#الثائر
أرسل مستشار الأمين العام لجامعة الدول العربية للشؤون العسكرية، الوزير السابق في جمهورية مصر العربية، اللواء أ. ح . محمود خليفة ، عبر موقع «الثائر» رسالة إلى لبنان هذا نصها:
كل التحيات والاحترام والحب إلى لبنان السلام.. لبنان التسامح.. لبنان الحريات. هذه الدولة الحبيبة لكل العرب وخاصة المصريين الذين يعشقونها..ولذلك يشعرون اليوم بالأسى اتجاهها، لما عانته ومازالت تعانيه من آثار التغيرات السياسية والأمنية والاقتصادية منذ سنوات، وعلى فترات متقطعة، ويقيني أن الأشقاء اللبنانيين محبون وعاشقون لبلدهم على اختلاف التنوع الطائفى والمذهبى، ولم يتعمد أحد منهم بصفة عامة التأثير على مناخ الاستقرار العام ، لأنهم في نهاية المطاف يدركون أنهم هم المتضررون في حال حدوث مشاكل سياسية أو اقتصادية أو أمنية.
لكن ما هي المشكلة؟
من وجهة نظري أنه منذ عقود طويلة لم تسلم دولة عربية أو حتى إفريقية من التدخل الأجنبى بكافة أشكاله وأساليبه المباشرة الواضحة للجميع، وأيضاً الغير مباشرة، وكلّها يعلمها المثقفون المتجردون من المصالح الشخصية. ومن تلك الأساليب ؛ صناعة الاختلاف والتصادم اعتماداً على عناصر الطائفية والمذهبية والقبلية، خاصة أن كل شعوب المنطقة تُمثّل العقيدة الدينية لديها ، ثوابت راسخة وقوية، ولذلك أتصوّر أن الاختلاف في لبنان الشقيق بين الطوائف والمذاهب هو في الأساس صناعة خارجية بامتياز، وأصبحت مرتكزات تلك الصناعة والاستراتيجيات، تتحكم في مسار ومناخ الاستقرار والأمن العام.
أعتقد أننا لو سألنا كل لبناني عن وجهة نظره فى الأحداث، سنجد أنهم متفقون جميعاً على رأي واحد ، فيما يخص أمن واستقرار لبنان، وحب لبنان، وأهمية تواجد حكومات ذات كفاءة عالية لإدارة أمور الدولة . لكنهم قد يختلفون على عدد أو اسماء من يتولّى الحقائب الوزارية لكل طائفة، أو عدم دعم اسماء بعض المرشحين بناءً على الانتماء الطائفى أو المذهبى. وبالتالي تحدث مشاكل في ثبات واستمرارية الحكومات، رغم الحرص الشديد داخل كل اللبنانيين على استقرار بلدهم.
والدليل على أن الطائفية والمذهبية صناعة خارجية بامتياز لصالح من صنعوها في الخفاء أو جهراً، أن هناك دول وكيانات كبرى في العالم فيها تعدد مذهبي وطائفي ، وعلى سبيل المثال وليس الحصر الهند ..التي تُعتبر قارة هندية نسبةً إلى مساحتها وعدد السكان، وفيها عشرات العقائد والمذاهب والقوميات، ومع ذلك فإن هذا الاختلاف شكّل مصدراً للتماسك والقوة والتقدم الحضاري.
لماذا لاتتعلم دولنا عملياً من هذه الدول التي ارتقت بالابتعاد عن الاختلاف أو التمييز الطائفي بين المواطنين؟
أولاً من الطبيعى جداً والضروري في كل دولة قوية متماسكة آمنة ومستقرة، أن يكون هناك وحدة في آليات وأدوات الدولة. فلن تستقر دولة تتعدد عناصرها في الانتماء والولاء لغير الوطن. ولن تستقر دولة تتعدد الجهات أو العناصر التي تحمل فيها السلاح، عدا كيان واحد اسمه الجيش الوطني أو القوات المسلحة للدولة فقط.
هذا هو المبدأ الثابت والمستقر وليس مستحدثاً أو طارئاً في كل دول العالم.
وأما من ناحية العقيدة فكلنا، وأنا شخصياً، نحترم كل الأديان السماوية والمذاهب، بل أحترم أيضا العقائد الإنسانية تماماً وأرى أن من يصنع ويذكي تصادم المذاهب في العقيدة الواحدة، يهدف إلى الاضرار بالعقيدة كلها. بل يجب أن نكنّ الاحترام والحب لبعضنا كمواطنين، ولنا حقوق واحدة، وعلينا واجبات واحدة ، وهي أن نُعلي المصلحة الوطنية والقومية فوق كل اعتبار وأي اختلاف.
لقد ولدنا وكبرنا كمصريين ونحن نحب لبنان وأرض لبنان، وشعب لبنان، والفن اللبناني، والثقافة اللبنانية، وكم من كُتب لمفكرين مصريين نُشرت فى لبنان!! لبنان الثقافة والحرية.
حاجتنا اليوم أن نتيقّن من المثل العربى القائل: «ماحك جلدك غير ظفرك» ..ويجب ألا تخدع أي مواطن عربي تلك التصريحات السياسية والقرارات. فالأهم هو تفعيل الغاية والمراد والهدف، وليس خطوات تكتيكية قصيرة المدى فقط، لا تُحقق المصالح العليا للبلاد.
ثانيا نحتاج إلى الاهتمام بالثقافة والوعى والإدراك للمواطن العربي بصفة عامة، لأنهما السبيل للابتعاد عن الطائفية والمذهبية والقبلية بكل أشكالها المدمرة وبكافة الوسائل، وبهما يرتقي المواطن وتزداد قيمة العمل ويرتفع الناتج القومي ويتحسن الاقتصاد ويتحقق لنا الاكتفاء الذاتي وامتلاك قرارنا.
وبالثقافة أيضا سيحترم كل منا الآخر في العقيدة واللغة واللون. فالدول التي ارتقت ونراها حاليا عالية متقدمة، ارتقت بالثقافة والعلم والعمل والقيم أمّا بدون ذلك، سنظل كشعوب ودول كما نحن.
.
كل احترامى وحبى للبنان وشعبه العظيم وتمنياتى أن يتم التوافق وإعلاء المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار.