#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
"فاسدونَ " قلناها عنكم، "مجرمونَ" قليلةٌ عليكمْ. و"عصابةٌ" تليقُ بكم . ولكنْ، ما تنبَّهنا إليهِ أخيراً هو أنكم أيضاً، وفوقَ كلِّ شيءٍ، "تْقال الدمّ" بِحقٍّ وحَقيقٍ.
مَن زمان، عندما كنَّا صغاراً، كانت تجذبنا سلسلةُ القصصِ الشهيرةِ،
للكاتبِ الفرنسيِّ موريس لوبلان، بعنوان "أرسين لوبين، اللص الظريف".
ألفُ رحمةٍ لروحكَ يا عزيزنا أرسين. نُخبركَ اليومَ أن الحاليينَ عندنا ليس فيهم شيءٌ من الظرافةِ أو خفَّةِ الدمِ…
إنهم "جاثمونَ" على قلوبِ الشعبِ اللبنانيِّ، وكلُّهم سماجةٌ و"تِقْل دمّ"!
وكلُّ ما نعيشهُ في هذا الزمنِ الرديءِ من تبخُّرِ الاموالِ، الى المازوتِ، البنزين، الكهرباء، تفكُّكِ اداراتِ الدولةِ ، الجوعُ، العوزِ، الفقرِ، مآسي الموتِ، أقلُّ ما نقولُ عنهُ كلهُ يعني كلهٌ "ثقل دم بثقل دم" من "الحاكمينَ المتحكِّمينَ" بنا.
***
في الزمنِ الماضي، كانت لنا زعاماتٌ ووجوهٌ من قماشةٍ أخرى.
ربما بعضُ هؤلاءِ لم يكونوا أتقياءَ قديسينَ، ولا أنقياءَ زاهدينَ. ولكنْ، كانت لكلٍّ منهم "كاريزما" يُحبُّها الناس، وعلى وجوهِهِمْ مسحةٌ من الظرافةِ التي تَدعو إلى التفاؤلِ على رغمِ كلِّ شيءٍ…
فهل ننسى مثلاً دهاءَ كميل شمعون وظرافةَ تعاطيهِ مع الأصدقاءِ والخصومِ، ومع الناسِ؟
أم ننسى ريمون أده العميدُ العنيدُ، اللطيفُ الظريفُ؟
أم ننسى المير مجيد ارسلان، او صبري حمادة بعفويتهِ الفطريةِ، واحمد بك الداعوق، أو بيار الجميل بأسلوبهِ المباشرِ، أو الشيخ بهيج تقي الدين وحبيب أبو شهلا، ام صانعي الاستقلال الخالدين رياض الصلح وبشارة الخوري، وصائب سلام صاحبَ الشعاراتِ "الصائبةِ" التي يحبها الجميعُ؟
وحتى في عالمِ الصحافةِ، هل ننسى سعيد فريحه الوطني صاحبَ الجعبةِ الجريءَ اللاذع، الذي كانت له "الكاريزما" المحبَّبةُ و"القفشةُ" التي ينتظرها الناسُ كلَّ صباحٍ؟
سقى الله أيامَ الزعامةِ والهضامةِ، وبئسَ أيامنا، أيامَ النحسِ والتعاسةِ في كلِّ شيءٍ…
للحقيقةِ وباستثناءِ وليد بيك ودولةُ الأستاذ وآخرين لا يتجاوزون بعددهم أصابع اليدين ، يُشهدُ لهم بخفَّةِ الدمِ،و"روحِ النكتة".
***
لقد أظهرتْ الفحوصاتُ المخبريةُ في لبنانَ أنواعاً مختلفةً من "تقل الدم"، بينَ أركانِ السلطةِ والسياسةِ الجالسينَ على قلوبنا والممسكينَ بـ"خوانيقنا".
هناكَ مَن هو "تقيل الدم"، "عَ التقيل". ويُقالُ إن ملياراتهِ تزيدُ من كثافةِ دمهِ إلى حدودٍ قياسيةٍ...
وهناكَ مَن هو "ثقيلُ الدمِ" "عَ الخفيف"، لأنه خسرَ ملياراتهِ وضربهُ الطفرُ في ظروفٍ غامضةٍ، كما يقولونَ،
وهناكَ "تقيل الدم"، "خِلقِة ربنا"، ولا يستطيعُ أن يتغيَّرَ ولو نتفَ شعرَ رأسهِ،
وهناكَ "تقيل الدم"، على النمطِ الأكاديميِّ، الذي يجرِّبُ الهضامةَ كلَّ يومٍ.. لكنهُ ليسَ موهوباً على الإطلاقِ، سبحانَ الله!
***
أيُّ ذنبٍ اقترفهُ شعبنا المعذَّبُ، حتى يستحقَّ العقابَ بمجموعةِ فاسدينَ، وليسَ بينهم واحدٌ يضحكُ وجهُهُ للرغيفِ السخنِ؟
وأساساً… بفضلهم لم يعُدْ في بيوتنا رغيفٌ… لا سخنٌ ولا باردٌ!
ربما يصحُّ القولُ في هؤلاءِ إن "وجوههم تَقطع الرزق".
فهل غريبٌ أن يتصحَّرَ البلدُ على أيديهم، وتجفُّ مواردهُ "عن بِكرة أبيها"، وتنقطعُ فيهِ الأرزاقُ والأعناقُ؟
ولكن، اعلموا أن النَّحسَ سينفكُّ عنَّا، يوماً،
لأنَ لا عذابَ بلا نهايةٍ، ولأنَ الخيرَ هو المنتصرُ دائماً، مهما تأخَّرَ.
وموعدنا ما عادَ بعيداً... قولوا ان شاء الله!