مقالات وأراء

رسائل جنبلاط

2021 تشرين الأول 31
مقالات وأراء

#الثائر

- " اكرم كمال سريوي "

رسائل بالجملة بعثها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في كلامه للجمعية العمومية للحزب التي انعقدت السبت في المدينة الكشفية في عين زحلتا.

رغم محاولات عدة أطراف داخلية، وبدعم خارجي معروف، كسر وليد جنبلاط وتهميش زعامته، وإعلانهم انتهاء دوره وأنه لم يعد «بيضة القبان» في السياسة اللبنانية، عادوا جميعاً من أعداء وأخصام وأصدقاء يرفعون له القبّعة، احتراماً لدوره الوطني المتوازن.

منذ بداية الأزمة كان هو الأشجع والأكرم بتقديماته، بين كافة المسؤولين اللبنانيين، في مواجهة الأزمة الصحية والمعيشية، والوقوف إلى جانب المستشفيات والمواطنين، كما كان الأكثر حكمة في تجنيب البلد الهزات والخضات، فقبض على عصى التوازنات من الوسط، وقدّم المصلحة الوطنية على مصالحه الخاصة، حاملاً راية التسوية وعدم إلغاء أحد، واعتماد الحوار سبيلاً لتسوية الخلافات. وهذا ما جعل السياسيين والكتاب والمراقبين من كل الأحزاب والتوجهات والطوائف والمذاهب اللبنانية، يكيلون له المديح في مطولات ومعلقات ضاهت المعلقات السبع.

يقول بوذا في كتابه : «لو حفظ المؤمن من الحكمة مقداراً مهولاً ولم يعمل بها، فمَثله كمَثل الراعي الذي يَعِدّ أغنام غيره».

لن نُعدد التوصيات والشعارات التي رفعها مؤتمر الجمعية العامة للحزب الاشتراكي، فهي بمعظمها وعلى أهميتها وجمالها ليست بجديدة، بل هي من صلب المبادئ التي قام عليها حزب كمال جنبلاط، والتزم بها هو طيلة حياته وحتى استشهاده. والآن تبقى العبرة في التنفيذ .

المهم هي الإشارات التي أرسلها وليد جنبلاط ؛

أولاً: رسالة حزبية داخلية، من خلال اقتصار الدعوة على الحزبيين الذين يتولّون مسؤوليات إدارية في الحزب، فهو لم يرغب بإقامة مهرجان شعبي لعرض العضلات، بل أراد أن يشدد على أهمية العمل التنظيمي داخل الحزب وتذكير الجميع بمسؤولياتهم وواجباتهم الحزبية.

ثانياً: رسالة الحفاظ على التنوع وتحية وفاء، عبر التذكير بالتنوع داخل الحزب والإصرار على ذلك، وتوجيه التحية إلى قيادات من مختلف المذاهب، ناضلت لسنوات في صفوف الحزب، وإن كان قد غاب أو اضمحلّ دورها في الفترة الأخيرة. وكذلك استذكار رفاق رحلوا عن هذه الحياة، لكنهم تركوا بصمتهم في تاريخ لبنان والحزب.

ثالثاً: رسالة إلى المزايدين عليه بالعروبة والثورة، فذكّر بدور الحزب، في الحفاظ على عروبة لبنان وقيادته للحركة الوطنية وتاريخه النضالي الذي لا يقبل بنسيانه أو سرقته من قبل من ينادون اليوم بشعارات الثورة، وهم أبعد ما يكون عن الثورة الوطنية الحقيقية، وتُديرهم بعض الماكينات لغايات خاصة مشبوهة وحاقدة، أفشلت الحراك الشعبي وشتت قواه.

رابعاً: رسالة إلى الذين يستسهلون الحرب ويريدون العودة إليها، فكان تركيزه على عبثية الحرب، والتصديق على مقولة غسان التويني بأنها كانت «حرب الآخرين على أرضنا» والتشديد على أهمية المصالحة الحقيقية، التي تم إرساؤها في الجبل مع البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير ويجب أن تشمل كل لبنان .

خامساً: رسالة إلى قوى التغيير، فألمح إلى صعوبة التغيير، واعترف بقوة القوى الرجعية المتمسّكة بالنظام الطائفي في لبنان، التي تمكّنت من إفشال خطة الحزب بالوصول إلى الدولة المدنية، باستخدامها اللغة الطائفية في الحرب والصراع، وتأثير المحيط العربي الرافض لفصل الدين عن الدولة، في مواجهة الخطاب العلماني الذي رفعته القوى التقدمية منذ عام ١٩٤٩ .

سادساً: رسالة إلى الداخل والخارج، عبر التذكير بموضوع المحكمة الدولية التي شكّلت نصراً معنوياً عام ٢٠٠٥، لكنها عكست في النهاية هشاشة النظام الدولي الغارق في سياسة المصالح والمساومات، فعجزت عن تحقيق العدالة وإحقاق الحق، ووقفت عاجزة أمام الأنظمة الاستبدادية، والاحتلال في فلسطين.

سابعاً: لفتة لطيفة باتجاه روسيا، عن طريق استذكار الدور السوفياتي في دعم القوى الوطنية، وتقديمه المنح لتعليم الشباب اللبناني، ودور الحزب في مقاومة الاجتياح الإسرائيلي والدفاع عن بيروت.

ثامناً: التركيز على أهمية التسوية وعدم جدوى محاولات الكسر والإلغاء، فاستذكر معركة سوق الغرب التي فتحت الطريق أمام تسوية الطائف وإنهاء الحرب، واعداً بإقامة نصب تذكاري للشهداء، وأشار إلى عبثية حرب الإلغاء التي دارت رحاها بين فريقين مسيحيين.

