#الثائر
- " فادي غانم "
انفجر الرئيس نجيب ميقاتي غاضباً من الانتقادات المجحفة الموجّهة لحكومته، بعد كل ما أنجزته؛ من خطة اقتصادية مالية شاملة للانقاذ، وتأمين الكهرباء ٢٤/٢٤، وخفض واستقرار لسعر صرف الدولار، وتقديم مشروع قانون كابيتال كونترول من أكثر من صفحتين كاملتين، يتضمن تضحيته بأن يرأس بنفسه لجنة انقاذ المصارف وشطب الودائع، وكل ذلك مضافاً إلى ترفّعه عن خوض الانتخابات النيابية المقبلة، فاسحاً المجال لغيره من الشباب، لتولي وظيفة نيابية تدر ذهباً.
كل هذه التضحيات وغيرها لم يرها البعض، فخبط رئيس الحكومة يده على الطاولة في جلسة مجلس النواب الأخيرة، وطلب التصويت على الثقة بحكومته. تحدّى ميقاتي المجلس النيابي أن يسقط الحكومة قبل شهر ونصف من موعد الانتخابات النيابية، التي وإن حصلت، ستصبح بعدها حكومته حكومة تصريف أعمال.
يبدو أن الشعب اللبناني لا يُقدّر تضحيات المسؤولين وسهرهم الليالي، ولا يعلم كيف وأين يسهرون على مصالحه، ومستقبل أولادهم، ولا يشعر بثقل المهمة الملقاة على عاتقهم.
افتتحت الحكومة عهدها بإنجاز قطع علاقات لبنان مع دول الخليج العربي، وكادت أن تُدخل البلد في أزمة مع روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا، أما في الملفات الداخلية فكل الأمور على خير ما يرام، فقط بعض المناكفات المعتادة بين أهل الحكم، التي لا تؤثر على تحليق الأسعار ورفرفات الدولار وفق مصير حاكم المركزي، الذي انجزت الحكومة أيضاً تأجيل جلسة الاستماع اليه حتى حزيران المقبل، تبعا لمقولة: لحزيران (يا بيموت الملك يا بيموت القاضي يا بيموت ....) .
ولكن الوعود بالإنجازات لا تتوقف ولن تتوقف، وها هو رئيس الحكومة عدّل قانون الكابيتال كونترول بزيادة عضوين على اللجنة، وسيتولى تعيينهم بنفسه، ورئيس البلاد وعد ان يكشف كل الفاسدين قبل أن يترك القصر ولو بلحظة واحدة، مردداً مع ابي العلاء المعري
"إني وإن كنت الأخير زمانه
لآتٍ بما لم يستطعه الأوائل."
أما ثوار تشرين فتركوا حفلات الغناء في وسط العاصمة، وسلموا مهمة التغيير وبناء الدولة لابطال التخريب والتكسير وحرق الدواليب، الذين جفت على ما يبدو اجورهم، بعد أن أنجزوا المطلوب منهم في إعادة "كلن يعني كلن" الى الساحة، وحصن البرلمان الصامد في وجه أي تحقيق أو تفجير أو مرفأ أو نيترات أو اختلاس او تهرّب وتهريب أو مساءلة أو حتى سؤال.
سنوات من العمل، قضاها قسم كبير من اللبنانيين، شدوا الأحزمة مِراراً، وادخروا بعض المال، لتعليم أولادهم وتأمين حياة لائقة في نهاية العمر، ووثقوا بالقانون والدولة والمصارف، ليستفيقوا الآن على حجز لأموالهم وتهديد بمصادرتها، من قبل لجنة أشبه بلجنة الفرامانات والأحكام العرفية أيام الحكم العثماني للبنان.
وهذا سيتم طبعاً دون المس بمن هرّب أمواله إلى الخارج، من مسؤولين وأصحاب مصارف ومتمولين كبار، فالشعب الفقير وحده المسؤول،
نعم فهو وحده المسؤول، طالما قبل ويقبل بهم حكاماً، وسيجدد لهم الولاية في الشهر القادم وإلى ما شاء الله.