#الثائر
بات الواقع السياسي أسير معادلات التعطيل على خطّ تأليف الحكومة، بينما تتّجه الأنظار إلى جلسة المجلس النيابي يوم الجمعة التي ستُعقد في الأونيسكو لمناقشة الرسالة التي وجّهها الرئيس ميشال عون إلى البرلمان بشأن التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، في ضوء انسحاب شركة "الفاريس إند مارسال"، ما يؤشّر الى تجاذبات إضافية بين الأطراف السياسية. ومن المتوقّع أن يأتي الردّ على هذه الرسالة سياسياً من خلال المواقف التي ستتظهر في الجلسة، أو تشريعياً عبرَ اقتراحَيْ قانون مقدّمين، أحدهما من كتلة "التنمية والتحرير" والآخر من القوات اللبنانية. وفيما ظهرت حركة أمل في الفترة الماضية كواحد من أكثر الأطراف المحلية دعماً لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ذهبت الى هذا الخيار من دون توضيح الأسباب التي تقف خلف انسحاب الشركة المذكورة، ولا التطرق إلى الحجة التي جرى التمسك بها لعدم تسليم المعلومات، وهي السرية المصرفية. ما تقدّم يطرح تساؤلاً عمّا إذا كانت خطوة حركة أمل هي "تكبير الحجر" لتصعّب حمله، كون الاقتراح الذي تقدّمت به يطالب بتوسيع التدقيق ليطاول الوزارات والمؤسسات العامة، علماً بأن هذا الإجراء سيتطلب جهداً يمتدّ لسنوات، مع الإشارة إلى أن حسابات الدولة التي كان لوزير المالية السابق علي حسن خليل الفضل الأول في إنجازها موجودة لدى ديوان المحاسبة ولم يستكمل التدقيق بها كما كان مطلوباً منه... أم أن حركة أمل تريد إثبات ما تقوله عن أنها لا تعطّل التدقيق، وأنها مستعدة الى الذهاب بعيداً في التدقيق حتى في وزارات كانت في عهدتها في السنوات الماضية.
تكثُر الاقتراحات، بينما المطلوب من مجلس النواب واحد، وهو قانون يسلُب من سلامة القدرة على التذرع بالسرية المصرفية من أجل التستّر على الارتكابات والمخالفات التي جرت في المصرف المركزي. فعلى الرغم من أن الاقتراح الذي تقدمت به "القوات" يُعدّ خطوة متقدمة في هذا المجال، إلا أنه يتضمّن أيضاً ثغرة، ألا وهي تحديد رفع السرية المصرفية بسنة واحدة، فيما يجب أن تكون دائمة، إذ يجب إزالة أي حدود يفرضها قانون السرية المصرفية وقانون النقد والتسليف أمام أي تحقيق تطلبه السلطة القضائية أو السلطة التنفيذية. إذا لم تُزَل هذه الحدود، فسيبقى القطاع المالي فوق القانون.
في الواقع، لم يعُد ينفع الكلام، إذ يبدو أن موضوع التدقيق كله طُوي، فيما ينتظر الجميع تأليف الحكومة. وحتى في حال تأليفها، فإن الحدّ الأقصى الذي يُمكن تحقيقه هو أن يأتي البنك المركزي الفرنسي ويجري تدقيقاً حسابياً، لا جنائياً، ويؤمّن خروجاً آمناً لرياض سلامة الذي لا تزال احتمالات خروجه قبل انتهاء ولايته ضئيلة.
وهنا، لا بدّ من الإشارة إلى مناورة القوى السياسية التي تقول بأن التدقيق في حسابات الدولة لدى مصرف لبنان متاح من دون تعديل القوانين، لأن الدولة تستطيع رفع السرية عن حسابات الوزارات والإدارات، وهو نوع من الغش تمارسه هذه القوى، لأن الحسابات موجودة أصلاً في ديوان المحاسبة، ولأن التدقيق المطلوب ليس في كيفية إدارة المصرف المركزي لحسابات الدولة، بل في إدارته للسياسة النقدية وتعامله مع المصارف وتحويل المال العام الى مال خاص لأصحاب المصارف وكبار المودعين. وبالتالي، فإن أي قول بأن الدولة قادرة على رفع السرية المصرفية عن حساباتها هدفه التعمية على الحقيقة والهروب من الهدف المطلوب.
باسيل يرد على السفيرة الأميركية
من جهة أخرى، أعلن المكتب الإعلامي لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أن "لا داعي للردّ مجدّداً على السفيرة الأميركية طالما هي تكرّر ذاتها دون الإتيان بأي برهان حول اتهام رئيس التيار الوطني الحر بالفساد، طالما لم تسلّم الدولة اللبنانية أي ملف يتضمّن معلومة أو وثيقة أو قرينة. ونلفت وزارة الخارجية اللبنانية إلى ضرورة أن تذكّر السفيرة الأميركية بضرورة احترام الأصول الدبلوماسية وعدم التدخّل بالشؤون الداخلية للبنان".
وكانت السفيرة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا قد قالت إن "باسيل شكرني على مواجهته بتفاصيل عن حزب الله"، ولفتت الى أن باسيل "حوّر فحوى اللقاءات التي جرت بيننا والعقوبات التي وُضعت عليه تُعنى بالفساد". وكشفت شيا أن "هناك ملفات عن شخصيات لبنانية في واشنطن تُدرَس تحت راية العقوبات المتعلقة بالفساد أو الإرهاب".