#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
بعدَ جوجلةِ الجولةِ الثانيةِ من اقتراعِ المغتربينَ،
وباستثناءِ النسبةِ المرتفعةِ في دولةِ الإماراتِ العربيةِ المتحدةِ، والتي تجاوزتْ الـ70%،
فالنسبةُ في البلدانِ العربيةِ الأخرى وأوروبا وأميركا دارتْ حولَ 55- 60%.
وبهذا، هي تُقاربُ نسبةَ الاقتراعِ في الجولةِ الأولى، يومَ الجمعةِ الفائتِ، والتي ناهزتْ 59%.
إذاً... لم تقعْ الصدمةُ التي راهنتْ عليها أحزابُ المعارضةِ وتشكيلاتُ المجتمعِ المدنيِّ والثورةُ.
ولم يتحقَّقْ طموحُ هذهِ القوى بتجاوزِ الـ75%، ما يؤثِّرُ بشكلٍ فاعلٍ على الدوائرِ الــ15.
ولكنْ، في المقابلِ، أحزابُ السلطةِ من جهتها ليستْ مرتاحةً تماماً.
فصحيحٌ أن نسبةَ المقترعينَ في بلدانِ الاغترابِ ليستْ مقلقةً لها، لكنَ العددَ تضاعفَ عمَّا كانَ في 2018، من 92 ألفاً إلى 244 ألفاً. وهذهِ الزيادةُ يُفترضُ أن تصبَّ في خانةِ المعارضةِ.
***
ما الذي حدثَ حتى جاءتْ نسبةُ الاقتراعِ دونَ سقفِ الـ60%، خلافاً للتوقعاتِ؟
العارفونَ يتحدثونَ عن 4 عواملَ أساسيةٍ كانت السببَ:
1- مصادفةُ الاستحقاقِ مع عطلةِ الفطرِ التي فضَّلَ الكثيرونَ قضاءها مع الأهلِ في لبنانَ، فيما كانتْ أسماؤهمْ مسجَّلةً في البلدانِ التي يُقيمونَ فيها.
2- قيامُ وزارةِ الخارجيةِ بتوزيعِ أقلامِ الاقتراعِ في أوروبا وأميركا، حيثُ خزانُ أصواتِ المعارضةِ، في شكلٍ يُربكُ الناخبينَ ويصعِّبُ عليهمْ التنقلَ. وهذا الأمرُ دفعَ "القواتِ اللبنانيةَ" إلى طرحِ الثقةِ بالوزيرِ، لكنَ النصابَ لم يكتملْ لعقدِ الجلسةِ.
3- دعوةُ الرئيسِ سعد الحريري إلى المقاطعةِ. وقد تبيَّنَ أن هذهِ الدعوةَ تركتْ تأثيرها لدى قسمٍ من ناخبي الطائفةِ السنِّيةِ، الأكبرِ عدداً في لبنان.
4- تشرذمُ أحزابِ المعارضةِ وتشكيلاتِ المجتمعِ المدنيِّ وخوضُها المعركةَ في لوائحَ متنافسةٍ، ما أضعفَ حظوظها جميعاً وأربَكَ الناخبينَ وأفقدهمْ الثقةَ في إمكانِ تحقيقِ الانتصارِ على قوى السلطةِ. وهو ما دفعَ بعضَهم إلى عدمِ المشاركةِ.
***
في ضوءِ هذهِ النتائجِ والقراءةِ، هل أدركَ معسكرُ المعارضةِ أيَّ خطأ ارتكبهُ بهذا التشرذمِ، بلْ الخطيئةِ؟
وهلْ أدركَ أنه غامَرَ بإهدارِ فرصةٍ ثمينةٍ جداً لإنقاذِ البلدِ من الطبقةِ التي أوصلتهُ إلى جهنَّمَ، وأن هذهِ الفرصةَ لن تتكرَّرَ قبلَ 4 سنواتٍ؟
في ما يتعلقُ بتشرذمِ اللوائحِ، فاتَ القطارُ وما كُتبَ قد كُتِبَ…
ولكن، هل في إمكانِ المعارضةِ أن تتداركَ الفجواتِ الأخرى، في الأيامِ الــ5 الباقيةِ قبلَ 15 أيار؟
على الأقلِ، يمكنُ الاستفادةُ من الدرسِ للاستنفارِ ورفعِ نسبةِ الاقتراعِ في انتخاباتِ الأحدِ المقبلِ، إلى الحدِّ الأقصى…
وعلى الأقلِ، يمكنُ استمالةُ عددٍ أكبرَ من الناخبينَ السنَّةِ المقاطعينَ بتأثيرٍ من تيارِ "المستقبلِ"…
وعلى الأقلِ، يمكنُ لبعضِ اللوائحِ أن يتخلَّى عن الأنانيةِ وينسحبَ لمصلحةِ لوائحَ أخرى أوفرَ حظّاً… كما فعلتْ "بيروت مدينتي"، ما دامَ الجميعُ تقريباً سيخسرونَ في النهايةِ!
المهمُّ أن نتعلَّمَ من العِبَرِ، ولا نعيدَ الأخطاءَ إلى ما لا نهايةٍ…
والمهمُّ أن نتعلَّمَ أن إنقاذَ وطنٍ ودولةٍ هو عملُ المناضلينَ المحترفينَ والمستعدينَ للتضحيةِ،
لا عملَ الهواةِ والأنانيينَ...