#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
ليسَ هناكَ مشهدٌ اكثرُ سورياليةً من مشهدِ اللبنانيينَ اليومَ، كالأبرياءِ المحكومينَ ظلماً بالاعدامِ ننتظرُ بخوفٍ ساعةَ التنفيذِ...
كحالهم.. نقبعُ في الزاويةِ.. ننتظرُ فرجاً لا يأتي، ننتظرُ عفواً لا يأتي، الساعاتُ طويلةٌ قبلَ بزوغِ الفجرِ...
الفرقُ ان الفجرَ ليلَ الاعدامِ هو ساعةُ التنفيذِ.
لم تعد الصلواتُ تنفعُ ولا أدعيةُ الامهاتِ والاقاربِ والاصدقاءِ ....
وحدها الحقيقةُ تفصلُ عن الساعةِ المحتومةِ.. وحدها الحقيقةُ تفصلُ عن الموتِ.. هكذا نحنُ.. وكأننا تخدَّرنا وصرنا كحالِ الذاهبينَ الى الاعدامِ... فقدنا الأملَ وحَكَمَنا الاحباطُ واليأسُ...
هل هناكَ اسوأُ من الحالةِ التي وصلَ اليها اللبنانيون؟ ولكم كتبنا حتى جفَّ حبرُ القلمِ ، لا حياةَ لمن تُنادي،
وهل هناكَ مصائبُ بعدُ ولم تحلَّ بهذا الشعبِ الطيِّبِ الحزينِ؟
هل هناكَ اسوأُ من الجراد، وهل هناكَ اسوأُ من تلوُّثِ القرعونِ وهلاكِ الاسماكِ، وهل هناكَ اسوأُ من العزلةِ العربيةِ التي تفصلنا عن عمقنا وعن تاريخنا وعن جذورنا؟
ماذا بعدُ؟ لا احدَ يسألُ...
***
لكم كرَّرنا ان رئيسَ حكومةٍ معلّقٌ في الهواءِ، ورئيساً مكلّفاً طائرٌ في الهواءِ، ووزراءَ يسرحونَ ويمرحونَ ويدورونَ في ارضهم على عجزٍ ما بعدهُ عجزٌ، فيما النوابُ يتصارعونَ مَن يحصدُ الشعبيةَ قبلَ الآخرِ من فمِ الجائعِ...
الجائعُ الذي سيجوعُ اكثرَ عندما سيرفعُ الدعمُ بعدَ اسابيعَ رغمَ تلميحِ حاكمِ مصرفِ لبنانَ الى أنه لن يرفعَ الدعمَ الاّ بموجبِ قانونٍ رغمَ انه لم يطلب ذلك سابقاً،
ولكن من الواضحِ انه يبحثُ عن غطاءٍ قانونيٍّ لهذهِ الخطوةِ التي لا يريدُ احدٌ ان يتحمَّلَ نيرانَ كتلتها التي ستتدحرجُ وتأخذُ معها الاخضرَ واليابسَ..
فهل سيبقى المواطنُ متفرجاً وهو يرى الحدَّ الادنى للاجورِ لا يكفي لدفعِ فاتورةِ اشتراكِ المولِّدِ ولا ثمنَ صفيحةِ البنزين..
***
الكلُ خائفٌ من لحظةِ الحقيقةِ، ولحظةُ الحقيقةِ التي يتم تأجيلها قد تحملُ معها الفوضى وربما الدماءَ... فمن قادرٌ على تحمُل عواقبِ تفلُّتِ الامورِ؟
وهل نعودُ الى الامن الذاتي حيثُ تحمي كلُّ مؤسسةٍ نفسها بنفسها...
وماذا سيكونُ دورُ المؤسسةِ العسكريةِ في ضمانِ ممتلكاتِ وحقوقِ الناسِ المعرَّضةِ للفوضى؟
كلُّ هذهِ السيناريوهاتِ لم تدفع المسؤولينَ لتسريعِ ولادةِ حكومةٍ، ولا لحسمِ خياراتٍ ماليةٍ واقتصاديةٍ واجتماعيةٍ، ولا لخطةٍ واضحةٍ حولَ ترسيمِ الحدودِ بحراً وبراً مع اسرائيل ومع سوريا.. ولا لحفظِ حقوقِ المودعينَ، ولا لحمايةِ صحتهم وسطَ الفوضى في اللقاحاتِ في مواجهةِ كورونا...
كلُّ صباحٍ نستيقظُ على همٍّ، وفي الليلِ ننامُ على كوابيسِ الخوفِ من الآتي.. يتساءلُ البعضُ امامي هل هناكَ اسوأُ مما وصلنا اليهِ سنصلُ اليهِ؟
نعم... الفوضى والفراغُ إينما كان... وفي كلِّ المؤسساتِ.. والخوفُ أن تأتيَ الفوضى لتملأ الفراغَ الذي لن يملأهُ احدٌ..
عذراً على السيناريو الحزينِ...