#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
نحن معكم وشعورنا مثلكم، بكل آلامكم وجوعكم، يا أهلنا المنتفضين في ساحات طرابلس، وبيروت وكل لبنان .
نَفهمُ ونتفهمُ إحباطكم الذي يكاد أن يصل إلى درجة اليأس ونشارككم شعوركم بالذلّ في هذا الوطن المنهوب المعذّب.
نعرف أي غضبٍ يعصفُ بكم، أنتم أبناء لبنان الذي يتغنى باحتضانه أغنى أغنياء البلد، الذين صاروا وزراء ورؤساء للحكومة.
ونعرف أن هؤلاء الأغنياء لم يقدّموا إليكم رغيف الخبزِ، ولم يخفّفوا وطأة الأقساط عن أولادكم في مدرسةٍ أو جامعةٍ، ولم ينقذوا مريضاً كان ينازع على باب مستشفى، بسبب عجزه عن تأمين التغطية المالية.
ولكن، إيماناً بالغدِ، يا أهلنا ولاسيما في ساحاتِ طرابلس،
لا تنفِّسوا كل هذا الاحتقان في المكان الخطأ…
***
تذكّروا أن المسؤولين عن وجعنا جميعا هم أهل السياسة وطبقة الحكام والفاسدون الذين نهبوا الدولة وخيراتها سنوات وسنوات.
فلا تضيعوا البوصلة، ولا تحوّلوا غضبكم إلى الوجهة الخطأ...
ليست الثورةُ تحطيماً وإحراقاً لفروع المصارف والممتلكات العامة والخاصة، وليست حجارةً وتعدياتٍ على القوى العسكرية والأمنية…
تحطيم فروع المصارف لا يسهِّلُ وصولكم ووصولنا الى مدَّخراتكم التي أفنيتم العمرَ لتأمينها، بل يبعدها أكثر، ونعرف أن بينكم من لا يمتلك حساباً مصرفياً لانه لا يملك المال أو العمل ما يخولّه فتح حسابٍ مصرفيٍ وتحطيم الممتلكات يزيد الأكلاف على الدولة والشعب ويصعِّب مهمَّة الإنقاذ…
وأما المواجهة مع الجيش البطل الأبي والقوى الأمنية فهي ليست خطأ بل خطيئةٌ أيضاً…
***
لا تستسهلوا هذا الصدامَ المرعبَ مع الجيش الذي هو شرفناَ وعنوانَ عزّتِنا وكرامتنا الوطنية.
هل نسيتم أن هذا الجيش نفسه هو الذي أمّن الحماية لكم طوال شهور، وفي أقسى الظروف، في ثورة ١٧ تشرين الأول؟
هل نكافئ هذا الجيش الوطني بقيادة القائد البطل العنيد جوزف عون بُملاحقة عناصره من شارع إلى شارع لرشقه بالحجارة؟
وهل يستحقّ هذا الجيش أن يسقط له أكثر من 80 جريحاً في يومين… فيما يقع شهيدٌ للثورة ؟
وهل طبيعي أن يسقط الشهداء والجرحى، لا في مواجهاتٍ مع الأعداء أو الإرهابيين في ساحات الشرف، بل في ساحات طرابلس وشوارعها وأزقّتها، وفي مواجهاتٍ مع أهلهم وإخوتهم وشركائهم في القضية الواحدة؟
***
ما هكذا يكون ردُّ الثوار أهلنا في طرابلس، على رجلِ الحكمةِ والتعقُّلِ والمسؤوليةِ، القائد العماد جوزف عون…
وللضميرِ نقول: القائد العماد لا يستحقّ مِنكم ومِن كل اللبنانيين إلا التقدير والاحترام والمحبة والعرفان…
ومثلُ هذا الكلام نقوله أيضاً عن قيادة مؤسسة قوى الأمن الداخلي، بقيادة اللواء عماد عثمان، التي تتسمُ بأرقى السلوك المهني، والجديرة بكل تقديرٍ واحترام.
عندما يتصادمُ الشعبُ بين شقَّيه المدني والعسكري، يكون يوم العيدِ لدى الفاسدين والمتأمرين الكبار، لأنهم حينذاك يكونون قد ارتاحوا من الشعبِ وأشغلوه بمعارك هامشية...
***
عندما انهار كل شيء في لبنان، بقي لنا ركنانِ صامدانَ:
الاقتصادُ والأمن.
واليوم خسرنا الاقتصادَ، فحذارِ أن نخسر الأمن أيضاً لأننا عندئذٍ سنصبحُ بلا ركيزةٍ، ويصبحُ سقوطنا أمراً مرعباً!