#الثائر
الإجراءات الصارمة التي تتخذها إيطاليا للحد من انتشار جائحة كوفيد - 19، لا تعني عدم الخروج من المنزل، فحتى المناطق التي تعتبرها السلطات الصحية في دائرة الخطر، يخرج سكانها ويقتصر الأمر على الإقفال التام للمطاعم والحانات أحيانا.
لقد تم اعتماد الاقفال التام في بداية الجائحة واستمر شهرا تقريبا، جرت خلاله عملية تعقيم شاملة مع اتخاذ الإجراءات اللازمة الخاصة بالتباعد الاجتماعي. ويتنقل يوميا في العاصمة روما في ميترو الانفاق نحو مليوني نسمة. أما ميلانو التي تعتبر منطقة حمراء، فيتنقل فيها أكثر من نصف المليون عبر الميترو، ويبلغ عددهم في الذروة 18 مليونا، لذلك حافظت البلاد على دورة الإنتاج ولم ترتفع أسعار السلع. لا إصابات تذكر بين الذين يتنقلون يوميا، بل معظمها يحدث في المطاعم الليلية والملاهي. لذلك، على الرغم من أهمية الأعياد الميلادية، ألغيت كل مظاهر الاحتفالات، كما طلب من العائلات ألا تدعو إلا شخصين من الأقارب، وقد تم التزام ذلك.
يعتبر عدد الإصابات في بلد يبلغ عدد سكانه 70 مليون نسمة، عادي جدا. فقد أعلنت وزارة الصحة الايطالية مساء عن 13571 إصابة بفيروس كورونا المستجد و524 حال وفاة (بين 68 و90 عاما) خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية. الوفيات المعلنة ترفع العدد الإجمالي للضحايا إلى 83681 منذ بداية حال الطوارئ في شهر شباط 2020. ووفق بيانات اليوم، تم إجراء 279762 مسحة اختبار للفيروس. على الرغم من كل ذلك لا ترى السلطات الإيطالية جدوى من البقاء في المنزل. وشعار "انا أبقى في المنزل " io resto a casa انتهى واستبدل بكلمة "أنقذ نفسك بالوقاية والتباعد". وعاد أمس 7 ملايين طالب إلى المدارس، وتبدد قلق الأهالي لدى معاينتهم الاجراءت.
وقالت وزارة الصحة الإيطالية في بيان: "هدفنا إعطاء لقاح ضد "كوفيد 19" لـ 70 في المئة من البالغين في حلول فصل الصيف". لكن المفوضية الأوروبية ناشدت الدول الأعضاء في الاتحاد تسريع عمليات إعطاء اللقاحات المضادة لكوفيد - 19 لحماية المواطنين. جاء النداء في مؤتمر صحافي مشترك عقده أمس كل من نائب رئيس المفوضية ماغاريتس شيناس، والمفوضة المكلفة شؤون الصحة ستيلا كرياكيدس، لعرض مقترحات المفوضية للوقاية من موجة ثالثة من الوباء. لكن الرغبة الحكومية في تسريع عملية التلقيح تصطدم بتأخير وصول إمدادات لقاح "فايزر-بيونتك".
ماغريني
في لقاء مع الصحافة الأجنبية عبر تقنية الفيديو، شاركت فيه "الوكالة الوطنية للاعلام"، وصف مدير وكالة الدواء الايطالية (AIFA) نيكولا ماغريني تأخر وصول إمدادات لقاح "فايزر- بيونتك" بـ"المقلق للغاية". وكانت الشركة الاميركية - الألمانية أعلنت تقليص إمدادات اللقاحات الى ايطاليا لفترة موقتة من 470 ألف جرعة أسبوعيا الى نحو 397 ألفا. لكن على الرغم من الوقاية والإجراءات التي تتخذها السلطات، ما زالت تسجل اصابات ووفيات ولو أنها لا تقارن مع بداية الجائحة. والنظام الصحي اليوم قادر على استيعاب كل الحالات كما تبين التقارير إذ ان 30 في المئة فقط من أسرة العناية المركزة مشغولة".
بوتسار
وقال طبيب القلب فرنشيسكو بوتسار في حديث إلى "الوكالة الوطنية للإعلام" في روما: "البقاء في المنزل لفترة طويلة يسبب أمراضا كثيرة كالعصبية وارتفاع السكر وحتى الجلطات القلبية. الحل بالوقاية والتباعد الاجتماعي إلى حين يتم تلقيح الجميع".
وعن أسباب استمرار الإصابات أجاب: "على الرغم من نهوض البلاد وتعزيز النظام الصحي، هناك تركة ثقيلة إثر اجتياح الجائحة تتطلب مزيدا من الوقت للتخلص منها. نحن البلد الوحيد في العالم الذي لم يتح لنا الوقت اتخاذ الاجراءات اللازمة، فكان الوباء ينتشر في مدننا من دون حسيب أو رقيب بينما كان لدى الدول الأخرى الوقت لتدبير أمورها.على الرغم من انتشاره في البلاد، ظلت إيطاليا في حال إنكار لوجود المرض. لا أحد كان يعرف عن الوباء شيئا، وعندما أدركته السلطات، تخلف الإيطاليون عن إجراء فحص واختبار الفيروس التاجي على نطاق واسع".
أضاف: "هاجمت طفرة هائلة ومفاجئة من المرض الأشخاص الذين يعانون أمراضا مزمنة في المستشفيات في المنطقة الشمالية، والتي لم يكن يتوفر فيها عدد كاف من أسرة في وحدات العناية المركزة أو أجهزة التنفس الاصطناعي ولأن إيطاليا تعتبر من الدول الأكثر ارتفاعا في نسبة كبار السن، إذ إن نحو 23.3 في المئة من مواطنيها فوق سن الـ 65، ما زاد من فرصة انتشار المرض بينهم. العامل السلبي الآخر هو الترابط العائلي والثقافة التي تحدد طريقة الحياة الإيطالية. وجود أسر متعددة الأجيال لا تزال تعيش تحت سقف واحد وتحيي المناسبات في إطار عائلي، قد يكون من الأسباب التي أدت إلى تفاقم تفشي الفيروس. حتى الآن تبين أن معظم الإصابات داخل العائلة. يكفي أن يحمل شاب متهور العدوى من الخارج لينقلها إلى أكبر عدد من أفراد عائلته، ويفتك بكبار السن. الفيروس ينتشر من خلال أفراد شباب أصحاء لم تظهر عليهم أي أعراض أو أحسوا بأعراض خفيفة جدا، ونقلوه لمسنين".