#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
في قمةِ الخرطوم عام 1967 ، إثرَ نكسةَ حزيران من العامِ ذاتهِ ، رفعَ القادةُ العرب " اللاءاتِ الثلاثَ " : " لا سلامَ ، لا اعترافَ ، لا مفاوضاتٍ"
بعدَ أكثرِ من نصفِ قرنٍ على هذهِ القمةِ ، باتَ عندنا في لبنان عشراتُ " اللاءاتِ " ونذكرُ منها الاخطرَ:
لا اوكسيجين طبيعياً، والفضيحةُ لا اجهزةَ تنفسٍ لتكفي بعضَ المرضى في البلدِ، وإن وجدتْ فباسعارٍ باهظةٍ جداً.
بالاضافةِ ان لا مرجعيةَ قرارٍ . لا حكومةٌ ،لا مؤسساتٌ . لا مرفأٌ. لا مصارفُ . لا دواءٌ ، لا أوكسيجين ، لا مستشفياتٌ . لا هيبةٌ ، لا اهتمامٌ عربياً او دولياً ، لا استكمالٌ للتحقيقِ في انفجارِ المرفأ .
ومع هذهِ اللاءات : محاولةُ ضربِ هيبة المؤسسةِ العسكريةِ من خلالِ التطاولِ على قائدِ الجيش.
ضياعُ الهباتِ العربيةِ والأميركيةِ والأوروبيةِ.
فهل هناكَ مأساةٌ اكبرُ من هذهِ المأساةِ ؟
***
ومع اللاءاتِ ، هناكَ الصرخات :
صرخةُ المستشفياتِ ، صرخةُ الممرضينَ والممرضات ، صرخةُ الاطباءِ ، صرخةُ السوبر ماركت ، صرخةُ العمال المياومينَ الذين إذا لم يعملوا لا يقبضونَ يومياتهم ،
صرخةُ الطلابِ في الخارجِ الذين لم يصل إليهم بعد " الدولار الطالبي" ،
صرخةُ العائلاتِ التي بدأت ترتابُ من انحسار الدولار للعاملاتِ الأجنبياتِ على سعرِ 3900 ليرة ،
صرخةُ كبريات الجامعاتِ الخاصةِ وقد بدأ بعضها يُعدُّ العدةَ للإنتقالِ إلى خارجِ لبنان وهناك إشاراتٌ إلى ان الجامعةَ الاميركيةَ في بيروت قد تنتقلُ إلى الإماراتِ العربيةِ المتحدةِ،
وإذا صحَّتْ هذهِ الأخبارُ تكونُ هذه الخطوةُ ضربةً قاصمةً للقطاعِ التعليمي الجامعي في لبنان ، حيث ان اعرقَ الجامعاتِ تغادرُ لبنانَ ، وهي لم تغادرهُ في الحربين العالميتين الاولى والثانية وفي الحربِ اللبنانية ، وحتى حينَ اختُطفَ رئيس الجامعة الاميركيةِ في بيروت " ديفيد دودج " عام 1982 ، لم تقفلْ الجامعة الأميركية .
هل يعلمُ المسؤولونَ الحاكمون والمتحكّمون ماذا تعني هذه الخطوةُ إذا حصلتْ ؟
ودِّعوا الصروحَ الجامعيةَ في لبنان .
ودِّعوا الصروحَ الاستشفائية في لبنان .
ودِّعوا مئةً وخمسينَ عاماً مع بدءِ النهضةِ ومع بدءِ تحوِّل بيروتَ إلى منارةٍ وإلى صرحٍ علميٍ.
بسياساتكم الرعناء ستُعيدونَ البلدَ إلى عصرِ الإنحطاطِ ، وكأنكم متواطئونَ مع كورونا " بالتكافلِ والتضامنِ " لأنهائه .
لكن ، وسنقولها لكم : لا والفُ لا ... انتم عابرونَ والشعبُ باقٍ وثابتٍ .
لم يحملْ التاريخُ لنا حكاماً خلَّدوا بل صروحاً بقيتْ وشعباً توارثَ الكرامةَ وعزّةَ النفسِ من جيلٍ إلى جيلٍ .