#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
تعلَّمنا من الحياةِ ان هناكَ جهنماً.. لم يعد احدٌ منها لنعرفَ ماذا فيها؟
الى ان بدأنا و "كرجنا" في وطننا لبنان نزولاً الى "جهنم"...
لنكتشفَ ان هناكَ "طبقاتٍ وطبقات".
كانَ المصطلحُ " جهنمُ الحمرا " محطَ كلامٍ لدى كثيرٍ من اللبنانيين حينَ كانوا يريدونَ ان يُعبِّروا عن أمرٍ سيِّئٍ وسلبيٍّ ، فيجيبونَ إذا سئلوا عن حياتهم او يومياتهم بالقول:
" والله نحنا عايشين بجهنم الحمرا " !
وكأنَ كلمةَ جهنَّمٍ وحدها لا تكفي فتضافُ إليها صفةُ " الحمرا" كدليلٍ على أن النيرانَ في جهنمٍ " مستعرةٌ وحمراءُ" .
***
اللبنانيُّ اليومَ في هذهِ المرحلةِ ، هو في قلبِ " طبقاتِ جهنمِ الحمرا" على كل المستوياتِ : طبياً ، صيدلانياً ، معيشياً، مالياً .
الأهلُ والمغتربونَ الآتونَ إلى لبنانَ ، لم يعودوا يحملونَ معهم الهدايا لأهلهم واقاربهم واصحابهم ، صارتْ الهدايا اصنافاً من الأدويةِ لم تعدْ موجودةً في الصيدلياتِ وإن كانَ التجارُ والوكلاءُ وبعضُ مصانعِ الادويةِ يحتجزونها من أجلِ الإفادةِ من فرقِ الأسعارِ .
هذهِ طبقةٌ.
يصلُ المغتربُ إلى منزلهِ فيتحوَّلُ المنزلُ إلى صيدليةٍ حيثُ يوزِّعُ مجاناً ما حملهُ معهُ ، ولو كانَ بإمكانه حملُ غالونات بنزين ومازوت لفعل لأن الأزمةَ لا تتوقفُ عند الأدويةِ بل هي تمدَّدتْ الى البنزين والمازوت حيثُ الطوابيرُ على المحطاتِ لم يشهدها لبنانُ في تاريخهِ حتى ايامَ الحربِ .
هذهِ طبقةٌ ثانيةٌ.
اليوم " ما في ضربة كف " لكن لا دواءَ ولا بنزين ومازوت ولا طحين وخبز ولا موادَ غذائيةً ، وإنْ وُجدَتْ فلفئةٍ معينةٍ من الناسِ ، وهذهِ الفئةُ يتقلَّصُ عددها بشكلٍ مريعٍ .
الطبقةُ الفقيرةُ تزدادُ فقراً . الطبقةُ المتوسطةُ لم تعدْ موجودةً وانزلقتْ إلى الطبقةِ الفقيرةِ ،
الطبقةُ الغنيةُ بدورها تراجعت كثيراً ، فالذينَ احتُجزَت اموالهم ،
افاقوا بينَ ليلةٍ وضُحاها وليسَ لديهم مالٌ ، ومثلهم مثلُ المغتربينَ وبعضِ الاخوانِ العرب الذين اودعوا مئاتِ ملايينِ الدولاراتِ في المصارفِ اللبنانيةِ ليكتشفوا انها لم تعدْ موجودةً .
وهذهِ طبقةٌ ثالثةٌ.
هكذا تساوى الفقيرُ ، الذي ازدادَ فقراً ، والمتوسطُ الذي اصبحَ فقيراً ، والغنيُّ الذي يملكُ ثروةً دفتريةً ، ولأن كلَّ شيءٍ في لبنانَ يُستورَدُ بالدولارِ ، ولا دولارَ إلا في السوقِ السوداءِ ، على 18 الفَ ليرةٍ ، فالوضعُ سيزدادُ سوءاً وجهنمُ ستزدادُ إحمراراً .
***
توقفوا عن الحديثِ عن حكوماتٍ جديدةٍ وانتخاباتٍ نيابيةٍ جديدةٍ ، فما نفعُ العلاجِ بعدَ وفاةِ المريضِ ؟
لبناننا وللأسفِ الشديدِ في مرحلةِ الاحتضارِ ، وبربكم لا احدَ يبثُّ اجواءً تفاؤليةً مخادِعةً وتافهةً ؟
ومَن لديهِ نفحةُ تفاؤلٍ ليُقنعنا بها.
أينَ التفاؤلُ بربكمْ ؟ في الطبِ ؟ في الدواءِ؟ في الغذاءِ؟ في الدولارِ؟
هذهِ أدنى "الطبقاتِ".
***
اسوأُ ما في الطبقةِ السياسيةِ الحاكمةِ المتحكِّمةِ عندنا انهم يعيشونَ حالَ انفصامٍ وحالَ إنكارٍ لما نحنُ عليهِ.
حتماً سيتعرفونَ على "جهنمِ الحمرا" وطبقاتها يوماً ما...
عندها نبدأُ نحنُ بالصعودِ منها!