#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
ليس هناك من عاقل يقتنع أن كل شيء حصل بالصدفة!
بالصدفة تم تسريب فيديو اتهام رئيس الجمهورية ميشال عون ، للرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري بالكذب!
بالصدفة تم الهجوم على قيادة الجيش، في الإعلام المحمي من جهات معروفة.
بالصدفة انطلقت الاحتجاجات في عدة مناطق لبنانية، في ظل الإقفال العام للبلاد، وفي الشارع السني تحديداً، لإحراج سعد الحريري.
بالصدفة ادعّى القضاء اللبناني على رياض سلامة، وهو يستعد للمغادرة إلى أوروبا للإدلاء بإفادته أمام القضاء السويسري.
فما هو سر هذه المصادفات؟
صحيح أن الأزمة المعيشية خانقة، ولكن هذا الوضع مستمر منذ أشهر، وليس هو السبب الوحيد في تحريك الشارع، بل هناك جهات سياسية فاعلة، أعطت إشارة انطلاق الحراك، مستغلةً حالة الفقر والظروف الحياتية الصعبة، والتي تتفاقم يوماً بعد يوم في ظل الإغلاق التام للبلاد.
ليسوا ثوار طرابلس الذين كانوا يملأون ساحة النور سابقاً بالآلاف، هم ذاتهم من ينزل اليوم إلى الشارع . إن الأعداد القليلة للمتظاهرين، وأعمال العنف والشغب، بدءاً بمهاجمة القوى الأمنية في ثكناتها، واستعمال القنابل والأسلحة الحربية ضدها، إلى إحراق دار البلدية، والسيارات، والمحكمة الشرعية، كل ذلك يدل على نوعية وهدف من يقف خلف هؤلاء المتظاهرين .
هي المرة الأولى التي يهاجم فيها الرئيس المكلف سعد الحريري الجيش، وذهب إلى حد اتهامه بالتفرج على أعمال الشغب وتخريب المدينة، وهدد باستعمال لهجة أقسى في حال بقي الجيش متفرجاً ولم يتدخل. وتقول بعض المصادر، أن الحريري يتهم عناصر عسكرية بالوقوف خلف التظاهرات والمشاركة فيها أيضاً.
وأوضح مصدر مطلع للثائر، أن المعركة الكبرى التي تحدث عنها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، بدأت فعلاً، لكن ليس كما يصفها هو، فالأهداف والوسائل مختلفة تماماً.
الهدف الأول للمعركة هو إبعاد سعد الحريري عن الحكومة. فالمطلوب حكومة مطواعة تنفذ تعليمات القصر وحلفائه السياسيين، وفي طليعتهم طبعاً حزب الله والتيار الوطني الحر.
الهدف الثاني الاستعداد لمرحلة التفاوض المقبلة مع الأميركييين. ولهذا فهم يحتاجون للأمساك بكامل مفاصل الدولة، من الحكومة، إلى البرلمان، إلى القوى الأمنية، إلى القضاء، إلى المالية.
الهدف الثالث هو السيطرة على البنك المركزي، وهذا يستوجب إزاحة رياض سلامة وتعيين حاكم جديد بدلاً منه. ولقد فشلت كل المحاولات السابقة في تحقيق ذلك، لكن الآن تبدو الفرصة سانحة، بل وباتت ملحّة. فهناك خشية كبيرة مما قد يكشفه سلامة للقضاء السويسري، خاصة عن عمليات تبييض الأموال، وبعض الحسابات الخاصة لأشخاص مقربين من الرئيس عون وحزب الله، وغيرهم من شخصيات سياسية.
هل يصدر قرار عن القضاء اللبناني بمنع رياض سلامة من السفر؟
يتساءل المصدر ويقول: ربما هذا هو الهدف من توقيت الإدّعاء على رياض سلامة ، في هذا الوقت بالذات، فالقضاء اللبناني يبدو وكأنه يتصرف غب الطلب . يدّعي على رئيس حكومة وبعض الوزراء، ليثير زوبعة في فنجان، ثم يتوقف التحقيق ويغيب الحديث عنه، تمهيداً لوضعه في أدراج النسيان . ثم تفتح معارك قضائية في الإعلام، يشبه مفعولها ما تُحدثه القنابل الدخانية من إعماء وإلهاء للعدو في بداية المعركة.
تحتاج الإدارة الأميركية إلى فترة، بين ثلاثة إلى ستة أشهر لترتيب ملفاتها، وانطلاق خطتها في الشرق الأوسط. وهي بدأت باستعمال سياسة العصا والجزرة، خاصة باتجاه إيران. فالرئيس بايدن السياسي المخضرم، أرسل مبعوثاً إلى طهران، وفي نفس الوقت أرسل القاذفات الاستراتيجية ب-٥٢ لتُحلّق فوق الخليج، وعلى مقربة من دفاعات إيران، وكذلك وصلت غواصتان تحمل رؤوس نووية إلى مياه الخليج.
وفيما يدور الحديث عن عزم الجيش الأميركي استحداث قواعد جديدة على السواحل السعودية، تسربت أنباء عن وصول تعزيزات عسكرية إلى شمالي الفرات، وتزويد القوات الكردية بأسلحة جديدة، من نوع صواريخ ستينغر، وصواريخ مضادة للدروع. والأهم من ذلك كله هو تقديم دعم مالي لهذه المناطق، لأقناع السكان بالانفصال عن سوريا.
لا شك أن لبنان يُشكّل إحدى ساحات الصراع، وورقة تفاوض مهمة، خاصة بسبب قربه من إسرائيل، الحليف الأول للأميركيين في الشرق الأوسط، وفيه توجد صواريخ حزب الله، التي تُشكّل تهديداً لها، وكذلك يمكن لإيران أن تستخدمها في مفاوضاتها القادمة، وما انفك قادتها يطلقون التصريحات عن أنها خط الدفاع الأول.
لا يمكن لإيران أن تُفرّط بأي من أوراقها التفاوضية، أكان في الداخل كتخصيب اليورانيوم وسلاح الصواريخ، أو في الخارج، كسوريا والعراق وغزة ولبنان . ويجب عليها الآن أن تستعدَّ جيداً، وتُمسك بهذه الساحات، وهذا يتطلب طبعاً سيطرة حلفائها على لبنان في كامل مفاصل الدولة.
المعركة الكبرى انطلقت حقاً، وعلى الحريري أن يرضخ للشروط، ويُشكل حكومة طيعة، أو يخرج ليتم استنساخ حكومة دياب جديدة.