#الثائر
-" الهام سعيد فريحة "
أخطرُ ما يواجِهُ لبنان واللبنانيين هذه السنة، سنة مرورِ مئةِ عامٍ على إعلان لبنان الكبير، أن وباء كورونا سيزول خطرهُ كما سبقَ ان زالَ خطر سائر الأوبئة.
لكن متى يزول "كورونا الإفلاس" الجاثم على صدور اللبنانيين؟
العالم سيتعافى من كورونا، وهناك دول بدأت تعود إلى دورة الحياة فيها، لكن لبنان، حين يتعافى، كيف سيعود إلى دورةِ الحياة فيه؟
لبنان أشبه ببناءٍ جرى تفخيخُ أعمدتهِ وأسسهِ، جرى ذلك منذ عقود وليس من اليوم، لكن اليوم هناك مَن أشعل الصاعق فانهار البناء وتحوَّل إلى ركام، الشعبُ اللبناني تحته يئنُ ويستغيث، فيما السلطةُ التنفيذية لا تعرف من أين تبدأ؟ وإذا عرفت فإنها لا تملك المعدات الكافية والادوات لأنقاذ الشعب من بين الأنقاض ...
إستعانوا بصندوق النقد الدولي لكن المهلة ليست مفتوحة فإذا تأخر الإنقاذُ يموتُ الشعبُ اختناقاً تحت الأنقاض ولا تعود تنفع محاولات الإنقاذ .
***
هذه هي الصورةُ التعبيرية لواقعنا، فهل من خلاص؟
لم يبقَ ناقوسُ خطرٍ في لبنان إلا وجرى دقهُ .
ولم يبقَ زعيمٌ في لبنان إلا ورفعَ الصوتَ صارخاً عن حقيقة الوضع ومنبهاً ومحذراً ...
أحد الزعماء وليد بك جنبلاط لم يكتفِ بدقِ ناقوسِ الخطر بل عاد بالتاريخ ستين عاماً إلى الوراء. إلى الحقبةِ التي بدأ فيها بناء "دولةِ المؤسسات" ثم اندثرت. يسأل جنبلاط في هذا المجال :
" متى كان لبنان مستقراً خلال الخمسين عاماً الماضية،ربما في زمن فؤاد شهاب " .
بهذا المعنى، يربط وليد بك جنبلاط الإزدهار بالإستقرار، فلا أزدهارَ من دون استقرار، ولهذا قفز فوق كل الحقبات والعهود ليقول إن عهد شهاب وحدهُ يؤخذُ به كواحةِ إستقرار ...
إذًاً البلد أمام تركة ثقيلة لا تعود فقط ثلاثين عاماً إلى الوراء، بل ستينَ عاماً إلى الوراء .
***
جنبلاط لا يكتفي بدق ناقوس الخطر، بل يحذِّرُ من التداعيات، ويصوِّر الوضع على ما هو عليه من خطورةٍ فيقول :
"نحن على حافة الانهيار الكامل ليس بسبب الكورونا، لكن بسبب الكارثة الاقتصادية وأخطائنا في إدارة شؤون الحكم التي كانت سيئة للغاية".
***
لكن المأزق الكبير أن هذا النظام القائم عصيٌ على التغيير، ولكن بين عدم القدرة على التغيير والانهيار الشامل، هل من نقطةٍ وسط؟
يقول جنبلاط:هذا النظام هو من أقوى الأنظمة في العالم، وقد حاول والدي ( كمال جنبلاط ) تغييرهُ في السابق ونزع الطائفية، وفشل في ذلك. اليوم هناك المزيد من الطائفية، لا أعرف ما هي المعادلة لتغييره.
أنا مع إصلاح النظام الليبيرالي الحالي، وليس تدميرهُ.
كلام خطير ... المعنى ان التأميم أختفى، ولبنان ذاهبٌ إليه، لكن ربما لا نوافق الزعيم وليد جنبلاط هذا التشاؤم، وهذا التوقع في تدحرج لبنان نحو التاميم، فحتى في أقسى الظروف وأصعب المراحل، لم تنجح أي محاولة لأخراج لبنان من نظامه الليبرالي، وأي محاولة لأخراجهِ من هذا النظام، سيقف اللبنانيون صفوفاً طويلة في في اتجاه المطار ويحملون حريتهم في حقائبهم .
***
ويعرِّج وليد بك جنبلاط على الواقع النقدي المتعثر إلى درجة الإنهيار والمحاولات الجارية للخروج منه، ولا يفوتهُ التطرق إلى صندوق النقد الدولي والمؤتمر الذي يُنسى ثم تتم الإستفاقة للعودة إليه وهو مؤتمر سيدر، فيقول :
"بعض من في الحكومة يعتقدون انه يمكن الحصول على 10 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، و10 مليارات من سيدر، وهذا هراء.
فبسبب الكورونا هناكَ العديدُ من الدول التي تطلبُ مساعداتٍ من صندوق النقد، الذي يضع بدوره شروطاً علينا تطبيقها، وهي الإصلاح.
لكن حتى الآن نحن في الجولة الثانية من المفاوضات التي ستأخذ وقتاً، ولكن لا وقت لدينا. ونظرياً علينا ضبطُ المعابر والمرافئ، ويبدو انه ليس باستطاعةِ الحكومة ذلك.
وليد بك جنبلاط بجرأتهِ المعهودة، يضع يدهُ على الجرح، لكن الخطر ان هذا الجرح نازف وقد يوصِل إلى وفاة المريض .
***
كانَ اللهُ في عوننا نحن الشعبُ اللبناني الأصيل،الذي استنفدته الطبقة السياسية الفاسدة، بشتى الانواع من عدم الرؤية الموحدة الى الوطن، ناهيكم عن الهدرِ والفسادِ والنهبِ والسرقةِ.