#الثائر
- زمرد المحمود*
ظاهرة عالمية تاريخية لم يقتصر وجودها كما في اعتقاد الغالبية في دولنا العربية والدول النامية، على العكس تماماً وجدت في الامبراطورية الصينية والرومانية، هي ظاهرة الزواج القصري، في عام 1533 كانت من أبرز ضحاياها الأميرة إيميليا من ولاية ساكسونيا في عامها السادس عشرحيث تزوجت من جورج مرغريف براندنبورغ بايرويت أنسباخ الذي كان يبلغ الثامن والأربعين من عمره، كما تزوجت ماري أنطوانيت من لويس أوغست في فرساي عام 1770 في عامها الخامس عشر، صرحت ممثلة المسرح الأنجليزي بأنها لم تشعر بالارتياح كونها طفلة عروس حيث كانت قد تزوجت وهي في السادسة عشر من جورج فريدريك واتس الذي كان يكبرها بثلاثين عاماً.
زواج القصر والأديان.
في الإسلام حلل عدد من المشايخ هذا الجرم بحجة أن الرسول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم تزوج السيدة عائشة وهي في الثانية عشر من عمرها لكن هذه القصة لا يجب علينا تعميمها بالطبع رسولنا الكريم هو قدوتنا لكن يجب علينا أن لا ننسى أن زواجه صلى الله عليه وسلم من أمنا عائشة كانت بأمر من الله عزوجل وكان له غايات كثيرة عادة بالفضل والفائدة على هذه الأمة الإسلامية، إنزواج القصر هو زواج بالإكراه يغيب فيه الرضا ليحل محله الغصب و الاكراه التنفير والإجبار، جميعنا يعلم أن زواج الإكراه من المحرمات، في المسيحية والهندوسية حرم زواج القاصرات، أما في اليهودية شدد الحاخامات على هذا الفعل وأباحوه ومن العائلات الياهودية التي يزوجن أطفالهم قبل سن الثالة عشر عاماً لمنعه من الإنحراف.
سلب الحقوق
من المعروف أن أغلب من يتعرض لهذه المعضلة هن الفتيات حيث وصلت نسبة زواجهن القصر 82% مقارنة بالفتيان وفي كل عام تتزوج 12 مليون فتاة دون سن البلوغ بدون أي استعداد جسدي او حتى عاطفي كما أوضحت دراسات سابقة، هذا الفعل ليس فقط إغتصاب جسدي وروحي بل هو ايضاً إغتصاب للطفولة إغتصاب لحق الفتاة بحقها في التعلم، في اللعب وهو يشل تفكير الفتاة كما يحدد دورها في المجتمع حتى دور الزوجة والأم لن تقم به على أكمل وجه أو كما يتوقع منها لإنها بالطبع سلبة روحها مما يترتب عليه من أمراض نفسية وشخصية غير سوية غير قادرة على القيام بأبسط واجباتها، نحن لا نستطيع أن نطالب طفلة بتحمل مسؤولية هي في الأساس تحتاج لمن يتحمل مسؤوليتها، إنه لجرمٌ بشع عدى التدمير النفسي لهؤلاء الزهرات التي لم تتفتح بعد وتحطيم أحلامهن المستقبلية وطموحهن قبل أن يبدأ، هنالك عدد كبير منهن يفارقاً الحياة أثناء فترة الحمل أو عند الإنجاب، إضافة لتعرض الكثيرات لحالات الإجهاض المتكررة؛ فما زالت أجسادهن ضئيلة غير قادرة على تحمل مشاق الحمل التي في الأساس تعد صعبة ومجهدة على النساء في الأحوال الطبيعية وفي عمرهن المناسب للزواج بيولوجياً، من الجدير بالذكر أنهن قد يتعرضن في الغالب للممارسات الجنسية الشاذة والوحشية المنافية للطبيعة الإنسانسية والفطرة السليمة دون إدراكهن لما يتعرضن له.
ماذا تتوقع عزيزي الزوج السفاح الجلاد من طفلة لا زالت تلعب بدمية ولم تنضج بعد لتتمنى فارس أحلامها، لم تصل أحلامها لتصبح طبيبة او مهندسة بل أقصى ما تتمناه أن تكمل تعليمها لتصبح كمعلمتها وهي أكبر قدوة لها يستطيع عقلها إستيعابها، لا زالت تفرحها دمية جديدة أو عيدية، تنام بجانب لباس العيد، تبكي وتحزن لكلمة صغيرة، لكي تأتي انت وذويها بهذا المجتمع الظالم لتحمل هذه البتلات أكبر وأصعب مسؤولية.
أي نعم هو سفاح إختارها لتكون دميته التي يتسلى ويلهوا بها لايريد عقلا مدبراً لا يريد شريكة لا يريد من إذا حدث مكروهٌ له أن تقف وتكون سنداً له أن تفهم تحاوره وتناقشه. من الآثار السلبية لهذا الفعل على الفتيات أنهن أكثر عرضةً للفيروسات المنتقلة جنسية كفايروس العوز المناعي البشري، حصول اضطرابات نفسيّة خطيرة عند شريحة كبيرة من الفتيات القاصرات، وذلك بسبب الصدمة التي يتعرضن لها، والتي تنتج عن هذا الزواج المبكر؛ لأنهن غير مستعدات لهذا التغير المفاجئ في الانتقال من مرحلة الطفولة إلى النضوج بشكل مباشر، ودون المرور في المراحل العمرية العادية، لذلك تصاب أغلب الفتيات القاصرات بالعديد من الأمراض النفسية، مثل: الاكتئاب الشديد، والقلق، وغيرها. كما تفقد الفتاة هويتها الاجتماعيّة، وتشعر بأنها لا تمتلك شخصيةً خاصةً بها، وذلك لشعورها بالحرمان من أبسط حقوقها في الحياة، وفي الحصول على التعليم المناسب، كما أنها لا تمتلك الثقافة الكافية للتعامل مع الأطفال؛ لأنها ما زالت في مرحلة الطفولة، لذلك لا تكون مستعدةً لتقبل التعامل مع الأطفال، وهي في مرحلة عمريّة غير مناسبة.
