#الثائر
الثائر - عمان - ديمة الفاعوري -
في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1988، أعلن عرفات "قيام دولة فلسطين فوق الأرض الفلسطينية وعاصمتها القدس"، وهو الإعلان الثاني من نوعه، فقد أعلنت حكومة "عموم فلسطين" الوثيقة الأولى للاستقلال في أكتوبر/تشرين الأول 1948، وتشكّلت على إثرها حكومة في غزة برئاسة أحمد حلمي عبد الباقي.
لكن الفلسطينيين يحيون سنويا ذكرى إعلان وثيقة 1988 التي كتب نصها شاعرهم الراحل محمود درويش، والتي استندت -كما جاء في إعلانها- إلى "الحق الطبيعي والتاريخي والقانوني للشعب الفلسطيني في وطنه، وقرارات القمم العربية، وقوة الشرعية الدولية، وممارسة من الشعب العربي الفلسطيني لحقه في تقرير المصير والاستقلال السياسي والسيادة فوق أرضه".
وجاء في الوثيقة: رغم التزييف التاريخي بمحاولة تعميم مقولة "إن فلسطين أرض بلا شعب"، فإن المجتمع الدولي في ميثاق عصبة الأمم لعام 1919، وفي معاهدة لوزان لعام 1923، اعترف بأن الشعب الفلسطيني -شأنه شأن الشعوب العربية التي انسلخت عن الدولة العثمانية- هو شعب حر مستقل.
واستندت الوثيقة إلى الانتفاضة الشعبية التي اندلعت في الأراضي المحتلة قبل عام من هذا الإعلان، وقالت إن الفلسطينيين بهذا "التراكم الثوري النضالي" يؤكدون على حقوقهم الثابتة وممارستها فوق أرضهم.
لكن الرسالة السياسية التي أرادتها القيادة الفلسطينية حينها تتلخص في توجهها نصا إلى "الأمم المتحدة لتتحمل مسؤوليتها تجاه الشعب الفلسطيني"، وإلى دول العالم "أن تعينها في تحقيق أهدافها بوضع حد لمأساة الفلسطينيين وتوفير الأمن لهم وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضيهم".
وقال عرفات، في نص "وثيقة الاستقلال"، التي كتبها وحررها الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش: "إن المجلس الوطني يعلن، باسم الله، وباسم الشعب العربي الفلسطيني، قيام دولة فلسطين فوق أرضنا الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشريف".
وأضاف أن ذلك يأتي "استناداً إلى الحق الطبيعي والتاريخي والقانوني للشعب الفلسطيني في وطنه فلسطين، وتضحيات أجياله المتعاقبة دفاعاً عن حرية وطنهم واستقلاله".
وتابع أن الإعلان يأتي أيضا "انطلاقاً من قرارات القمم العربية، ومن قوة الشرعية الدولية التي تجسدها قرارات الأمم المتحدة منذ عام 1947، وممارسة من الشعب العربي الفلسطيني لحقه في تقرير المصير والاستقلال السياسي والسيادة فوق أرضه".
واعتبر عرفات، كما جاء في نص الوثيقة، يوم الـ15 من نوفمبر عام 1988، بداية "عهد فلسطيني جديد".
ودعت الوثيقة، التي تلاها عرفات، إلى ضرورة "مواصلة النضال من أجل جلاء الاحتلال (الإسرائيلي)، وترسيخ السيادة والاستقلال".
كما أكدت الوثيقة "التزام دولة فلسطين بميثاق جامعة الدول العربية، وإصرارها على تعزيز العمل العربي المشترك".
ودعت الوثيقة إلى ضرورة تحشيد الطاقات العربية وتكثيف الجهود من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
وفي السياق، شددت الوثيقة على "التزام فلسطين بمبادئ الأمم المتحدة وأهدافها، وبالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتزامها كذلك بمبادئ عدم الانحياز وسياسته".
وطالبت الوثيقة الأمم المتحدة "التي تتحمل مسؤولية خاصة تجاه الشعب العربي الفلسطيني ووطنه- أن تعينه على تحقيق أهدافه، ووضع حد لمأساته، بتوفير الأمن له، وبالعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية".
وإعلان عرفات استقلال فلسطين لم يكن الأول من نوعه، فقد أعلنت حكومة "عموم فلسطين" الوثيقة الأولى للاستقلال في أكتوبر/تشرين أول عام 1948، غير أن وثيقة الاستقلال التي أعلنها عرفات هي التي يتم إحياء ذكرها سنوياً.
