#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
على وقع الدولار واللوتو، أصبحت الثورة في لبنان "إذا مش الخميس الإثنين" .
دعا ناشطون إلى ما أسموه "يوم غضب" الخميس المقبل، وكنا شهدنا منذ مدة يوم غضب نهار الأثنين، لكن المشهد كان حزيناً، فالشعب الغاضب اختفى، وبقي بضعة أشخاص يُشعلون الإطارات على الطرقات !!!!
البعض رضي ببرميل مازوت، وآخرون اقتنعوا بحصة غذائية، وهناك من ينتظر البطاقة التمويلية، عفواً «البطاقة الانتخابية». وأما الثورة فباتت ثورات، وتبدو كأنها عروس، خطابها كُثُر، ولكن لا أحد يريد الزواج بها.
هواة الثورة ومتسلّقوها، تسببوا بفشل انتفاضة شعب لبنان، وتسببوا بتخلّي وانكفاء الثوار الحقيقيين عنها، وهم سرقوا شعارات عمرها عشرات السنين، وتنكّروا لأصحاب الثورة الحقيقية، ورفعوا شعاراً بليداً "كلن يعني كلن" ، فأسقطوا الثورة في أنانيتهم، ومتاهة أحلامهم الساذجة بالوصول إلى مناصب وزارية ونيابية، وأطلّوا على الشاشات، فملأوا الجو صراخاً، وهم يدّعون تمثيل الشعب والثورة، ويهددون ويتوعدون، واعتقدوا أن بعض الأوهام تُصبح حقيقة، بمجرد أن يصدقها أصحابها.
راح عن بالهم أن الثورة تحتاج إلى تضحية، وليس إلى سباق نحو المناصب والبروز، ونسوا أن الثورة تحتاج إلى قيادة وتنظيم، وإلا ستسقط في أوحال الفوضى، وستضيع في دهاليز الأنانية والوصولية، وأن أهم ما في الثورة أن تكون عادلة ومُنصِفة، فتكرّم الشرفاء والوطنيين الذين عملوا لمصلحة الشعب وتبني على أمجادهم، وتحاسب وتحاكم الفاسدين الذين ظلموا وسرقوا وعاثوا فساداً في الوطن.
الخميس سيكون الجو ماطراً فلا تغضبوا حفظكم الله!!! إقبعوا في بيوتكم، تحلّقوا حول الموقد، إقرأوا الروايات الدون كيشوتية، وعندما تتوافر الأنترنت، تسلّوا على وسائل التواصل، وأحدِثوا ثورة!!! لا مهلاً!!! بدل الثورة أقيموا ثورات ، أقيموا ثورة فايسبوكية، وتويترية، وانستغرامية، وعلى فايبر، وسيغنل، وستايت، فكلها رهن إشارة أناملكم، أقيموا حرباً، أجلدوا أخصامكم وكلُّ من يعارضكم، علّقوا المشانق، فأنتم نموذجٌ يُحتذى به في الثورات، وإحداث التغيير، وبناء الأوطان . ولقد بات الشعب يشتاق لرؤيتكم، وأنتم تفيضون عبقرية وإرشاداً ووطنية على شاشة التلفاز، مع محاوِرتِكم اللطيفة، صاحبة العينين الجميلة، والشعر اللامع المنسدل على الاكتاف، والثياب المطرزة الأنيقة، والتي تنضح ثورة وثقافة، ومعكم تكتمل الصورة، لإنقاذ الوطن من محنته.
لا تغضبوا!!! لا الخميس ولا الإثنين ولا في أي يوم، فغضبكم مع غضب الطبيعة سيزلزل الأرض وما عليها. دعوا الغضب، والأفضل دعوا الثورة لأصحابها الحقيقيين .
نعم دعوا الثورة لثوار حقيقيين، يقدّمون أنفسهم في سبيل مصلحة الشعب والوطن، وليس أسياداً عليه، وطلاب حكم ومناصب ورئاسة.
دعوا الثورة لأصحابها الحقيقيين، فلبنان يحتاجهم اليوم ، وإلّا سينهار السقف على الجميع .
يُرجى الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية عند نسخ أي شيء من مضمون الخبر وضرورة ذكر اسم موقع «الثائر» الالكتروني وإرفاقه برابط الخبر تحت طائلة الملاحقة القانونية.