#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
العالمُ الذي صارَ "قريةً كونيَّةً صغيرةً"، كما توقَّعَ العالِمُ الكنديُّ مارشال ماكلوهن ذاتَ يومٍ، يعيشُ الآنَ لحظاتٍ صعبةً من حبسِ الأنفاسِ:
هلْ تندلعُ الحربُ في أوكرانيا؟ وهل تكونُ شرارةً لحربٍ عالميةٍ ثالثةٍ؟
الجميعُ يأملونَ ألاَّ ينزلقوا إلى مغامرةٍ لنْ يخرجَ منها أحدٌ سالماً…
قد يتمكنُ الروسُ من اجتياحِ أوكرانيا بسهولةٍ، لكنهمْ سيَقعونَ في مواجهةٍ تُدمِّرهمْ اقتصادياً وتَعزلهمْ سياسياً.
قد يقومُ الصينيونَ بخطواتٍ مفاجئةٍ لتنفيسِ الضغطِ عن حلفائهمْ وإشغالِ الأميركيين.
قد يفعلُ الصينيونَ بتايوان، ما يفعلهُ الروسُ بأوكرانيا، وتتعقَّدُ المواجهاتُ...
إذا انقطعتْ إمداداتُ الغازِ الروسيِّ عن الأوروبيينَ، فسيُعانونَ نقصاً خطيراً، يقاربُ الـ40%، في ذروةِ الصقيعِ.
سيردُّ الأوروبيونَ، ولن يسمحَ الأميركيونَ بتدفُّقِ الغازِ عبرَ "نورد ستريم 2” إلى المانيا لتعويضِ النقصِ…
والأهمُ، بالنسبةِ إلينا نحنُ العربُ، أن الأميركيينَ والأوروبيينَ سيطلبونَ الدعمَ بالغازِ العربيِّ لسدِّ الثغرةِ،
فهلْ سيردُّ الروسُ على العربِ في هذهِ الحالِ؟ وهلْ تدخلُ منطقَتنا أيضاً خريطةَ النزاعِ؟
إنها كارثةٌ يصعبُ تَحمُّلها… ونصلِّي لينتهيَ حبسُ الأنفاسِ عالمياً على خيرٍ…
***
ولكنْ، ماذا عن حبسِ الأنفاسِ داخلياً، والذي لا نتوقعُ منهُ الخيرَ مع الأسفِ، لأنهُ من صُنعِ "شياطينِ الفسادِ"؟
حَبسُ أنفاسٍ في مشروعِ الموازنةِ الممسوخِ، والمُحوَّلِ والمُهرَّبِ، كأموالنا؟
ماذا سيحلُّ بهِ، في أيدي فلاسفةِ اللجانِ داخلَ المجلسِ؟ وهل سيمرُّ برسومهِ الإجراميةِ بحقِّ شعبنا؟
حبسُ أنفاسٍ في ملفِّ حاكمِ المركزيِّ الذي يطلبونهُ للقضاءِ… ولكنْ عبثاً، لأنهُ مدعومٌ!
حبسُ أنفاسٍ في ملفِ الكهرباءِ الذي فلَّسَ الدولةَ، وما زالَ...
والأهضمُ، أن وزيرَ الطاقةِ قدَّمَ للحكومةِ تقريرَ السلفِ، جبران باسيل نفسهِ، ولكنْ بالإنكليزيةِ… ولم يفهمهُ معظمُ الوزراءِ!
الظاهرُ أن مشكلةَ الكهرباءِ عندنا لا تحتاجُ إلى مهندسين، بل إلى مترجمينَ، فاقتضى الإيضاحُ!
***
بل، ماذا عن حبسِ الأنفاسِ في ملفِ الناقورةِ، حيثُ يستحقُّ العميدُ ياسين وأعضاءُ الوفدِ كلَّ التحيةِ على مواقفهمْ الوطنيةِ،
وماذا عن حبسِ الأنفاسِ في ملفِ المرفأِ الذي يدخلُ أدراجَ النسيانِ؟
وماذا عن حبسِ الأنفاسِ في دوائرِ الدولةِ التي تشلُّها الإضراباتُ والاعتكافاتُ؟
فهلْ من بلدٍ يعيشُ بإداراتٍ لا كهرباءَ فيها ولا إنترنتْ ولا ماكيناتَ تصويرٍ ولا حتى ورقةً بيضاءَ؟
وهلْ من بلدٍ دوائرهُ العدليةُ ونياباتهُ العامةُ معطَّلةٌ تماماً، والمُساعدونَ القضائيونَ مُعتكفونْ؟
***
بالفعلِ، نحنُ دخلنا مرحلةَ "قَطعِ الأنفاسِ"، ومنظومةُ الفسادِ إياها ستحاولُ تكريسها لأشهرٍ وسنواتٍ مقبلةٍ.
ولكنْ، لنْ يسمحَ شعبنا بهذهِ المؤامرةِ، وسيقولُ كلمتهُ في الانتخاباتِ، إن حصلتْ...
في أيار، سيقولُ شعبنا: لا، وكفى… ولنْ نُضيِّعَ فرصةَ التحرُّرِ والإنقاذِ، مرَّةً أخرى!
سيقولُ: نعم لمرشحي الدمِ الجديدِ، نعم للوائحِ الأوادمِ والأكفياءِ وحاملي برامجِ الإنقاذِ...
أيارُ هو فرصتنا لاستعادةِ الأنفاسِ… فلا تضيِّعوا الفرصةَ يا شعبنا الأصيلَ، لأنها لن تتكرَّرَ!