#الثائر
ما زال موقف التيار الوطني الحر الذي عبّر عنه البيان الصادر عن هيئته السياسية أول من أمس هو نفسه. ووفقاً للمصادر، فإن "ممارسات رؤساء الحكومات السابقين غير مقبولة مثلها مثل أداء تيار المستقبل وسعيه لخلق أعراف جديدة من خلال تسمية الرئيس. أمعن الحريري في وقاحته، ينتهك الدستور عبر ادّعاء حق طائفي بتعيين رئيس الحكومة ثم يدّعي حقاً علمانياً مدنياً بتسمية الوزراء من دون استمزاج آراء الكتل النيابية". من ناحية أخرى، تقول المصادر إن "المشاركة في السلطة التنفيذية وما يسمّى التوقيع الثالث لا تكون عبر وزارة تخفي مطلباً بالمثالثة. فأساس خارطة الطريق التي طرحها التيار تركزت على معالجة الأزمة والانهيار خلال ثلاثة أشهر، ثم الانتقال الى تطوير النظام، لكن يبدو أن ثمة من استعجل القفز فوق الهم الأول. ومنذ البداية أيضاً، أخذ رئيس التيار"، على ما تضيف المصادر، "دور المسهّل عبر سحب نفسه من حلبة الصراع كي لا يتهم بالعرقلة، مع التشديد على أن هذا الموقف لا يعني مطلقاً المس بعمق العلاقة مع حزب الله في موضوع دعم المقاومة في وجه إسرائيل وفي وجه أي خطر يأتي من الخارج". لكن من الواضح أن "التيار غير معني بمساندة بري الذي استعجل لإسقاط حكومة كانت تنال انفتاحاً دولياً عليها، لإعادة الحريري - رأس الحربة في المعسكر المواجه. ولمّا فشلت هذه الصفقة عبر انسحاب الحريري منها ونتيجة خطأ من بري نفسه، صار المطلوب من التيار أن يكون قوة إسناد ناري لطرح مذهبي، فيما عندما تم تنفيذ ما افترضت حركة أمل أنها صفقة ناجحة، لم يلتفت رئيسها الى مصلحة التيار ولم يجر النقاش معه في خيار مماثل. مع ذلك، انسحبنا الى حدّ إلغاء الذات".
من ناحيته، يتصرف رئيس الحكومة المكلف وكأنه لا أزمة سببها انقلاب فريقه على حكومة الوحدة الوطنية المنصوص عليها في المبادرة الفرنسية، ولا كأنه يصرّ على تجاهل الكتل البرلمانية التي نصّبته رئيساً للحكومة، مُدّعياً حياديته ورغبته في تأليف حكومة اختصاصيين، فيما بات واضحاً أن عرّابَيه الحريري والسنيورة ينفذان عبره الأجندة الأميركية، التي تخطّت المعركة على حقيبة المال لتنتقل الى موضوع الشراكة ووجهة برنامج العمل الذي ستتبناه الحكومة المقبلة. فقد أصدر أديب بياناً يدعو فيه الى "تعاون جميع الأطراف من أجل تسهيل تشكيل حكومة مهمة محددة البرنامج، سبق أن تعهدت الأطراف بدعمها، مؤلفة من اختصاصيين"، مشيراً الى أن "لبنان لا يملك ترف إهدار الوقت". وأكد أنه لن يألو جهداً لـ"تحقيق هذا الهدف بالتعاون مع رئيس الجمهورية"، متمنياً على الجميع "العمل على إنجاح المبادرة الفرنسية فوراً"، علماً بأن مساعي فرنسية للحلحلة تمثلت في اقتراح تسمية الاليزية للوزير الشيعي، جرى رفضها من قبل بري، شأنها شأن طرح الحريري تسمية وزير المال المنتمي الى الطائفة الشيعية بنفسه. وعليه، كل طرقات الحل مقفلة بانتظار مبادرة جدّية لحل الأزمة، وسط إصرار حركة أمل وحزب الله على التمسك بمطالبهما. على أن ثمة ما يثير الاستغراب، وهو أداء رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ، الذي سارع فور طرح المبادرة الفرنسية الى رفضها عبر رفض تسمية مصطفى أديب لتأليف الحكومة. لكن ومنذ بروز عقد وزارة المالية، عاد جعجع ليطلق الموقف تلو الآخر لإعلان تأييده للمبادرة. رئيس القوات، المأزوم في الشارع وسياسياً الى جانب صرف النظر الأميركي والخليجي عنه، أصدر بياناً أمس ليعطي تعليماته بشأن طريقة تأليف الحكومة، مطمئناً "الشيعة" الى أنه لا استهداف لهم، وأنه لن يقبل "بإلغاء طائفة بأمها وأبيها". وأعلن جعجع تأييده "المداورة الكاملة، طوائف وأحزاباً، ونرفض كلياً أن تسمّي الكتل الحاكمة أيّ وزراء في الحكومة".