#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
صدِّقونا، لم تعد لنا قابليةٌ للكتابةِ عنكم. أساساً، تعرفونَ أن الروائحَ الكريهةَ تقطعُ القابليةَ. وهل مِن كَريهٍ أكثرُ من الفسادِ؟
صدِّقونا، لولا دموعُ الجائعينَ والمحبَطين وربّاتِ البيوتِ وأمهاتِ الشهداءِ والضحايا، لكسرنا القلمَ اليومَ غضباً وقرفاً، لأن لا شيءَ بعدُ يمكنُ أن يُقالَ… و"لا حياةَ لمن تنادي".
لو كانَ الحبرُ قد أُغدِقَ على التمّاسيحِ لكانتْ قد لانتْ قلوبُها وتحركَّتْ فيها الضمائرُ… أما أنتم فلا.
فمِن أيِّ طينةٍ أو عجينةٍ أنتم ، وأين تخصَّصْتمْ كلَّ هذهِ السنواتِ، وعلى يدِ مَن،
حتى صِرتمْ ملوكَ "اللتِّ والعجْنِ"، بلا منازعٍ؟
***
فلنراجع معاً بانوراما الأسبوع، أسبوعكم في "اللتِّ والعجْنِ" لنكتشفَ المواهبَ!
واحدٌ منكم يبدأ "اللتَّ" بتوزيعةٍ حكوميةٍ من 18، فيردُّ عليهِ الآخرُ بِـ"عَجْنِ" توليفةٍ من 22... لكن هذا الطرحَ فارغٌ مثلُ ذاك، ولا حكومةٌ تلوحُ في الأفقِ.. ولو من 118 أو 122!
واحدٌ منكم "يلتُّ" غَراماً بالحريري الذي "ما منرضى بَدالو"،
فيجيبهُ "الردّيدةُ" في المقلبِ الآخرِ: "ولا بالخيالِ يا حبيبي".
واحدٌ منكم "يلتُّ" حقوقاً للمسيحيينَ أو للسنّةِ أو للشيعةِ، على الطريقةِ الإفرنجيةِ أو العربيةِ أو الأعجمية.
وكلُّ هذا لا يطعمُ الناسَ خبزاً. فقط "لتٌّ وعجْنٌ"!
واحدٌ منكم "يلتُّ" كلاماً معسولاً عن الدولارِ ووجعِ الناسِ فيردُّ آخرُ بمزايداتٍ عن إنعاشهم بـ"كراتينِ الإعاشةِ"… وأما الناسُ فيتخانقونَ على كيسِ "حليب بودرة"… فيا للعارِ!
وواحدٌ منكم يلتُّ شفافيةً عن التحقيقِ في مجزرةِ المرفأ، فيردُّ آخرونَ بـ"مزايداتٍ شفّافةٍ" عن التدقيقِ الجنائيِّ..
وفي النهايةِ كلهم حريصونَ على عدمِ تظهيرِ الفضائحِ!
حتى اللقاحاتُ سرقتموها من أمام الناسِ!
كيفَ نستغربُ وأنتم سرقتمْ أرواحَهم وأموالَهم ومستقبلَ أولادهم.
***
قلنا عنكم "نَيروناتِ" عصركم و"نواطيرُ" القبورِ، هذا قليلٌ، ولن ننزلَ بالمستوى لنُطلِقَ عليكم الوصفَ الذي تستحقون.
ستنامونَ الليلةَ ككلِ ليلةٍ، ملءَ جفونكم، وتحلمونَ بالجنَّاتِ التي صنعتموها في بلادِ الحضارةِ من جيوبِ كلِّ الشعبِ اللبنانيِّ.
ستحلمونَ بحفلاتِ البذخِ فيما الناسُ يبحثونَ عن بقايا كسرةِ خبزٍ من ربطةٍ سيصبحُ سعرها فوقَ مستوى خطِ الفقرِ، وفوق مستوى كرامةِ الإنسانِ…
وستحلمونَ بمنافذِ النهبِ التي ما زالت متاحةً،
في هذهِ الجثةِ الهامدةِ التي كان اسمها "دولةٌ".
***
ولكن، صدِّقونا،
هذا اللبنانيُّ الذي "تستغشمونهُ" لا تنسوا أنه هو نفسهُ العملاقُ الذي يكتبُ أساطيرَ التفوّقِ والذكاءِ والنجاحِ ويصنعُ المعجزاتِ عبرَ العالمِ.
هو نفسهُ الذي يضع رِجلهُ في بلدٍ قيْدِ النموِّ فيجعلهُ بلداً متألقاً يتباهى بالعلمِ والفنِّ والسياحةِ والصحافةِ والصناعةِ والتجارةِ والخدماتِ.
***
تخنقنا الحروفُ والعباراتُ ونحنُ نكتبُ عنكم، ايها الشعبُ اللبنانيُّ، أنتم أهلَنا وأحباءنا الطيّبينَ الصامدينَ الأصيلين.
نحنُ معكم ولكم ومِثلَكم، يدُنا في أيديكم، ومقهورونَ بقهرِكمْ ونرتجي معكم يومَ القيامةِ.
وهذا اليومُ سيأتي عاجلاً أو آجلاً. إنهُ آتٍ حتماً.