#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
إنه بلدُ الغرائب والعجائب. في كل بلدانِ العالم يشرّعون القوانين ثم ينفّذونها.
وأما عندنا، فقد نفَّذوا "الكابيتال كونترول" على مدى شهور، وأذاقوا المودعين مرارةَ الذلّ على أبواب المصارف التي تفتح وتقفل استنسابياً… والآن قرّروا تشريع القانون في مجلس النواب… بعدما "اللي ضرب ضرب واللي هرب هرب"!
يُقال إن الأموال التي جرى تهريبها خلال إقفال المصارف، أو تمّ إيداعها في المنازل، في انتفاضة 17 تشرين الأول، تقارب الـــ 6 مليارات دولار. والبعض يقول إنها فوق الــــ 10 مليارات، إذا عدنا بالحساب شهوراً قبل الانتفاضة، فلماذا لم يتم إقرار "الكابيتال كونترول" آنذاك؟
ألم يكن منطقياً منعُ هذه الأموال من التسلّل خارج البلد، فيما اليوم نستجدي مثلها من صندوق النقد الدولي و"سيدر"، وعلى مدى 5 سنوات مقبلة؟
أيُ مسرحيةٍ هذه؟ وكيفَ يريدونَ أن "يطعموا الناس حلاوة" في عقولهم؟
وماذا تُخفون من وراء مشروعكم الموضوع على جدول الجلسة التشريعية غداً؟
***
هل صحيحٌ أن القصة كلها تتعلق بمصالحَ ماليةٍ وسياسيةٍ وفئويةٍ تلوحُ بعض مؤشراتها في الأفق؟
هل صحيحٌ ما يُقال عن رغبةٍ في إعادة خلط الأوراق والمعادلات على مستوى البلد كله، بسلطتهِ واقتصادهِ ومصارفهِ ومواردهِ؟
وهل صحيحٌ ما يُقال عن ترتيبٍ لإنهاء خدمات القطاع المصرفي القديم وخلق قطاع جديد، قوامه التراخيصُ الخمسة لمصارف جديدة، وفق ما جاء في خطة الحكومة؟
***
لبنان الوطن لم يعد يتحمل. فكل قطاعاتهِ تئنّ وتقارب الانهيار.
ومع مشارفة وباء "كورونا" على نهاياته، سيخرج اللبناني ليجدَ أن كل شيء مقفل في وجهه:
المصنع الذي كان يعمل فيه أُقفل لأن لا قدرةَ له على استيراد المواد الأولية.
المطعم الذي كان يعمل فيه أُقفلَ لأن موجبات التباعد الإجتماعي بين الزبائن جعلت إعادة فتحه " لا تُوَفِّي ".
الشركة التي كان يعمل فيها أوصدت ابوابها. فإذا كانت شركة إعلانات مثلاً، لمَن ستُنتِج الإعلانات وتسوِّق؟
وأما وكالات السيارات الجديدة فتكاد تلفظُ آخر انفاسها: لا استيراد ولا مبيعات ولا قدرة على شراء قطع الغيار!
***
وماذا عن أولادنا ومستقبلهم؟ وماذا ينتظرهم في القطاع التربوي، حيث عشرون في المئة فقط من الأهالي سدّدوا الأقساط هذه السنة؟
وفي هذه الحال، إلى أين ستصل عملية صرف الأساتذة، ومَن سيوفّر العيش لعائلاتهم، وأي أزمة تنتظرنا عند فتح المدارس… إذا استطاعت مدارس كثيرة أن تفتح ابوابها؟
وماذا عن الجامعات، حتى الأكثر عراقةً، إذ تُسرِّح الأساتذة أو تُقفل إختصاصات أو تلوِّح بالإقفال النهائي؟
***
ويبقى الأساس والعمود الفقري للاقتصاد، أي القطاع المصرفي الذي يعيش مخاضاً هو الأعنف في تاريخه.
يُقال إن هذا القطاع الذي تباهى به لبنان سينحسر تدريجاً. في البداية ستتقلص الفروع، وفي النهاية سيتم الدمجُ بين العديد من المصارف.
فهل فكّر أحدٌ في أن عشرة آلاف موظف من هذا القطاع، سيصبحون بلا عمل، وستكون عائلاتهم في أصعب حال؟
***
وقد يظنّ صاحب السلطة أنه قادرٌ على ممارسةِ التعسّفِ بحق الشعب، أو المناورة عليه بعناوينَ وقوانينَ وخططٍ برّاقةٍ زائفة…
لكن الحقَ سينتصرُ، والباطلَ سيزولُ، والشعبُ صابرٌعن البطالةِ والجوعِ واقفال المؤسسات.... لكنه بالمرصاد!