#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
تبدو حركةُ تقديمِ الترشيحاتِ للانتخاباتِ النيابيةِ باردةً حتى الساعةِ، مَن دونِ معرفةِ الاسبابِ.
المرشحونَ المعلنونَ كثرٌ لدرجةٍ تضيقُ بهم وسائلُ الاعلامِ والمنصَّاتِ، فيما رسمياً لم يتعدَّ الرقمُ العشرينَ...
هل يخشى المرشَّحونَ تطييرَ الانتخاباتِ، علماً انهُ لم يتبقَّ من المهلةِ الاَّ اربعةَ عشرَ يوماً.
أم ان عدمَ وجودِ مرشحينَ جديينَ، على لوائحَ جديةٍ يدفعُ بكثرٍ الى عدمِ تقديمِ الترشيحاتِ، خشيةَ عدمِ إستردادِ مبلغِ الثلاثينَ مليونَ ليرةٍ ...
***
في الانتظارِ، لا صوتَ يعلو فوقَ همومِ الناسِ الذينَ صارتْ آخرَ همومِهمْ الانتخاباتُ التي تبدو مسرحيةً كبيرةً،
خصوصاً عندما ترى بأمِ العينِ، كيفَ الذينَ كانوا بالامسِ القريبِ يشتمونَ بعضهم البعضَ، ويتبادلونَ تهمَ الفسادِ، جاؤوا بسحرِ ساحرٍ وقدرةِ كبيرٍ ليجتمعوا في لوائحَ واحدةٍ.
فكيفَ اجتمعَ تحتَ سقفٍ واحدٍ حزبُ اللهِ وامل والتيار الوطني الحر والقومي والبعثي،
وهم كانوا يتصارعونَ حولَ مَن اطاحَ بخططِ الاصلاحِ، ومَن هو فاسدٌ اكثرَ، ومَن هو صالحٌ اكثرَ...
كيفَ ينتخبُ الناسُ هؤلاءِ، ووفقَ ايِّ برنامجٍ، وتبعاً لأيةِ حساباتٍ؟
الناسُ الموجوعةُ، الناسُ المنهارةُ،
الناسُ الذينَ سُرقتْ ودائعهمْ، وطارتْ احلامهمْ، ودُمِّرتْ مدينتهمْ،
كيفَ سيعطون مَن في السلطةِ، او مَن همْ السلطةُ، صكوكَ براءةٍ لاربعِ سنواتٍ الى الامامِ وابراءَ ذممٍ؟
الناسُ في وادٍ وجماعةُ السلطةِ في وادٍ اخرَ...
***
جاءَ وفدُ صندوقِ النقدِ الدوليِّ، الى بيروت مستعجلاً خطَّةَ التعافي التي صُدِمَ الوفدُ،
أن فيها الكثيرَ من الخداعِ، معطياً مهلةَ اسابيعَ حتى آخرِ نيسان للتوقيعِ.
فإذا كانتْ السلطةُ تمكنتْ من خداعِ اللبنانيينَ، فهلْ ستتمكنُ من خداعِ المجتمعِ الدوليِّ، الذي تعبَ من لبنانَ، وآخرُ همومهِ متابعةُ اوضاعِ اللبنانيينَ، وفسادِ حُكامهمْ، وصارَ شعارهُ:
فليقلِّعوا اشواكَهمْ بأيديهمْ...
نحنُ متروكونَ... نحنُ شعبٌ متروكٌ للقهرِ وللذلِّ، ولمزاجيةِ المسؤولينَ، ولمزاجيةِ المصارفِ، ولمزاجيةِ اصحابِ المولِّداتِ، ولمزاجيةِ اصحابِ سيترنات المياهِ، ولموردي الانترنتْ، ولشركاتِ التأمينِ ولاصحابِ الصيدلياتِ...
الجميعُ يفشُّ خُلقَهُ بالشعبِ المسكينِ، ويزيدُ في الطينِ بلَّةً، عجزُ الضمانِ عن تلبيةِ المرضى في المستشفياتِ، فيتركُ الناسَ والمرضى لاقدارهمْ عاجزينَ عن دفعِ ملايينِ الليراتِ فروقاتِ الضمانِ العاجزِ عن دفعِ اصغرِ فاتورةٍ ...
***
هل انتبهَ احدٌ من المسؤولينَ ان كلفةَ علاجِ مريضِ سرطانٍ، توقفتْ وزارةُ الصحةِ عن تغطيتهِ، والضمانُ الاجتماعيُّ يدفعُ فلسَ الارملةِ منهُ، والدواءُ يناهزُ الستةَ الافِ دولارٍ؟
أليستْ هذهِ مجزرةً بحقِّ المرضى ومرضى السرطانِ تحديداً؟
إذا اصيبَ عجوزٌ اليومَ ووقعَ ارضاً وكسر وركاً ،هل تُدركونَ ثمنَ "الوركِ" الاصطناعيِّ؟
هل سألَ احدٌ من المسؤولينَ اللاهثينَ وراءَ الكراسي والانتخاباتِ، مَن أينَ تُموِّلُ عائلةُ هذا العجوزِ العمليةَ، والجهازَ والاستشفاءَ؟
هذا مثلٌ من كوارثَ تحصلُ كلَّ لحظةٍ في لبنانَ ...
بينما مَن يُمسكونَ السلطةَ يَغرقونَ في تفاهاتهمْ، ومَن يديرُ البلادَ حقيقةً، قادرٌ على جمعِ المتباعدينَ والمتخاصمينَ،
ولكنهم مجتمعونَ على "ذلِّ الناسِ"!