الموظفين في الدولة، ولقد ذكرت وسائل الإعلام أنه حوّل مؤخراً مبلغ 60 مليار ليرة في صندوق القضاة إلى دولار، وفقاً لسعر الصرف الرسمي، ليصبح في حساب الصندوق 40 مليون دولار. وهنا السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا يفعل سلامة ذلك بالنسبة لأموال صندوق الضمان الاجتماعي، وصناديق تعاضد العسكريين، وصناديق نقابات المحامين والأطباء وغيرهم؟؟؟
كل هذه العمليات التي تقوم المصارف بتنفيذها، بإرشاد وموافقة من حاكم البنك المركزي، هي بمثابة سرقة موصوفة لأموال المودعين، وربما هذا هو السبب الحقيقي في تستّر بعض النواب والسياسيين والقضاة عن تصرفات رياض سلامة ومخالفاته للقانون. وبالطبع هذه هي أسباب تمسُّك سلامة بسعر الصرف الرّسمي 1500 ليرة للدولار.