#الثائر
- " الهام سغيد فريحة "
رمزيةٌ كبيرةٌ تحملها زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الى لبنان،فهي تأتي في ظل المعطياتِ والوقائعِ والتوقيتِ التالي :
انها تأتي في ظل "نوستالجي" لبناني فرنسي،في ذكرى المئوية الاولى لأعلان لبنان الكبير من على درج قصر الصنوبر،فحين سيصعد الزائر الفرنسي درجات هذا القصر،سيقول له مَن سيرافقه:
هنا تم اعلان لبنان الكبير.فهل سيبقى هذا الوطن أمانةً في أعناقِ الفرنسيين؟هل يستطيعون المحافظة عليه؟
هناك مَن يقول:
الأقربون أولى بالمعروف،فحريٌّ بالشعبِ اللبناني ان يحافظ على بلده قبل ان يُطالبَ الآخرين بالمحافظة عليه .
لكن مع ذلك،هناك دورٌ على فرنسا ان تلعبه وهو دورٌ سياسيٌ بامتيازٍ،فلبنان ليس فقط ضحية فساد مسؤوليه وسياسييه،بل هو ضحيةُ "لعبة الأمم" حيث لعنةُ الجغرافيا تؤثر عليه،فهذا الوطن الصغير يتحمل ولا يزال تبعاتِ حروب المنطقة وتداعياتها :
الحروب العربية - الاسرائيلية حمّلته نصف مليون لاجئ فلسطيني .
الحرب السورية حمّلته مليوناً ونصف مليون نازح سوري .
مجموع عدد اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين يوازي نصف عدد سكان لبنان.
حتى لو حُلت كل المشاكل الداخلية فإن ملفّي النازحين واللاجئين سيبقيان عبئاً هائلًا على اللبنانيين .
***
عدا عن المشاكل السياسية المرتبطة بموقع لبنان،فإن رئيس الديبلوماسية الفرنسية يعرف ان السياسيين هم "ملوكُ الفرصِ الضائعةِ اوتضييعُ الفرص"،لقد أضاعوا فرصاً عديدةً،وحسابهم عسيرٌ عند محاسبةِ اللهُ قبل الشعبِ:
باريس ١
باريس ٢
باريس ٣
سيدر
ماذا سيقولون للزائر الفرنسي حين يتذكرون ان كل الجهود لانقاذ لبنان تمت في عاصمة بلده؟
كان المسوؤلون يطالبون بالمزيد من الاموال والمساعدات ليواصلوا الصرف على قاعدة الفساد وليس على قاعدة الشفافية .
***
اليوم،لو دريان في بيروت في زيارة لا تشبه سائر الزيارات :
انهيارٌ على كل المستوياتِ .
صندوق النقد الدولي يفاوض الحكومة اللبنانية لتحديدِ شروطِ مساعدته .
وباء كورونا دخل في مرحلةٍ خطرةٍ في ظل اتساع التفشي وعدم القدرة على معرفة مصدرِ كل حالة .
مخاطر من ان تكون المدارس والجامعات في وضعٍ صعبٍ في السنة الدراسية المقبلة والتي اصبحت على الابواب ( بعد ستة اسابيع).
***
في مطلق الاحوال،ذكّرجان ايف لو دريان امام مَن التقاهم بما كان ادلى به أمام مجلس الشيوخ الفرنسي منذ اسبوعين عن ضرورة ان يقوم لبنان بواجباته وبما هو مطلوب منه قبل ان يطلبَ من الآخرين مساعدته .
اما بالنسبة الى ما طرحه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ،أي الحياد،فإن رئيس الديبلوماسية الفرنسية اطّلع من رأس الكنيسة المارونية على كل خلفيات الدعوة ومضمونها وتوقيتها . يعرف لودريان جيداً ان ملفاً بهذه الاهميةِ والخطورةِ والدقةِ،لا يمكن معالجته داخليًا،بل هو بحاجة الى تبنٍ دولي وإلى سلسلة من الاتصالات الدولية .
ولكن قبل ذلك،ماذا عن المساعدات؟
بدايةً،تعبيرُ مساعدات "خطأٌ"،لا مساعداتٍ بعد اليوم بل قروضٌ،وحتى القروضُ لن تتأمن ما لم يبدأ لبنان بعملية اصلاحيةٍ جذريةٍ،فحتى اليوم لم يتحقق شيء من أي اصلاح،وكل ما قيلَ ويقالُ هو "حكي بحكي" .
***
كما ان هناك شرطاً سياسياً يتعلق بأخذ لبنان مسافةً من كل الصراعات الاقليمية،وهذا ما يعني النأي بالنفس،وصولًا الى الحياد، فهل يلتزمُ لبنانُ النأيَ بالنفس؟