#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
كم مرّةٍ على الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ان يأتي الى لبنانَ حتى تفهمَ الطبقةُ السياسيةُ في بيروت التي أنّبها ماكرون ان ساعتها اقتربتْ وان ساعتها لم تعد تتلاءمُ مع ساعةِ المجتمعِ الدولي ولا مع ساعةِ اللبنانيين الذين ثاروا ضدَ الفسادِ والمحاصصاتِ والفوضى والعبثيةِ في ممارسةِ الحكمِ....
***
هل سبقَ لرئيسِ دولةٍ ان زارَ بلداً لأكثرِ من ثلاثِ مراتٍ في اربعةِ أشهرٍ؟
فقط في لبنان الذي يعاند سياسيّوهُ ويكابرون يخصّصُ رئيسُ دولةٍ مؤتمرين في اقلَ من شهرينِ لدعمِ اللبنانيين عبرَ منظماتٍ غيرِ حكوميةٍ وفقط لان لا ثقةَ بمن يتولّونَ السلطةَ في لبنان...
***
صحيحٌ علينا ان نعترفَ وبصراحةٍ ان اللبنانيين لم ينتظروا كثيراً نتائجَ عمليةً للمؤتمرِ لعدةِ اسبابٍ أبرزها الغيابُ الفعلي والمؤثّرُ للعربِ الذين وقفوا دائماً الى جانبِ لبنانَ فلم يُبادلهم بعضُ من في الدولةِ بالمثلِ، وثاني الاسبابِ العزلةُ الدوليةُ التي يعيشها لبنانُ والتي يتوقعُ ان تستمرَ لفترةٍ طويلةٍ طالما ان لا شيءَ ملموساً قد تحقق، على صعيدِ الاصلاحِ والسيادةِ والقانون ووحدةِ الاراضي.
***
وعليهِ يزورُ ماكرون لبنانَ من جديدٍ ولا شيءَ تبدّلَ وقد لا تكونُ الحكومةُ قد شُكِّلتْ طالما ان المعاييرَ التي يتحدثُ عنها حتى الرئيس عون في كلمتهِ الى المجتمعِ الدوليِ في مؤتمرِ باريس لم تعد تتطابقُ مع كثيرٍ من الجهاتِ الداخليةِ ولا حتى من الجهاتِ الخارجيةِ التي تريدُ فقط حكومةَ اختصاصيين غيرِ حزبيين ونقطةٌ على السطرِ...
ومع ذلك يمعنُ من يمسكونَ بالبلادِ والعبادِ بنحرِ ما تبقى وبتدميرِ سمعةِ البلادِ مع آخرِ مسؤول "بيسأل عنا" بعدما تكفلوا هم بنزعِ الثقةِ عن لبنانَ وبمحاولةِ تجريدِ هذا الشعبِ اللبنانيِ الأصيلِ مما بقي لديهِ من عزّةٍ وكرامةٍ واحترامٍ...
***
لم يعرف تاريخُ لبنانَ مثل هذه الفوضى التي يعيشها وقد لا يعرفُ، ويمكنُ القولَ ان ما يعيشهُ الشعبُ منذ اشهرٍ قد يطوي صورةَ لبنانَ الحلو الذي أحبه الغرب كما العرب . ويكفي ان نراقبَ كيف تتلاشى التجارةُ والصناعةُ والخدماتُ والسياحةُ وتنهارُ القطاعاتُ الواحدُ تلو الآخر،حتى ندركَ في أيِّ جحيمٍ نحنُ فيما لا نرى مخرجاً ولا قيامةً...
كنا نرى في المبادرةِ الفرنسيةِ بعضَ ضوءٍ فماذا بقي منها، وهل يتذكرُ المسؤولونَ ماذا تضمنت وأيَّ بنودٍ فيها..
***
يذكِّرنا ما جرى بأغنيةِ فيروز " طلع المنادي ينادي ما فيها افادة... الرعيان بوادي والقطعان بوادي".
هذه حالنا، رئيسٌ اوروبيٌ يسألُ عنا فيما نحنُ لا نسألُ عن أنفسنا... وأشباهُ "الرعيانِ" اللبنانيون في وادٍ ومن يعتبرونهم "قطيعاً" في وادٍ آخر...
ينسى هؤلاء "الاصنامُ" ما فعلهُ الثوارُ بهم قبلَ سنةٍ... ويبدو انهم يصمُّون آذانَهم عن هديرِ اصواتِ الثوارِ الآتيةِ من خلفِ الوجعِ ومن خلفِ الخوفِ ومن خلفِ القمعِ ومن خلفِ الذِّلَ ومن خلفِ الخفَّةِ ومن خلفِ الجوعِ...
ان غداً لناظرهِ قريبٌ...