#الثائر
- " اكرم كمال سريوي " --- خاص "الثائر" ----
ينتظر اللبنانيون بقلق شديد ماذا سيحدث في الأيام القادمة ، وكيف ستتجه الأمور بعد زلزال بيروت . وما زال المسؤولون يترددون في كشف حقيقة ما حصل ، خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبيروت .
وفي معلومات خاصة ل «الثائر» أوضحت بعض المصادر، أنه غير صحيح ما أُشيع بأن ماكرون لم يذكر أسم رئيس الحكومة المقبلة، بل على العكس هو كان واضحاً في حديثه مع جميع الأطراف، خاصة مع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ، وطالبهما باستبدال حكومة دياب بحكومة وحدة وطنية، بالأشتراك مع كافة القوى التي حضرت اللقاء الرئاسي، وفي مقدمتها الرئيس سعد الحريري .
ويضيف المصدر أن باسيل وعد ماكرون بتسهيل عودة الحريري إلى رئاسة الحكومة، ولم يمانع حزب الله في ذلك، ومن المعروف أن الرئيس نبيه بري هو من أول الداعين والداعمين لعودة سعد الحريري، وأن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي نصح الحريري سابقاً بالأبتعاد عن الحكم، بدّل موقفه وأصبح مؤيداً لعودة الحريري الآن .
وينطلق تمسّك الأطراف اللبنانية بعودة الحريري من جملة مسلمات أهمها :
١- لا يمكن الحديث عن حكومة وحدة وطنية بغياب تيار المستقبل، الذي يُرشّح الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة، والذي يحظى بتأييد غالبية الطائفة السنية أيضاً .
٢- لن يعطي الرئيس الحريري الغطاء السياسي لأية شخصية سنية أُخرى لترؤس الحكومة، وهو يعلم جيداً أهمية وجوده في هذا الموقع، وتأثير ذلك على مستقبله السياسي، خاصة في ظل الحديث عن قانون انتخاب جديد، ستجري على أساسه الإنتخابات المقبلة. وهو كان قد أرسل رسائل واضحة إلى التيار الوطني الحر، عندما أعلن موافقته على مشروع سد بسري، وكذلك إلى حزب الله، عندما طلب من جمهوره التهدئة وعدم جر البلد إلى الفتنة الداخلية، قُبيل الموعد الذي كان محدداً لصدور قرار المحكمة الدولية، في قضية والده الشهيد رفيق الحرير، والذي كان مقرراً في ٧ آب، وتم تأجيله إلى الثلاثاء القادم ١٨ آب بعد حدوث انفجار المرفأ .
٣- تتمسك فرنسا بعودة الحريري، لما له من علاقات صداقة معها، ومع عدة دول أُخرى، خاصة الغربية منها، وهي تعلم أنه الشخصية السنية الأقدر على ضبط الشارع السني، وكذلك على الوقوف في وجه سيطرة حزب الله على السلطة في لبنان، ويبدو أن فرنسا نجحت في إقناع الأميركيين وعدة دول أُخرى بذلك .
٤- لم تكن ترغب السعودية بعودة الحريري إلى الحكم في ظل أية مشاركة مع حزب الله، وهي لا تُخفي هذا، وكذالك امتعاضها من مواقف الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله. ولكن بعد تجربة حكومة حسان دياب، تبلور رأي جديد لدى بعض القيادات السعودية، التي باتت تُفضّل عودة الحريري إلى الحكم .
٥- بعد اتصال الرئيس الفرنسي ماكرون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يبدو أن المساعي نجحت في حل العقدة السعودية، وحصل وزير الخارجية الروسية سرغي لافروف، بعد محادثاته خلال الاتصال الذي أجراه أمس الأربعاء، مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان، على موافقة السعودية على عودة الحريري إلى الحكومة، ووعود بمساعدة لبنان على النهوض من كبوته، والتخلص من أزمته الاقتصادية .
٦- إن ما جرى مع السعودية تكرر أيضاً مع طهران، في الاتصال الذي أجراه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع نظيره الإيراني حسن روحاني، حيث شدد ماكرون على ضرورة تجنّب أي تصعيد، والتزام جميع الأطراف بالتهدئة، ودعم تشكيل حكومة وحدة وطنية في لبنان، تكون مهمتها إدارة الأزمة الطارئة. وأبدى روحاني استعداده لدعم لبنان ومقترحات ماكرون .
٧- يعلم حزب الله جيداً أن عليه ملاقاة الحريري في منتصف الطريق، خاصة بعد صدور حكم المحكمة الدولية، وما يمكن أن يتركه ذلك من تداعيات سلبية على الساحة اللبنانية، في حال عدم الدخول في التسوية مع الحريري .
كما أن التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل، أصبحوا يدركون جيداً، أن إخراج الحريري من الحكم أضعف العهد، وكانت مكاسبهم ضئيلة وغير مرضية من حكومة حسان دياب، وكادت تُفضي إلى محاصرة داخلية ودولية للعهد والتيار الوطني الحر .
٨- أقنع ماكرون الأمريكين بمحدودية تأثير وجدوى العقوبات المالية الأمركية على حزب الله، بحيث تبين أن تأثيرها السلبي طال كامل الشعب اللبناني، بدرجة أكبر بكثير مما كان يأمل أن تفعله، أولئك الذين أرادوا إضعاف الحزب، وتأليب البيئة الحاضنة للمقاومة ضده .
٩- أرسل حزب الله في الفترة الأخيرة عدة رسائل تهدئة إلى كل الأطراف في الداخل والخارج، وتجنّب الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله في إطلالاته الأخيرة، أي تصعيد ضد الدول الغربية والعربية، خاصة السعودية. كما لم يرد الحزب على الاعتداءات الإسرائيلية التي طالت عناصره ومراكزه في سوريا، ولم يمانع ايضاً في تولّي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ملف ترسيم الحدود البحرية والبرية مع إسرائيل، عبر الوسيط الأمريكي، الذي سارع بإيفاد مساعد وزير الخارجية ديفيد هيل، الذي سيصل مساء اليوم الخميس إلى بيروت، وسيزور قصر بعبدا صباح الجمعة، ثم يلتقي الرئيس نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب .
ليس خافياً على أحد أن الحكومة اللبنانية تتشكل بجزء كبير منها بالتوافقات الدولية الخارجية، وباتت تُشير كافة المعطيات إلى عودة الرئيس سعد الحريري. لكن بعض الشروط والمطالب لدى الكتل السياسية اللبنانية، قد تؤخر إنجاز الحكومة قبل بداية أيلول، الموعد الذي حدده ماكرون لعودته، وإطلاق قطار المساعدات للبنان .
لكن تجزم مصادر مطّلعة، أن الأسبوع القادم أو الذي يليه على أبعد تقدير، سيتم تحديد موعد الإستشارات النيابية الملزمة، وسيتم تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة، وستلقى حكومته دعماً دولياً، إعادة إطلاق ورشة إعمار مرفأ بيروت، والإفراج عن أموال مؤتمر سيدر، لكن سيكون مطلبوباً منها أولاً إنجاز عدة إصلاحات، أهمها ما يتعلق بملف الكهرباء، وتخفيض عجز الموازنة، وإعادة الثقة بالقطاع المصرفي .