#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
ثمةَ دعاءٌ يصرخ "الى من نذهب"؟ وثمةَ أدعيةٌ يجمعُ عليها اللبنانيون : ربَّنا الى من نذهبُ وربَّنا الى أينَ نذهبُ؟
لا يمكنُ وصفُ ما يعيشهُ الناسُ من حالةِ انتظارِ الفرجِ إلاّ من حيثُ لم يعد امامهم الاّ الدعاءُ،
تماماً كحالِ المسافرِ الذي توشكُ طائرتهُ على السقوطِ والارتطامِ فلا يعودُ لديهِ إلا تمتمةُ الصلاةِ...
ماذا يملكُ اللبنانيونَ بعد؟ والى مَنْ يذهبون والى أينَ يذهبون؟
هم رهائنُ، هم أسرى، هم سائرونَ نحو الاعدامِ، وهُمْ يرونَ مَنْ يُمسكونَ بمصائرهم حتى اللحظةِ الاخيرةِ بالرغيفِ والماءِ والعملِ والكهرباءِ والدواءِ وحتى الموتِ....
الاسوأُ انهم يتعايشونَ مع القافلةِ التي تسيرُ نحو الاعدامِ وصاروا وكأنهم أستسلموا امامَ اقدارِ الحتميةِ التي يذهبونَ اليها....
***
كانَ من المفترضِ ان يكونَ يومُ السبتِ يومَ غضبٍ في الشارعِ فاذا بالناسِ وقد شتَّتهم المطرُ كما سمعنا، جاؤوا بالعشراتِ وتفرَّقوا بين ساحتي الشهداءِ ورياض الصلح، والأنكى ان وسائلَ الاعلامِ لم تعطِ في نشراتها الاخباريةِ ولا تغطيتِها المباشرةِ مساحةً ولو قليلةً لهذهِ التحركاتِ.
ماذا حدثَ؟ ماذا يحدثُ؟ من خدَّرَ شعبي ومن جعلهُ يستسلمُ امامَ آلاتِ الموتِ والتجويعِ التي تجتاحهُ كلَّ يومٍ.. هل تراجعَ شعبي امامَ الهجماتِ التي تُمعِنُ في نهشِ ما تبقَّى من جسدِ هذا البلدِ واوصالهِ...
نراهم يتمترسونَ وراءَ واجهاتهم الحزبيةِ والمذهبيةِ والطائفية والمناطقيةِ ولا احدَ يسألُ عن احوالِ الناسِ...
ينامُ المسؤولونَ قريري العين... مساعداتُ "الكراتينِ" أمَّنوها من الحساباتِ المدعومةِ في السوقِ،
وها هم يشترونَ بالسعرِ الرخيصِ المدعومِ ليقدِّموا للناسِ من حقوقهم ومن ودائعهم...
هكذا وبكلِّ بساطةٍ "خذ من هالجيبة وحط بتاني جيبة"، لم يخسر المسؤولونَ شيئاً ها هم يتابعونَ "الغَرْفَ" من اللوائحِ والبضائعِ المدعومةِ ويمنِّنونَ الناسَ بها حصصاً غذائيةً...
***
هل أنتبهَ احدٌ أين وصلت احوالُ اللبنانيينَ من ذُلٍّ؟ وهل أنتبهَ احدٌ حتى لحجمِ الاذلالِ الذي نعاملُ بهِ من الخارجِ حتى؟
واكبرُ مثالٍ على ذلكَ زيارةُ "الشحادة" التي كانت مقرَّرةً الى العراقِ وكيفَ تم الغاؤها من الجانبِ العراقي من دونِ أيِّ تبريرٍ...
صِرنا كما يقال "مسخرةَ" العالمِ ومحطَّ استنكارٍ من العالم،
واخرُ الكلامِ ما وردَ على لسانِ وزيرِ الخارجيةِ الفرنسي بحقِ المسؤولينَ اللبنانيينَ، هل انتفضَ احدٌ من هؤلاءِ المسؤولينَ لكرامتهِ وواجهَ لودريان الذي يأتي كلامهُ بعدَ كلامٍ مكرَّرٍ للرئيس ايمانويل ماكرون يتعاملُ بهِ مع المسؤولينَ اللبنانيينَ وكأنهم قاصرون يُرادُ توجيههم وتوبيخهم...
***
ومع ذلكَ كلهِ، مع العزلِ الخارجي الذي يعيشهُ لبنانُ ومع الانهيارِ الداخليِّ الذي يعاني منهُ الناسُ..
ومع السيناريو الذي يقتربُ والذي يتحدثُ عن فوضى كبيرةٍ مقبلةٍ، لا يزالُ الرئيسُ المكلفُ يحتجزُ التكليفَ في جيبهِ،من دونِ أيِّ بادرةِ خيرٍ،
فيما رئيسُ الجمهوريةِ ينتظرُ ترياقَ الحكومةِ من أقاصي الارضِ قبلَ اعماقِ الداخلِ.
سألنا بالبدايةِ الى أينَ يذهبُ اللبنانيونَ؟
المؤلمُ أنهم لا يملكونَ ثمنَ بطاقةِ سفرٍ!
إنما يملكونَ إيماناً راسخاً ومن كلِّ الطوائفِ اللبنانيةِ،
ان لبنانَ مرَّ بظروفٍ تاريخيةٍ أقسى، ولكنهُ سيعودُ افضلَ مما كانَ.