#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
انشغلَ يومُ السبتِ بمتابعةِ الاخبارِ الواردة من عكار التي كانتْ تتحضَّرُ لجولةِ النائب جبران باسيل الانتخابيةِ.
ناسٌ مع الزيارةِ، وناسٌ ضدَّ الزيارةِ، واجراءاتٌ امنيةٌ واخبارٌ متلاحقةٌ عبرَ وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ عن توتُّرٍ من هنا، وحادثةٍ من هناك لمنعِ الزيارةِ...
بغضِّ النظرِ عن توقيتِ الزيارةِ، وعن حريةِ ايِّ مرشحٍ في زيارةِ ايِّ منطقةٍ انتخابيةٍ، فأن ما يجري يفتحُ النقاش ايضاً حولَ حريةِ العملِ الانتخابيِّ، وحريةِ النائبِ، وحريةِ الترشُّحِ، خصوصاً بعدَ سلسلةِ الانسحاباتِ التي جرتْ جنوباً وبشكلٍ فاقعٍ ونافرٍ في بعلبك – الهرمل، بشكلٍ هدَّدَ بفرطِ اللائحةِ لتي انضمَ اليها مرشحُ القواتِ اللبنانيةِ انطوان حبشي.
***
ما جرى في عكار وإن اضاءَ على حريةِ الانتخاباتِ، فقد اضاءَ على امرينِ آخرينِ ايضاً:
اولاً:
يُتْمُ هذهِ المنطقةِ الغاليةِ على لبنانَ واللبنانيينَ بعدَ غيابٍ قسريٍّ لدولةِ الرئيسِ عصام فارس عنها منذُ عدةِ سنواتٍ،
والامرُ الثاني:
حجمُ التخلي والاهمالِ الذي تعيشهُ هذهِ المنطقةُ بعدَ سنواتٍ طويلةٍ اعطى فيها الرئيس عصام فارس من قلبهِ وعقلهِ وتعبهِ وسهرهِ وجنى عمرهِ ومؤسساتهِ في العالمِ.
هذا الكبيرُ الذي لم يلوِّثْ يديه في صفقةِ فسادٍ في البلدِ، واعطى الناسَ والبلدَ ولم يأخذْ ما يستحقُ امثالهُ في لبنان...
كمْ نفتقدُ هذا العصاميَّ الكبيرَ اليومَ وهو في غربتهِ خارجَ لبنان،
يتحسَّرُ ألماً وتدمعُ عيناهُ كلما رأى وسمعَ ما يدورُ في لبنان وما يجري في عكار وماذا يحلُّ بالمؤسساتِ،
التي عرفها مؤسَّسةً مؤسَّسةً وتفصيلاً دقيقاً مع ترؤسهِ للجانٍ وزاريةٍ عديدةٍ درستْ التشريعاتَ والقوانينَ والانظمةَ وحلَّتْ مكانَ وزاراتٍ وحكوماتٍ...
عرفَ دولةُ الرئيس عصام فارس كيفَ يعطي قيمةً ووزناً لموقعِ نائبِ رئيسِ الحكومةِ، وكيفَ يفرضُ هذا الموقعَ على عمليةِ المشاركةِ في صنعِ القرارِ في الدولةِ، والمراقبةِ والمساءلةِ والمحاسبةِ..
أينَ نحنُ اليومَ من هذا الموقعِ ومن هذا الدورِ الذي عادَ ليتحوَّلَ "عملية ديكور"، بعدما كانَ مع عصام فارس موقعاً للمشاركةِ في الحكمِ، ولرسمِ السياساتِ..
***
في زمنِ "القحطِ" نتذكَّرُ الكبارَ... وفي زمنِ التوتُّرِ والفقرِ في لبنانَ وفي عكار تحديداً، نتذكَّرُ صديقَ العمرِ عصام فارس الذي كانَ وفي مثلِ هذهِ الايامِ زمنَ الفصحِ الشرقيِّ، فاتحاً البيوتَ والكنائسَ لقرعِ الاجراسِ وللفرحِ وللاعيادِ الحقيقيةِ، وللعطاءاتِ للناسِ...
هذهِ العطاءاتُ التي لم تميِّزْ بين مسيحيٍّ ومسلمٍ، وبينَ منطقة ومنطقةٍ، وبينَ قريةٍ وقريةٍ، هذا الكبيرُ بعصاميتهِ واخلاقهِ ووطنيتهِ وعزَّةِ نفسهِ وكرمهِ وحكمتهِ، تفتقدُ إليهِ عكارُ اليومَ، ويفتقدُ إليهِ لبنانُ .
قيلَ لي انه يصعبُ على عصام فارس متابعةُ اخبارِ لبنانَ وهو المُدمنُ عليها منذُ سنواتٍ حتى ولو في الغربةِ.
وهو كلما استرقَ السمعَ والنظرَ يقفلُ التلفزيونَ متأثراً لما آلتْ اليهِ الاوضاعُ...
هذا الكبيرُ من بلادي الذي طافَ العالمَ حاملاً قضيةَ بلادهِ، من البيتِ الابيضِ الى موسكو الى منبرِ الاممِ المتحدةِ،
يصعبُ عليهِ ان يرى بأمِّ العينِ وطناً يدمَّرُ وشعباً يفلِسُ ومؤسساتٍ تنهارُ، وناساً تموتُ على ابوابِ المستشفياتِ ولا تملكُ ثمنَ الرغيفِ والدواءِ...
والاسوأُ توتُّراتٌ في مناطقَ كانَ يعيشُ فيها الوئامُ والسلامُ والمحبةُ والتعايشُ الحقيقيُّ، وكانَ عصام فارس اصدقَ رسولٍ لها من عكارَ الى العالمِ...
في الزمنِ الصَّعبِ وزمنِ الصغارِ، نشتاقُ الى الكبارِ، ولعلَّ عصام فارس اكثرُ الكبارِ وطنيةً وفاءً وعزَّةً وعطاءً وحكمةً..
حفظهُ اللهُ، واطالَ عمرهُ، ولْيحمِ اللهُ لبنانَ من الآتي الاعظمِ!