#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
لن يصدِّقَ اللبنانيونَ ان الزيارةَ المتوقَّعةَ للرئيسِ المكلّف سعد الحريري الى قصر بعبدا اليوم الثلاثاء ستذلِّلُ العقباتِ امام ولادةِ الحكومةِ وسيتمُ اعلانها مساء اليومِ نفسهِ، او في اليومِ التالي. كبُرتِ التعقيداتُ والسّجالاتُ والاتّهاماتُ المتبادلةُ لدرجةٍ صارت هناك شبهُ استحالةٍ لذلك، رغم كل المحاولاتِ التي بذلها ويبذلها الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ومجموعةٌ من فريقِ عملهِ... الرهانُ في الوقتِ عينهِ على حكمةِ ورويةِ وصبرِ وديبلوماسيةِ اللواء عباس ابراهيم لاصلاحِ الامورِ بين الرئيسِ المكلّفِ وبعبدا والنائب جبران باسيل .
***
يتصرّفُ من يديرونَ دفّةَ الامورِ في البلادِ وكأنهم آلهةٌ... منطقهم لا يمكنُ مقاربتهُ ولا النقاشُ فيه... ينتظرونَ بخفّةٍ كلٌ من جهتهِ سقوطَ الهيكلِ حتى يعلنوا صوابيةَ منطقهم...
بين المعاييرِ والاختصاصِ، بين الميثاقيةِ والصلاحياتِ، بين الثلثِ المعطِّلِ والدستورِ ، ضاعَ الناسُ وضاعتْ معهم الاحلامُ بفترةِ اعيادٍ هادئةٍ ولو انهم كانوا محبوسينَ في بيوتهم بفعلِ الخوفِ من الموجةِ الجديدةِ للكورونا وبفعلِ انعدامِ امكانياتهم للنزولِ الى الاسواقِ لشراءِ الهدايا...
***
يروي لي احدُ الاصدقاءِ ان زحمةَ السيرِ كانت خانقةً في الايامِ الماضيةِ لكن الناسَ كانت تُشَاهَدُ خارجةً من المحالِ التجاريةِ خاليةِ الوفاضِ فيما قوى الامن الداخلي كانت تنظمُ السيرَ امام بعضِ مراكزِ المؤسساتِ الاجتماعيةِ التي توزعُ قسائمَ الطعامِ على الناسِ...
اذكرُ في الاعيادِ قبل الحربِ وحتى بعدها... كيفَ كانَ يعيشُ اللبنانيونَ وبأي اجواءٍ، كانوا يحتفلون بالاعياد، وكيف كانت محالُّ بيروتَ وشوارعها قدوةً ومحطَ انظارٍ وجذبٍ لكلِ السياحِ في العالم... أينَ اصبحَ لبنانُ وأينَ اصبحت شوارعُ بيروتَ، ولماذا اتشحت بالسوادِ؟ وهل تنفعُ محاولاتُ احياءِ مدينةٍ بالحفلاتِ الفنيةِ الاصطناعيةِ فيما العاصمةُ فقدتْ روحها وبريقها وعينيها وتمزّقت اوصالها؟
***
لا يستعجلُ مجلسُ النوابِ التشريعَ الا قبلَ عشرةِ ايامٍ من انقضاءِ العامِ، وعلى جدولِ الاعمالِ اكثرُ من سبعينَ بنداً. أيُّ تشريعٍ يصدرُ في ثلاثِ ساعاتٍ وأيُّ قوانينَ تُشرَّعُ في هذا الوقتِ القصيرِ؟ وكيف تُفصَّلُ القوانينُ وكيفُ يُركَّبُ جدولُ الاعمالِ؟
لا يكفي العاصمة اجراءاتُ كورونا وزحمةُ الناسِ اللاهثينَ وراء مليونٍ من مصرفٍ ومليونٍ من مصرفٍ آخر في فترةِ الاعيادِ حتى تأتيهم الاجراءاتُ الامنيةُ مواكبةً لجلسةِ مجلس النواب...
اللهُ سترنا وربما أحبَّنا لعدمِ كشفِ ما تبقى من عوراتِ البلدِ ان الرئيس ماكرون الغى زيارتهُ للبنانَ بسبب كورونا والاّ كانت الطرقاتُ أُقفلتْ من اجلِ لا شيء... لأن المسؤولينَ اللبنانيين قرّروا ان يصمّوا آذانهم عن رئيسِ فرنسا للمرةِ الثالثة ... ولأنهم أصمّوا آذانهم عن صرخاتِ الناسِ وعن غضبهم وعن لعناتِ الامهاتِ اللواتي يفقدن اولادهن يوميا، أَمّا قتلاً او تشريداً او بطالةً او هجرةً...
***
عن أيِّ أعيادٍ نتحدّثُ... الأهمُّ ان لا يقولَ لنا احدٌ "انشاالله ينعاد عليك" ...
لن يكونَ هناكَ اسوأُ مما مرَّ علينا... الخوفُ أنَ علينا أنْ نخافَ من الاسوإِ في العامِ المقبلِ.