#الثائر
كتبت ندى عويجان تقول:
"مصير أولادنا على المحك،
في حين ما زالت أعداد الإصابات الجديدة بكورونا تتزايد، ليتجاوز العدد الإجمالي 30 ألف حالة، يبقى السؤال الأساسي يتمحور حول مصير العام الدراسي 2020-2021،
وفي حين لا تزال الأزمات، السياسيّة والاقتصاديّة والأجتماعيّة والصحيّة، تتفاقم في الداخل اللبناني، يتساءل أكثر من نصف أفراد المجتمع اللّبنانيّ كيف ستكون المرحلة المقبلة في وقت ما زال اتجاه البوصلة غير محسوم ؟
- مدراء المدارس، يجدون أن في العودة الى الصفوف إستمراريّة للقطاع التربوي ولمؤسساتهم التربويّة، سيّما وأن العديد من هذه المؤسسات اتّجه الى الإقفال.
- المعلّمون، يعيشون في معضلة فقدان عملهم والدخول الى عالم البطالة، وفي معضلة اعتماد مقاربة التعلّم عن بعد بغياب التدريب اللازم والمقوّمات الأساسيّة لذلك.
- أولياء الأمر، يتخوّفون من مغامرة العودة الى المدرسة ومن فعاليّة التعلّم عن بعد.
- أما التلامذة، فأصبحوا في حالة من الضياع واللاإستقرار النفسيّ والتربويّ. بعضهم يتخبّط في مقاربة التعلّم الجديدة، بعضهم فقد حماسه، بعضهم تناقص طموحه المستقبليّ، وبعضهم أصبح يجد في الهجرة سبيلًا للخلاص.
إنّ العام الدراسيّ على الأبواب،
فهل ستفتح المدارس أبوابها هذا الخريف ؟
هل نحن ذاهبون الى المجهول ؟
هل هي لعبة حظ ؟
هل تحمّل كلّ منّا واجباته بحسب موقعه ؟
هل نحن نعي، فعلاً، تداعيات ما قد يحصل ؟
إن التعليم والتعلّم المبني على تكافؤ الفرص هو العنصر الأساسي للحراك الإجتماعي بجميع أشكاله وأنواعه. وهو الركيزة الأساسيّة لمبدأ العدالة الإجتماعيّة في أي مجتمع معاصر. فرفع مستوى التعليم يتيح لأفراد الفئات الإجتماعيّة من مختلف الطبقات، الفرص المفتوحة لتطوير قدراتهم وكفاياتهم التعليميّة والفكريّة. وهذا ما يُحدث التغيير الإيجابي ويعمل على التنمية الإقتصاديّة والإجتماعيّة، ويسمح بالأوطان والمجتمعات الى دخول عصر اقتصاد المعرفة.
لذلك، يجب تأمين الفرص المتكافئة في التعليم والتعلّم الجّيد، بكامل مضامينه وأنواعه وأساليبه وطرائقه، كونه حق لكل تلميذ ومعلّم في جميع المناطق اللبنانيّة دون تمييز (بيروت، جبل لبنان، الشمال، الجنوب والبقاع).
ولكن على من تقرأ مزاميرك يا داوود؟
على أناسٍ جُهّل ؟ على أناسٍ مموّهين، مضطربين وغير مبالين ؟
أو على أناسٍ "مش طالع بإيدهم شي" ؟
في أول حزيران أطلقنا صرخة "من سيتحمّل مسؤوليّة خسارة عام دراسي جديد؟"
دون جواب!
ومنذ أكثر من خمسة أشهر، ونحن نحذّر من تطوّر جائحة كورونا، ونطالب بضرورة تعزيز التعلّم عن بعد، كونه المقاربة الأصعب بالتطبيق.
منذ أكثر من خمسة أشهر ونحن نتكلّم عن ضرورة تأمين المستلزمات الأساسيّة ودعم مقوّمات التعلّم عن بعد، ودعم إطلاق المدرسة الافتراضيّة.
واليوم، وبعد خمسة أشهر من التردد والصراعات الغير المجدية، ومن المزايدات والتحديات والكيديّات غير المسؤولة، ومن الجهود الجبّارة الغير المقدّرة، نجد أن جهوزيّة العام الدراسي الحالي، لا تختلف كثيراً عن ما كانت عليه الحال في العام الفائت.
ما زالت الجهوزيّة متفاوتة بحسب المناطق، وبين المدارس والمعلّمين والتلامذة والأهل،
ما زالت الرؤية ضبابيّة والخطة فضفاضة، والتحضيرات التربويّة غير مكتملة وبرنامج الدعم النفسي الإجتماعي لا يتوافق مع الواقع،
ما زالت المسؤوليّة ملقاة على عاتق الأستاذ غير المدرّب بدل من أن يتم تحمّل المسؤوليّة من قبل المعنيّين، في ظل شبه غياب للتجهيزات الإلكترونيّة الّلازمة للمتعلمين والمعلّمين، وشبه غياب للإنترنت المجانيّ السّريع، وللتّيّار الكهربائيّ،
وما زالت الجهود مبعثرة، والمصداقيّة نسبيّة والمهنيّة في التعاطي مفقودة.
لقد سبق وقلنا : "لازم يرجعوا اولادنا على المدارس،
وكرمال التوازن العام بحياتهم، والتوازن في نموّ شخصيتهم،
لازم يرجعوا يتعلّموا، ويتخالطوا وما يبقوا بالبيت.
ولكن، لازم العودة تكون آمنة تربوياً نفسياً وصحياً".
مصير أولادنا على المحك،
أصبحنا اليوم بأمس الحاجة الى قائد تربوي،
ايجابي، رؤيويّ، ذكيّ، مبادر، مبدع، متجدد، ملتزم، نشيط،
رصين، متواضع، أمين، محفّز، مثقّف، لبق، منضبط، مسؤول، جريء، شجاع، قويّ،
واثق من نفسه ومن قدراته، مسالم دون أن يكون مستسلم، مفاوض دون أن يكون مساوم،
قادر على التواصل، على التخطيط، وعلى العمل تحت الضغط،
قادر على فهم واستيعاب وجهات النظر المتعددة،
وقادر على حل المشاكل بأقل ضرر ممكن،
يؤمن بدور المؤسسات وبتأثير المشروع التربوي في تطوير مستقبل الأوطان،
ويسعى الى "نظام تربوي عادل ومستدام لمجتمع متماسك ومواطن فاعل ومنفتح".
نحن بحاجة الى إنسان من الشعب والى الشعب.