وتشكلت حكومة "عموم فلسطين"، في عام 23 سبتمبر/أيلول عام 1948، في قطاع غزة، برئاسة الفلسطيني الراحل أحمد حلمي عبد الباقي.
وجاء في نص إعلان الاستقلال الأول: "أتشرف بإحاطة معاليكم علمـًا بأنه بالنظر لما لأهل فلسطين من حق طبيعي في تقرير مصيرهم واستنادًا إلى مقررات اللجنة السياسية ومباحثاتها، تقرر إعلان جمهورية فلسطين بأجمعها وحدودها المعروفة قبل انتهاء الانتداب البريطاني عليها، دولة مستقلة وإقامة حكومة فيها تعرف بحكومة عموم فلسطين على أسس ديمقراطية".
والإعلانان الأول والثاني، لم يحددا أي مساحة مستقلة لفلسطين، كما لم يحددا حدودها مع دول الجوار.
ويحتفل الفلسطينيون في قطاع غزة والضفة الغربية ودول الشتات، في مثل هذا اليوم من كل عام، بالذكرى السنوية لإعلان قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس؛ من خلال تنظيم الفعاليات الوطنية والثقافية، وعقد المؤتمرات الرسمية والشعبية.
وأعلنت الحكومة الفلسطينية، بداية الشهر الجاري، يوم "الاستقلال" عطلة رسمية في كافة الوزارات والمؤسسات الحكومية في فلسطين.
ومع حلول نهاية عام 1988، اعترفت أكثر من 82 دولة بفلسطين كدولة مستقلة، ليرتفع اليوم إلى 139 دولة، بحسب وزارة الخارجية الفلسطينية.
وخلال اجتماعها الـ67، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، لصالح قرار منح فلسطين صفة دولة غير عضو "مراقب" في الأمم المتحدة.
وشهدت الشهور الأخيرة من عام 2014 سلسلة من الاعترافات البرلمانية الأوروبية الرمزية، التي تدعو حكوماتها للاعتراف رسميًا بالدولة الفلسطينية، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".
وحصلت فلسطين، في الأول من أبريل/ نيسان 2015، على عضوية المحكمة الجنائية الدولية.
وفي 30 سبتمبر/ أيلول 2015، رفع العلم الفلسطيني لأول مرة إلى جانب أعلام باقي الدول الـ193 الأعضاء في المنظمة الأممية.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أقرّت في العاشر من ذات الشهر عام 2015 بتصويت أغلبية أعضائها رفع علم فلسطين في المقر الرئيسي للمنظمة في نيويورك، لتكون المرة الأولى التي تقر فيها الجمعية رفع علم دولة مراقبة لا تتمتع بعضوية كاملة في المنظمة.
وصوت لصالح مشروع القرار 119 دولة، فيما اعترضت ثماني دول بينها الولايات المتحدة وإسرائيل، وتحفظت 45 دولة بينها بريطانيا.
واعتبرت وزارة الخارجية رفع العلم الفلسطيني "انتصاراً دبلوماسياً يقرب الشعب الفلسطيني أكثر من حلمه الأكبر المتمثل بإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية".
وفي 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، طالبت الأغلبية الساحقة من الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة، إسرائيل بإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية (منذ 1967)، مؤكدة على ضرورة إيجاد حل شامل للقضية الفلسطينية.
كما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 19 ديسمبر/كانون الأول 2017، قرارا يؤكد حق الفلسطينيين في تقرير المصير؛ القرار الذي حصد تأييد 176 دولة ومعارضة سبع دول بينها إسرائيل وأميركا.
ورغم مرور 30 عاماً على إعلان الاستقلال وبالتزامن مع الجهود التي تبذلها القيادة الفلسطينية في المحافل الدولية من أجل تحقيق حلم "إقامة الدولة"، إلا أن إسرائيل ومنذ عام 1948، تنتهج سياسة التوسع الاستيطاني للسيطرة على الأراضي الفلسطينية.
وبحسب آخر إحصائية للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن إسرائيل تسيطر على أكثر من 85% من مساحة فلسطين التاريخية.
وتحتل إسرائيل 78% من مساحة فلسطين التاريخية، فضلا عن سيطرتها على بعض المناطق في الضفة الغربية التي تبلغ مساحة نحو21% من مساحة فلسطين التاريخية.