#الثائر
من يعتقد أن الأزمة في لبنان قد تنتهي دون حرب قاسية، فهو متفائل جداً وقارئ سيّء للأحداث. فالحرب وفقاً لتقارير استخباراتية لدولة غربية هي حتمية في لبنان، ولقد ذكر المصدر للثائر عدة نقاط ومعلومات تؤكد صحة التوقع.
يبدأ التقرير الذي رُفع إلى حكومة الدولة المعنية بشرح عام وعرض للأحداث التي عصفت بلبنان، والإنقسام الحاد داخل المجتمع، والتعصب الطائفي الذي يصل إلى حدود الكراهية العمياء، وليس أقله ما شهدته الساحات مؤخراً من عنف بين جماعات دينية متطرفة، ودعوات مذهبية للاحتفاظ بالغضب، وتهديدات بقتل وإنهاء المعارضين، بما يشبه ما فعلته وتفعله الأحزاب التوليتارية الحاكمة في بعض دول في العالم .
ويعود التقرير ليستذكر كيف يستسهل اللبنانيون اللجؤ إلى العنف، ويستشهد بالاحداث التي شهدتها طرابلس وبعلبك وصيدا وخلدة وغيرها، فاللبنانيون اعتادوا على غياب الدولة، وأخذ حقوقهم باللجؤ إلى القتل والسلاح، وخدمة أهداف وأوامر دول خارجية، مقابل المال أو لارتباطات عقائدية وايديولوجية .
يقول التقرير أنه إضافة إلى كثافة السلاح المتوافر في معظم بيوت اللبنانيين، فإن بعض الأحزاب اللبنانية دأبت منذ مدة على تدريب عناصر عسكرية، وهي تستعد لمرحلة الأمن الذاتي، حتى أنها تجري اتصالات مع جهات خارجية لاستقدام السلاح .
ويشير التقرير إلى أن القوة الأكبر الآن هي حزب الله ، الذي يملك السلاح وأكثر من عشرة آلاف جندي مدربين تدريباً جيداً، إضافة إلى متطوعين من الدرجة الثانية يقدر عددهم بقرابة ١٥ الف شخص، وأن الحزب لا يمكنه التخلي عن سلاحه، وليس بوارد التراجع إطلاقاً، وأن هذا الأمر محسوم لديه كما لدى السلطات التي يتبع لها في إيران .
كما أن الحزب الذي بات يسيطر على قرارات الدولة اللبنانية، وتحولت سلطته إلى سلطة شرعية بفضل قانون الانتخابات الأخير، والذي جعله مع حلفائه يسيطر على البرلمان، إضافة إلى الغطاء المسيحي الذي وفره له رئيس الجمهورية ميشال عون ، أصبح أكثر تمسكاً بمواقفه، خاصة أنها تنطلق من قضيتين أساسيتين:
الأولى الدفاع عن لبنان وحماية مصالحه في مواجهة إسرائيل، وهي بنظره مهمة لا يستطيع تنفيذها الجيش اللبناني، الذي تم حجب السلاح النوعي عنه لسنوات.
أما الثانية فهي قضية دينية وعربية، ترتبط بالصراع مع إسرائيل والمقاومة وتحرير الأراضي المقدس وأهمها المسجد الأقصى وهذه ايضاً مسألة وجودية لا يمكن النقاش فيها .
تعايشت سابقاً الدولة والدويلة في لبنان بسبب فترة الرخاء والأموال التي تدفقت عليه، وانشغال قادة الطوائف والأحزاب بجمع الثروات وتقاسم المال العام، أما الآن فلا أموال ليقتسموها، وبعد الثورة والإحتجاجات الشعبية، هناك تململ كبير داخل جمهور هذه الأحزاب، التي باتت موضع اتهام حتى من قبل المناصرين .
تسعى دول عديدة لتأجيج الصراع بين اللبنانيين، وهي مستعدة طبعاً لتقديم المال والسلاح. وفي نصائح تلقاها رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو، الذي كان أمر رئيس أركان جيشه افيف كوخافي بوضع خطة عسكرية لضرب حزب الله، وأنجز كوخافي الخطة منذ أول حزيران ٢٠٢٠، تلقى نتانياهو نصائح بعدم تنفيذها، وأن الحرب لن تضعف حزب الله، بل ستدمر الدولة اللبنانية، وستكون مكلفة له، والحل الأفضل والأقل تكلفة، هو بدفع اللبنانيين إلى الإقتتال والحرب الداخلية، حتى ينهار السقف على الجميع، وتصبح بعد ذلك الظروف مهيئة لتنفيذ المخططات الكبرى ولإعادة الإعمار والبناء .
لا يمكن لباقي القوى والطوائف القبول بسيطرة حزب الله الشيعي والمرتبط بالمشروع الإيراني على لبنان، وهذا ما أصبح واضحاً ومعلناً في خطابات عدد غير قليل من هذه الأحزاب، خاصة المسيحية منها، وحتى في كلام رؤساء احزاب وطوائف أُخرى ، وبعضها طرح مشروع الفيدرالية، كخيار بديل لما يريده حزب الله من استمرار للوضع القائم، الذي يسمح له بالسيطرة على الدولة واستخدام مقدراتها .
لم تلقَ دعوة البطريرك الراعي للحياد آذان صاغية، وتم التعامل معها برفض مطلق، فحزب الله لا يمكنه الحياد في مواضيع عديدة، وهو موجود عسكرياً في سوريا واليمن والعراق وأماكن اخرى، والعودة إلى لبنان الآن لم تحن بعد، وعندما يحين الوقت ماذا سيفعل الحزب بآلاف المقاتلين ؟.
عندما تشتد الأزمات تصبح الحرب هي المخرج الوحيد، فبعد استعصاء الاتفاق بين القوى السياسية الاساسية في لبنان حتى على الامور البسيطة كحكومة انقاذ حيادية، أو وقف التهريب واصلاح الكهرباء ومحاربة الفساد، ووقف التدهور المالي. واستمرارهم في التعنت ورفض التنازلات، والسعي لتعويم بعض الأشخاص، والتمسك بحقائب وزارية سراً، وإعلان التعفف جهراً وكذباً على الناس .
وكذلك الإصرار على الدخول في صراع وعداء مع المجتمع الدولي، خاصة الدول الصديقة القادرة على مساعدة لبنان، كالولايات المتحدة الأميركية ودول الخليج العربي، وأمام تفاقم المشكلات، الصحية والاقتصادي والمالية، وانعدام وجود أُفق للحل وخطر الفقر والمجاعة الذي سيشكل بيئة حاضنة للتطرف، وللتدخل الخارجي، وتفقيس جماعات مسلحة على غرار ما حدث في سوريا وربما أكثر .
يبقى اللبنانيون بانتظار ساعة الصفر لامتشاق السلاح مجدداً، وخوض مرحلة دامية قد تودي هذه المرة بلبنان نهائياً، وتصدق نبوءة وزير الخارجية الفرنسية بزوال لبنان، لنشهد بعدها ولادة أكثر من لبنان، ويبدو فعلاً أنها بشائر الحرب الحتمية التي لا مفر منها، كما يذكر التقرير، أصبحت على الأبواب .
رئيس التحرير