#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
من قلبِ الظلمةِ، ومن عمقِ هذا الوادي السحيقِ، نُطِلُّ عليكم يا أهلنا وأحباءنا في الوطنِ ونقولُ: ميلاداً مجيداً،
فليحملْ طفلُ المغارةِ إليكم،يا كلَّ المعذَّبينَ الصَّابرينَ الصَّامدينَ، رجاءً بأيامٍ مُضاءةٍ بالفرحِ والحبِّ والخيرِ والأمانِ.
ولتغمرْ روحُ الميلادِ بيوتنا جميعاً،
من أقصى لبنانَ إلى أقصاهُ…
يا أهلنا الطيِّبينَ الودعاءَ،
يا أهلنا الذينَ أنتمْ جميعاً أهلُ العيدِ، وبلا استثناءٍ،
فالمحبةُ لا تستثني أحداً ولا تكونُ حُكراً لأحدٍ...
ولتضِيىء شجرةُ الميلادِ بيوتكم، وتُشْرِّعْ نوافذكم لكلِّ خيرٍ وإخاءٍ وسلامٍ،
في لبنانَ وطنِ الخيرِ والإخاءِ والسلامِ…
***
"ليلةَ الميلاد، يُمَّحى البغضُ،
ليلةَ الميلاد، تُزْهِرُ الأرضُ..."
في مثلِ هذهِ الليلةِ اعتدنا أن نقولها، ومِن عميقِ وجداننا، لأننا أبناءُ السلامِ والمحبةِ والرجاءِ،
وكلنا إيمانٌ بأن شعبنا المليءَ عزَّةً وكرامةً،
سيحتضنُ العيدَ الهاربَ، مهما كانَ الثمنُ، وسيُعيِّدُ بكلِّ ما أوتيَ من إيمانٍ وأملٍ، وأياً كانتْ التحدياتُ وصروفُ الدَّهرِ والقهرِ.
ونحنُ، وكما اعتدنا أن نُعيِّدَ مع الآباءِ والأمهاتِ والذينَ سبقونا،
سنعيِّدُ اليومَ أيضاً، يغمرنا الايمانُ بولادةِ المخلِّصِ،
وبولادةِ الوطنِ الذي سينتصرُ على الظلمِ والظلمةِ.
***
نعم، التحدياتُ قاسيةٌ...
نعم، كثيرٌ جداً من الأمهاتِ والآباءِ يعيِّدونَ اليومَ وفي القلوبِ غصَّةٌ، لأنَ القهرَ دفعَ بأولادهمْ إلى الغربةِ القسريةِ،
نعم، كثيرٌ جداً من أولادنا سيدمعونَ لأنهم لن يغمرونا ويطبعوا القبلةَ على الجبينِ ويقولوا: وُلِدَ المسيحُ، هللويا!
نعم، يعتصرُ القلبُ ألماً حينَ نفكِّرُ بهذا الفراغِ الكبيرِ الذي يتوثَّبُ كالوحشِ على البلدِ وأبنائهِ؟
ولكنْ، نحنُ مؤمنونْ، وقد علَّمَنا التاريخُ أموراً ترافقنا، وسترافقنا مدى الدهرِ، ومهما تقلبتْ الأيامُ...
لقد علَّمنا التاريخُ، وعلَّمتنا الحروبُ، ميزةً لا تقدَّرُ بثمنٍ، وهي الصُّمودُ...
ولولا هذا الصمودُ لكنَّا خسرنا بلدنا منذُ ثلاثينَ عاماً، وربما أربعينَ أو مئةً أو أكثرَ بكثيرٍ…
ولولا الصمودُ لكنا اليومَ كلُّنا مشردينَ في بلادِ الغربةِ، نبكي على أطلالِ وطنٍ ضائعٍ.
***
نعم، سنبقى. نحنُ هنا راسخونَ كموجِ البحرِ وكثلوجِ صنينَ وأرزِ المكملِ...
سنبقى راسخينَ كما العيدُ راسخٌ في قلوبنا، وكما الإيمانُ راسخٌ في الوجدانِ مدى الأيامِ والسنين...
وافرحوا بالأنوارِ الأبديةِ السرمديةِ،
بأنوارِ الحقِّ والحقيقةِ التي لا تُقهَرُ...
وإلى موعدنا المقبلُ يومَ الإثنينِ،
فليكنْ ميلادُنا حبَّةَ القمحِ التي تَنبتُ وتُزهِرُ،
وتُثمرُ حقولَ خيرٍ وبيادرَ محبةٍ…