#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
منذُ سنواتٍ انطلقتْ حملةُ "طلعتْ ريحتكم" رداً على حالاتِ الفسادِ القائمةِ في البلدِ منذُ عقودٍ، واعتراضاً على تعاطي من يُديرُ البلدَ مع ملفِ النفاياتِ الذي للأسفِ كانَ وما زالَ وسيبقى حتى فترةٍ طويلةٍ، ملفاً مفتوحاً لنفاياتِ السياسةِ في البلدِ.
انطلقتْ الحملةُ لتقولَ للمنظومةِ الفاسدةِ:" خلصْ طلعتْ ريحتكم" تماماً كرائحةِ جبالِ النفاياتِ المنتشرةِ إينما كانَ ...
هل تتصوَّرونَ انه بعدَ اكثرِ من ستِ سنواتٍ لا يزالُ البلدُ يعيشُ الأزمةَ نفسها، إن في النفايات او مع المنظومةِ السياسيةِ التي تكرِّرُ نفسها...
***
عبثيٌّ جداً المشهدُ:
"النجيبُ العجيبُ" يجولُ في حاضرةِ الفاتيكان، حيث الرقيُّ والحضارةُ والنظافةُ والعراقةُ، فيما بلدهُ يغرقُ في النفاياتِ في الشوارعِ وفي الاوديةِ وفي البحارِ وفي المكَّباتِ...
"النجيبُ العجيبُ" يدورُ على نفسهِ في الداخلِ والخارجِ، والبلدُ كادَ يشهدُ امس انفجاراً في مطمرِ الناعمة مماثلاً لأنفجارِ مرفأِ بيروت... فقط لأنَ اعمالَ الصيانةِ توقفتْ في المطمرِ ولأنَ تنفيسَ الغازِ لم يتمَّ منذُ فترةٍ بسببِ غيابِ الكهرباءِ والصيانةِ، وكادَ الغازُ المدفونُ مع النفاياتِ في مطمرِ الناعمة ان ينفجرَ لولا تدخُّلُ الاعلامِ...
سارعَ وزيرِ البيئةِ الذي لا يكادُ ينجو من حرائقِ البلدِ الاسبوعَ الماضي، حتى انفجرَ بوجههِ امس ملفُ الناعمة... ولكن ماذا عن جبالِ النفاياتِ إينما كان؟
وماذا عن العقودِ مع الشركاتِ الملتزمةِ والتي تتملَّصُ شيئاً فشيئاً من هذهِ العقودِ، واغلبُ رعاةِ هذهِ العقودِ فُرضتْ عليهم وعلى اصولهم عقوباتٌ دوليةٌ واميركيةٌ تحديداً؟
***
المطامرُ التي أنشئتْ كيفما كانَ، وغمرتْ البحارَ بالجراثيمِ والنفاياتِ والاوبئةِ، امتلأتْ فيما لا حلَّ سريعاً لا بالمحارقِ ولا بالفرزِ ولا بالتدويرِ، فكيفَ سنتعاملُ في الايامِ المقبلةِ مع نفاياتنا وأينَ نذهبُ بها؟
عملياً... ندورُ في حلقةٍ مفرغةٍ ونقفُ فاقدي الرؤيةِ على جبلِ نفاياتِ البلدِ الذي كبَّرهُ بعضٌ من نفاياتِ العاملينَ في السياسةِ في لبنانَ...
هل يدركُ هؤلاءُ الى أينَ وصلَ الناسُ، وهل يدركُ هؤلاءُ ماذا يعني ان يكونَ الدولارُ تصاعدياً في السوقِ السوداءِ، وماذا يعني ان لا تكونَ هناكَ فراملُ لوقفِ الإنهيارِ...
لا يهمُّ الناسَ اليومَ من يُدقِّقُ بحساباتِ من، ومن يتحمَّلُ المسؤوليةَ... الناسُ تعرفُ من المسؤولُ، ومن قتلَ وهجَّرَ شعباً بكاملهِ.. الناسُ تريدُ ان تعرفَ ماذا ينتظرها في الغدِ وهي تعيشُ المجهولَ:
1- على صعيدِ الدواءِ الذي صارت الحبةُ منهُ تساوي نصفَ سعرِ صفيحةِ البنزين.
2- على صعيدِ التأمينِ الخاصِ الذي صارَ من الاجباريِّ دفعهُ بالفريش دولار.
3- على صعيدِ البنزين والمازوت، فالاسعارُ فالتةٌ طبقاً للاسعارِ العالميةِ والمفروضُ دفعها بالفريش دولار للمولداتِ الكهربائيةِ، وماذا لو طولبَ المواطنُ بدفعِ البنزين بالفريش دولار؟
4- على صعيدِ تعرفةِ الكهرباءِ التي قد ترتفعُ 13 مرةً طبقاً لمطالباتِ صندوقِ النقدِ الدوليِّ اعتباراً من اولِ السنةِ.
5 - على صعيدِ الدولارِ الجمركيِّ، الذي قد يصبحُ مع اول العامِ المقبلِ، تبعاً لسعرِ السوقِ السوداءِ... فماذا ستكونُ عليهِ اسعارُ الموادِ الاستهلاكيةِ، وهل بإمكانِ مواطنٍ اذا تعطَّلتْ "غسالتهُ" استبدالها بغسالةٍ جديدةٍ..
***
هذهِ امثلةٌ من عيِّناتِ الجحيمِ وكراة اللهبِ المتمدِّدةِ والمنتشرةِ في كلِّ انحاءِ الوطنِ الذي صارَ حبساً كبيراً وجهنماً دائماً.. ومكباً كاملاً للنفاياتِ والاوساخِ...
ماذا بقيَ من لبنانَ الجميلِ..؟ لا شيءَ...
بقيتْ النفاياتُ إينما كان ولعلَّ اخطرها بعضٌ من نفاياتِ السياسةِ.. ويبقى املنا الوحيدُ في الانتخاباتِ النيابيةِ إذا حصلتْ، فهل تنقذنا منهم؟