تاسعاً: رسالة عتب إلى السفارات الصديقة، التي كانت كريمة على البعض وبخيلة على الحزب، الذي قدم ضمن أمكانياته وعبر مؤسساته ما أمكن من الدعم، لمواجهة الأزمة الصحية والمعيشية، وإذ اعتبر أنه من الضروري احترام الرأي الآخر، لكن أبدى انزعاجه من التجريح تلو التجريح، الذي جاء من بعض الرفاق الذين نكروا الجميل .

عاشراً: رسالة الحوار والوحدة الوطنية، إلى القوى المتخاصمة في لبنان والتي تسعى إلى شرذمة البلد وتقويض سلطة الدولة، عبر طرح مشاريع التقسيم والتسلّح، فركّز على أهمية بسط سلطة الدولة، مذكّراً بما تم الاتفاق عليه عام ٢٠٠٦ وأهمية إنهاء السجالات، وترسيم الحدود ودعم الجيش اللبناني وتوحيد إمرة السلاح .

قال أحد قُدامى القياديين الحزبين تعليقاً على المؤتمر : قد تكون خطوة جنبلاط اليوم بداية تغيير حقيقي داخل الحزب، للعودة إلى مرحلة التنظيم وتنشيط العمل الحزبي المؤسساتي والتوعوي، إذا استُتبِعت بورشة عمل حقيقية لتنفيذ ما أُعلِن عنه في هذا المؤتمر، وربما نشهد دوراً لكوادر شابة جديدة ، أو قد تكون ببساطة مجرد اجتماع دوري لشحذ الهمم والتعبئة قبل الانتخابات النيابية المقبلة، وتكراراً لشعارات قد تبقى عذرية، فيبقى القديم على قِدمه، فكل الأحزاب اللبنانية اجتاحها التمذهب، وبات يصعب عليها الخروج من شرنقة العشائرية والعائلية والمذهبية والمناطقية والزبائنية.

وبعض العناصر الممسكة داخل الحزب ، وكما في كل الأحزاب اللبنانية، يخشون ظهور أي كفاءة جديدة وهم متأهبون دائماً لمحاربتها وإبعادها، توقّياً للخطر الذي قد يهدد مناصبهم الرفيعة الموهومة، ولقد توقّف التاريخ لديهم عند فردانيتهم واستحالة وجود بديل عنهم، رغم أنهم قابعون في أريكة الأسترخاء، عاجزون عن الحركة، وتقديم أي جديد نافع لحزبهم أو للوطن، وهذه السلوكية داخل الأحزاب اللبنانية جعلتها تفشل في تحقيق برامجها، والأسوأ أن معظمها مرتبط بالزعيم دون وجود برامج أصلاً ، فالتيار الوطني الحر مثلاً طرح شعار الإصلاح والتغيير ، لكنه وخلال خمس سنوات من استلامه الحكم، لم يُنفّذ أي إصلاح يُذكر، والسبب طبعاً أنه لم يكن لديه برنامجاً متكاملاً ، وجل ما قدمه كان عبارة عن ردود أفعال، وانغماس في إرضاء وتوظيف المحازبين في الدولة، وهذا الأسلوب سبب ضرراً كبيراً للتيار وللوطن .

اخترنا لكم
عودةٌ إلى الوراءِ!
المزيد
هل نحن مقبلون على حرب شاملة؟
المزيد
خوفًا من الصراع... شركات طيران تعلّق رحلاتها إلى الشرق الأوسط
المزيد
"شُحنَت في صيف 2022".. شركة "البايجر" وهمية؟
المزيد
اخر الاخبار
"خطواتٌ جديدة" على الحدود!
المزيد
بزشكيان: ندعو إلى وحدة المسلمين لوقف المجازر الإسرائيلية
المزيد
تعليق للشركة اليابانية حول انفجارات أجهزة اللاسلكي
المزيد
الحزب ينعى مؤسّس قوة الرضوان ابراهيم عقيل وهيئة أركانها
المزيد
قرّاء الثائر يتصفّحون الآن
نصرالله يحضّر اللبنانيين "نفسياً": الموت في "الحرب" أشرف لكم!
المزيد
الفرنسيون واجهوا مسؤولينا: "انتهتِ اللعبةُ".. فماذا تفعلون؟
المزيد
وفد اوروبي في بيروت: الى جانب لبنان... عون: الانتخابات النيابية والرئاسية ستحصل...
المزيد
منظمة الصحة العالمية: قد لا يكون هناك حل لأزمة كوفيد19 إطلاقا
المزيد
« المزيد
الصحافة الخضراء
اتفاقية تعاون بين جمعيّتي "غدي" و"الملكية الاردنية لحماية الطبيعة" الناصر: حماية الطبيعة لا تعرف حدود، فهي مثل الطائر الذي يطير وينتقل من مكان إلى آخر غانم: نؤمن أن التعاون هو أرقى أشكال التطور
بيان للدفاع المدني بعد الانتهاء من عمليات إطفاء مطمر برج حمود
شكوى بجرائم بيئية ضد الدولة اللبنانية امام مجلس حقوق الانسان الدولي
محمية أرز الشوف في المنتدى الإقليمي للحفاظ على الطبيعة لدول غرب آسيا، هاني: نعمل مع شركائنا لزيادة المناطق المحمية
لجنة البيئة تواكب حريق المكب وتدعو لإقفال المطامر الشبيهة.. وياسين يعتذر
فياض: تنظيف مجاري الأنهر بمزايدات لتفادي الفيضانات وحماية البنى التحتية