#الثائر
- د. " ميشال الشمّاعي " ==خاص===
يستعدّ اللبنانيّون هذا الأسبوع لملاقاة ودعم بكركي يوم السبت المقبل على ضوء تطوّر سلبي في ملفّ انفجار بيروت على أثر تنحية القاضي صوّان وتعيين القاضي بيطار. فضلا عن استمرار التعثّر الحكومي لاستمرار المعثِّرين أنفسهم بالقيام بما كُلِّفوا به. إلى ذلك يستمرّ التلقيح بطريقة خجولة على أمل أن تصل اللقاحات المتبقيّة إلى لبنان لأنّ عدد الاصابات ما زال يعتبر مرتفعًا نوعًا ما ناهيك عن عدد الوفيّات. فهل ستشكّل الدّعوات إلى بكركي مدخلا جديدًا لفتح كوّة في جدار الأزمة الوطنيّة؟
بدأت تتفاعل دعوة البطريرك اللبناني إلى مؤتمر دولي من أجل لبنان في المجتمع الدّولي، حيث بدت الاندفاعة الديبلوماسيّة الفرنسيّة بحلّتها الجديدة لدفع هذه المطالبة إلى الحيّز العمَلي، مع التأكيد على توارد المعلومات من دوائر حاضرة الفاتيكان التي تعمل ليل نهار ومن دون كلل أو ملل للدفع نحو انعقاد هذا المؤتمر. بينما الولايات المتّحدة الأميركيّة وبريطانيا معها تهتمّان بتفعيل القدرات الأمنيّة والعسكريّة لأجهزة الدّولة كي تستطيع الاستمرار في مكافحة الارهاب، وللحؤول دون أيّ ثغرة أمنيّة قد يستفيد منها بعض مَن يملك القدرة المسلّحة لتحريك شارعه مقابل الشارع الغاضب والدّاعم لبكركي، بغية إحباط المشروع البطريركي اللبناني الكياني.
ويعيبون على بكركي طرحها متّهمين إيّاها بأنّها ستستجلب احتلالا جديدًا، لكأن حزب الله بدوره الذي يلعبه في لبنان لا يشكّل أداة احتلال إيرانيّة بالوساطة للبنان. ويبقى أنّ الشكل المنمّق والملبنن لهذا الاحتلال هو الأفدح. إذ لا ظلم أصعب من ظلم أهل البيت، ورهنهم مصير وطنهم بمصير بعدهم الأيديولوجي، وفي هذه النّقطة بالذّات يتجلّى مدى عمق الخلاف اللبناني الذي لا يرتبط بموضوع الصلاحيّات والحقوق الذي أثاره الوزير باسيل في خطابه الهزيل والذي ناقض فيه نفسه بنفسه بالموقف والرأي.
فالموضوع الاشكالي هنا لا يشبه الحالة التي كانت سائدة في الحرب اللبنانيّة بل هو يتفوّق عليها بكثير، إذ يعمل حزب الله وبطريقة واضحة جدًّا، ملتزمًا بالأجندة الايرانيّة لتحويل لبنان إلى جمهوريّة إسلاميّة بالترغيب كما حدث في 6 شباط 2006، وبالترهيب كما حدث في 7 أيّار 2008. فهو يمارس على اللبنانيّين هاتين الطريقتين من دون أيّ خجل، ويبدو أنّه يعدّ عتاده وعديده لمواجهة طرح بكركي. وهو مدرك هذه المرّة أنّه لن يستطيع المواجهة عبر حليفه المسيحي، أيّ التيّار العوني، الذي يبدو اليوم في أضعف لحظاته. لذلك يخشى أن يقوم في هذا الأسبوع بعمل ما ليحرف الأنظار عن المبادرة البطريركيّة.
وذلك لأنّه استشعر مع حليفه مدى خطورة هذه المبادرة على وجوديّته بشكل خاص لأنّ حليفه تكفّل بالممارسة السياسيّة بالقضاء على وجوديّته السياسيّة وحيثيّته الشعبيّة نفسه بنفسه. وليس من الضروري أن يثير الشارع بتحرّك سلبي بل قد يلجأ على سبيل المثال إلى السماح بتسجيل خرق في الملفّ الحكومي، على قاعدة " قبّة باط" ، ولو بالشكل لينفّس هذا الاحتقان. أو من الممكن أن يُسجَّل أيّ خرق في عمليّة التحقيق بقضيّة انفجار مرفأ بيروت لتنفيس المبادرة التي يقوم بها حزب القوّات اللبنانيّة اليوم 22 شباط والتي تتمثّل بتوجيه عريضة موقّعة إلى ممثل الأمم المتّحدة لحضّه على المطالبة بلجنة تحقيق دولي في هذه القضيّة التي هزّت الوجدان العالمي بأسره.
وسط هذه المشهديّة التي تبدو فيها براغماتيّة أهل السلطة والمليسترو الذي يديرها بأبهى تجلياتها، النّاس في حضيضهم يئنّون ويفتقدون لرغيف الخبز وحبّة الدّواء اللّذين باتا من أبسط ما يطالب به المواطن في لبنان. والسلطة تبحث عن محاصصات أهلها وعن كيفيّة التحايل على القانون، والدّستور، والمجتمع الدّولي لتحافظ على استمراريّتها. لكن إيماننا كبير جدًّا والناس ستقول كلمتها وفي نهاية المطاف لبنان هو الذي سينتصر على فسادهم وفجورهم واحتيالهم. والتاريخ بقدرته سيشهد.