#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
حينَ كتبَ "فيكتور هوغو" رائعتهُ " البؤساء، قبلَ مئةٍ وخمسينَ سنةً تقريباً ، لم يكن يُدرِكُ أن بعضاً من وقائعِ هذهِ الروايةِ ستتكرَّرُ بشكلٍ أو بآخرَ في لبنانَ ، الروايةُ تتحدثُ عن الحقبةِ بين سقوطِ نابوليون بونابرت وتعثرِ الثورةِ وخروجِ "جان فالجان" من السجنِ .
فكم من نابوليون بونابرت في بلادنا؟ وكم من محاولةٍ وراءَ محاولةٍ لأنقاذِ الثورةِ من التعثُّرِ؟
وكم من "جان فالجان " في مجتمعنا؟
***
لبنانُ اليومَ أسوأُ من فرنسا منذُ قرنٍ ونصفِ قرنٍ ، وحتى أسوأُ من المجاعةِ في حرب الـــ 14 . آنذاكَ كانت هناكَ السلطنةُ العثمانيةُ وكانَ هناكَ الاحتلالُ التركيُّ ،
اليومَ لا سلطنةٌ ولا احتلالٌ ولا جرادٌ، ولكن هناكَ مجاعةٌ وجوعٌ وعوزٌ وفشلٌ سياسيٌّ وثورةٌ متعثِّرةٌ .
نقولها بأسفٍ وأسى وقهرٍ ومعاناةٍ وضيقٍ ، ولكن بضميرٍ مرتاحٍ :
الطبقةُ السياسيةُ التي حَكمتْ هي أسوأُ من السلطنةِ ومن الإحتلالِ ... لا يطلبُ شعبٌ من محتلِّهِ ان يعاملهُ معاملةً حسنةً ، فالمحتلُ محتلٌ وغالباً ما تكونُ معاملتهُ سيئةً للشعبِ الواقعِ تحتَ الإحتلالِ .
لكن المعاملةَ الحسنةَ يطلبها الشعبُ مِمَنْ انتخبهم.
وهذه المعاملةُ الحسنةُ ليست مِنَّةً من الطبقةِ السياسيةِ بل هي من أدنى واجباتها ،
فهي سلطةٌ شرعيَّتها من الشعبِ الذي تحكمهُ ، وتعيشُ من رواتبَ يدفعها الشعبُ عبرَ الضرائبِ التي تستوفيها الدولةُ،
"وما حدا يربِّحنا جميلة". ***
والوضعُ أسوأُ بكثيرٍ مما يتصوَّرُ دعاةِ التفاؤلِ ،
فالتفاؤلُ ليسَ أمنياتٍ بل معطياتٌ ،
والمعطياتُ المتوافرةُ لا تشجعُ على القولِ إننا بخيرٍ :
فبعدَ إلهاءِ اللبنانيينَ بـــ " حكومةٍ مهمةٍ " من أختصاصيين مستقلين تُنجِزُ مهمتها في ستةِ اشهرٍ .
جاءَ إلهاءُ اللبنانيينَ اليومَ بـــ " حكومةٍ من 24 وزيراً".
المضحكُ المبكي ان " حكومةَ المهمةِ " التي اقترحها الفرنسيون ، كانت لستةِ اشهرٍ ، ها قد انتهت الستةُ أشهرٍ ولم تُشكّل تلكَ الحكومةُ ، فمَن الذي سيضمنُ ان تُشكَّلَ حكومةُ الــ 24 وزيراً في ظلِ انعدامِ الثقةِ بينَ جميعِ المعنيينَ بالتأليفِ؟
رئيسُ الجمهوريةِ ينتظرُ جديداً من الرئيسِ المكلَّفِ.
الرئيسُ المكلَّفُ " تلفونو معو " في دولةِ الاماراتِ العربيةِ المتحدةِ كما قالت اوساطُ بيت الوسط ، وحين يتلقى اتصالاً ان " الامور تحلحلت " يعود !
الرئيس بري ، احد عرابي اقتراحِ " حكومةِ الــ 24 وزيراً " ، تقولُ أوساطهُ إن الإقتراحَ لم يعد عندهُ .
رئيسُ التيارِ الوطنيِّ الحرِ الوزير السابق جبران باسيل يُنقَلُ عنهُ أنه يريدُ الإقتراحَ مكتوباً ومفصَّلاً ، ليبنى على الشيءِ مقتضاهُ .
***
بربِّكمْ، هذهِ هي "جُلجلةُ الشعبِ"،
بانعدامِ الثقةِ بين كلِّ المعنيينَ بتأليفِ حكومةٍ ، هل يمكنُ أن يؤدي إلى تشكيلِ حكومةٍ؟
بربِّكمْ ، خفِّفوا زرعَ الشوكِ في دروبنا!