#الثائر
منذ عدة سنوات في مؤتمر للشباب طالب الرئيس عبد الفتاح السيسي المعنيين بضرورة انشاء قناة اخبارية تتحدث بلسان مصر وتخاطب الاخر حيث تتعرض مصر لهجوم اعلامي من قنوات معادية عديدة بالخارج انذاك.
وقامت الدنيا ولم تقعد بعد طلب الرئيس وانتهزها البعض فرصة لانتقاد الاداء الاخباري البطيء لاعلام ماسبيرو كالعادة في عدم ملاحقة الاحداث !
ثم هدأت الدنيا ونسيوا او تناسوا مطلب الرئيس!
ومنذ فترة حدثت تغييرات ادارية في الشركة المتحدة للاعلام وهي المكلفة - بشكل غير معلن - بالاشراف على الاعلام العمومي في النواحي المتعلقة بالتطوير تحديدا فضلا انها تمتلك أو تسيطر على معظم القنوات الفضائية الخاصة الكبيرة !
بعد تغيير الهيكل القيادي للشركة المذكورة اعلنت عما يشبه خارطة طريق اعلامية كان من بينها انشاء قناة اخبارية دولية تنطلق من مصر
ومرت الأيام وخيم الصمت من جديد وذهب الاقتراح الذي اعتبرناه تفعيلا لمطلب القيادة السياسية في طي النسيان !
وهذا يجعلنا نتساءل هل نحن فعلا في احتياج لإنشاء قناة إخبارية جديدة تليق بإسم مصر والمصريين ؟
في عام 1995 انشأت دولة قطر قناة اخبارية أسمتها الجزيرة وعهد لفريق كان يعمل في قناة ال BBC البريطانية بادارة القناة التي انتهجت طريقا مختلفا عن القنوات الاخبارية المشابهة في العالم العربي
ولم يكن هناك في هذا الوقت غير قناة النيل للاخبار في مصر واقسام الأخبار في تليفزيون أبو ظبي و شبكة MBC السعودية عندما كان مقرها لندن.
نقول قناة الجزيرة لم تكن تتناول الشأن القطري انما كانت عيونها على الآخر في الشرق الأوسط والعالم .
ونعتقد انها نجحت في مهمتها خاصة ابان الغزو الأمريكي لبغداد عام 2003 وتفوقت في تغطية احداث العراق على أعتى الشبكات الاخبارية الدولية مثل قناة CNN .
ولاحظنا ان عددا من الصحفيين المصريين يعملون في الجزيرة التي تعتمد على ضيوفها من مصر في شتى المجالات سواء في البرامج أو النشرات (مباشر أو مسجل ) وربما تساءل البعض منا أليس من باب أولى ان تنطلق من مصر قناة اخبارية على نفس المستوى أو اكثر ؟
إن مصر مع احترامنا لقطر هي قلب العالم العربي والشرق الأوسط ولديها الخبرات القادرة على صناعة المحتوى الجيد مع الشكل المبهر ولا يمكن نسيان ان مصر بعد قيام ثورة 52 اطلقت اذاعة صوت العرب وكانت أول اذاعة عربية ذات طابع قومي ولعبت دورا مؤثرا في بللورة دور الاعلام العربي في الخمسينات والستينات من القرن الماضي !
ومن ثم يصبح وجود قناة مرئية تكلف بالرسالة نفسها مع الأخذ في الإعتبار مستجدات الثورة الاتصالية في العالم يصبح امرا قابلا للتنفيذ وعليه يمكن ان تؤثر هذه القناة اقليميا ودوليا خاصة اذا خاطبت الاخر بلغته !
وهنا يقول قائل نحن فعلا لدينا قناتا النيل احدهما تبث الاخبار بالعربية والاخرى دولية باللغتين الانجليزية والفرنسية وارى انها حقيقة فعلا لكن اذا كان هذا دور كل منها اي
قناة أخبار تخاطب مصر والعالم لماذا تأتي المطالبة بانشاء قناة اخبارية جديدة ؟
الاجابة واضحة ان القناتين لم يتمكنا من تحقيق الرسالة المنوطة بهما وترجع الاسباب الى مايلي :
اولا القناتان جزء من نظام اداري بيروقراطي يسيطر عليه اداء الوظيفة الحكومية
ثانيا الخدمة الاخبارية مكلفة خاصة اذا كانت خارج الحدود وتحتاج لتمويل كبير ومستمر وهو غير ميسر في اعلام ماسبيرو الذي يعاني من تعثر مالي وديون وغير قادر على دفع مستحقات العاملين
ثالثا قناة النيل للاخبار لم تتحرر من النمط التقليدي في الاداء إلا في أضيق الحدود وكان يجب تحويلها منذ فترة الى شركة كما قيل من قبل
رغم انها تضم كفاءات صحفيه وفنية عالية المستوى وصدرت الكثير منها للعديد من القنوات
رابعا قناة النيل الدولية كانت قناة اخبارية عند بدايتها تحولت الى قناة عامة غير انها لا تصل اصلا الى متلقيها لاسباب تقنيه وهي ايضا تضم قيادات وكفاءات مهنية قادرة على ان تقدم خدمة اخبارية متميزة بلغة الاخر !
ونلاحظ ان القنوات الخاصة لا تحتمل ميزانيات الأخبار العالية ولا توجد في الاعلام الخاص بمصر سوى قناة اخبارية واحدة هي اكسترا نيوز وتراجعت قنوات اخرى مثل اون لايف وسي بي سي والنهار اخباريا بل عجزت شبكة قنوات دي ام سي عن إطلاق قناتها الاخبارية لاسباب اتصور انها مالية بالدرجة الأولى اذن أمام التكلفة العالية للاخبار والتي لا يقابلها مصدر تمويل مثل الاعلانات اصبح الانتاج في الأخبار محفوفا بالمخاطر لا يستطيع تحملها فرد أو شركة انما هو دور الدولة بالدرجة الأولى !
اذا كان الانتاج الدرامي والتغطيات الرياضية مجالات مغريه للقطاع الخاص لوجود الاعلان فإن الأخبار لا تمثل عنصر جذب له ورغم ذلك
خلاصة القول وجود قناة اخبارية دولية تنطلق من مصر تخاطب الاخر ضرورة لكنها تحتاج تمويلا ومساحة حرية تحكمها سياسة تحريرية واضحة ويمكن البناء على تجارب قناتي النيل للاخبار والنيل الدولية وقناة اكسترا نيوز الخاصة
والحل يتم انشاء شركة مصر الاخبارية بمشاركة الحكومة من خلال تخصيص جزء من صندوق تحيا مصر لهذا الغرض مع تشجيع رجال الاعمال والراسمالية الوطنية على المساهمة في دعم هذه الشركة التي تكون مسئولة عن انشاء شبكة قنوات مصر الاخبارية باللغات العربية والانجليزية والفرنسية !
تعتمد سياستها التحريرية على نقل صورة حقيقية لمصر الى ذهنية الاخر وتكون عينا لمصر في كل الاحداث الاقليمية والدولية الكبرى
و اتمنى ان تصل هذه الفكرة للرئيس عبد الفتاح السيسي الحريص الاول على توصيل عقل وفكر مصر للاخر .
إن قناة اخبارية مصرية ضرورة امن قومي بالدرجة الأولى ولكنها ايضا تعتبر تنويرا اعلاميا وهو مطلوب في مرحلة تواجه فيها مصر تحديات داخلية وخارجية!
ابراهيم الصياد
خبير اعلامي ومحلل سياسي