طفلة تحمل طفل
ما هو الجيل القادم الذي نتوقع نشأته مستقبلاً من هذا الفعل، والذي يعد الضحية الثانية بعد والدته الطفلة كيف بإستطاعتها زرع وترسيخ المفاهيم الصحيحة للإنسانية، الكرامة، الرحمة، الطموح والهدف، وأهمها القدرة على التمييز بين الخطأ والصواب والإختيار، التي هي بذاتها حرمت منها.
عالمياً
عادة ما نجد هذه الظاهرة أكثر انتشاراً في مناطق الأرياف وبنسبة أعلى من المناطق الحضرية، كما ان هنالك تفاوت في نسبة الزواج المبكر بين الطوائف والمجتمعات القبلية مقارنة مع جماعات أخرى.
تعد جنوب أفريقيا الأعلى نسبة في زواج القاصرات حيث تعدت ال 50%، في المرتبة الثانية جنوب آسيا حيث بلغت نسبة زواج القاصرات ما يعادل 30%، تليها دول قارة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي حيث بلغ نسبة زواج القصر 25%، أما في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 18%، أما بالنسبة لأوروبا الشرقية وآسيا الوسطى 11%، كما لوحظ اختلافاً في المناطق الجغرافية التي ارتفعت فيها نسبة زواج القصر من الفتيان فقط وأخرى من الفتيات.
في إحصائيات وثقتها منظمة اليونيسيف العام الماضي بلغ عدد الفتيات والفتيان اللذين تعرضوا لهذا النوع من الإغتصاب (زواج القصر) 765 مليون حالة، أما بالنسبة لعدد الرجال المتزوجين حالياً وسبق لهم التزوج من قبل سن 18 عاماً إلى 115 مليون.
تحرص كافة جمعيّات، ومنظمات حقوق الإنسان إلى التصدي لظاهرة زواج القاصرات، وتدعو إلى فرض العقوبات على كل شخص يزوّج ابنته القاصر، ويحرمها من أبسط حقوقها الإنسانية، كالحق في الحياة، والحق في التعليم، فتنص كافة القوانين الدولية على حماية حقوق الأطفال، وتوفير كافة الرعاية لهم، لضمان أن يعيشوا في بيئةٍ صحية سليمة، أصدرت قوانين من الميثاق الأفريقي تمنع زواج كلا الجنسين عن عمر أقل من 18 عاماً، كما شهدنا في العقد الماضي إنخفاضاً واضحاً في معدل زواج القصر في جنوب شرق آسيا حيث تراجعت من 50% إلى 30% ويرجع السبب إلى الاستراتجية التي اتبعتها الحكومة الهندية تحديداً من خلال رفع مستوى تعليم الفتيات وزيادة الإستثمار التي استهدفت المراهقات مع المساهمة في نشر التوعية بين مختلف طبقات المجتمع.
زواج القصر في الأردن
أصدرت دائرة قاضي القضاة دراسة في 2017 عن زواج القاصرات وجاء فيها أنه 13.4% من مجمل حالات الزواج هي زواج
قاصرات بواقع عدد 10,434 فتاة، انخفضت عدد عقود زواج القاصرات في 2018 عن 2019 بواقع 1002 عقداً حيث بلغت 7224 قاصرات إناث و295 قاصرين ذكور في 2019، بينما كانت 8226 عقداً للقاصرات في 2018 هذا ما جاء بالإحصاء السنوي لدائرة قاضي القضاة عن عام 2019، والسبب بهذا الإنخفاض الذي يعادل 1% هو الجهود والإجراءات التي يتم اتباعها من قبل دائرة قاضي القضاة والتعليمات الجديدة منذ عام 2017 إضافة إلى الجهود التوعوية والإرشادية التي تبذلها مختلف الجهات والمؤسسات للحد من هذه الظاهرة.
الآثار الاجتماعية
انتشار العنف الأسري حيث ان الفتيات اللاتي يتزوجن عن عمر 15-19 عاماً هن أكثر تعرض للتعنيف من النساء اللاتي يتزوجن في عمر 30-39، انتشار الفقر؛ لوحظ أن الزواج المبكر و الفقر مشكلتان متلازمتان، وانخفاض مستوى التعليم.
أسباب الزواج المبكر
محدودية التعليم، ضعف الالتزام بالقانون وتنفيذه، ضعف الوازع الديني والمفهوم الديني الغير الصحيح لدى البعض، سوء الوضع الإقتصادي، التقاليد الإجتماعية، انعدام الأمن وانتشار الأزمات، الطمع والجشع المادي حيث أنه في العديد من الدول كل ما كان عمر الفتاة اصغر يكون المهر المقدم أعلى بالطبع فالفتاة سلعة.
حلول ومقترحات للقضاء على هذه الآفة
• نشر التوعية في المجتمعات كافة خاصة المجتمعات التي ترتفع فيها نسبة زواج القصر
• إنشاء حملات جماهرية عالمية
• إنشاء مراكز توعوية للمقبلين على الزواج
• الإهتمام بترابط الأسرة ومفهومها
* كاتبة اردنية