تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " فادي غانم "
منذ أكثر من خمس وعشرين سنة وأنا أعمل في الحقل العام، لكن أتجنب الحديث في السياسة لأن السياسة في لبنان تجارة بل إنها تجارة سيئة.
لكن بعد سماع ردود الفعل على خطاب الامين العام لحزب الله السيد نصرالله، لفتني أن بعض السياسيين أشبه، بطبول فارغة تُقرع لتعطي صدى وليس أكثر من ذلك.
قبل الخطاب تبارى البعض في الإرشاد والوعظ ورسم الاستراتيجيات، وحتى أن بعضهم ذهب ليعلّم نصرالله ماذا عليه أن يقول في خطابه!!!
أما بعد الخطاب فخرج علينا هؤلاء بما لذ لهم وطاب، من سفاف القول والنكات، ودس السم في العسل، وكأنهم فعلاً أصحاب رأي أو قرار.
لا يمكن للعاقل إلا أن ينظر باحترام كبير إلى موقف وليد جنبلاط ، الذي أظهر حكمة وشجاعة ووطنية في كل خطاباته وتعليقاته منذ بداية الحرب في فلسطين، فإن اتفقنا معه بالرأي أم لا، علينا الاعتراف بذكاء هذا الرجل وحسن درايته وقيادته.
فمواقف جنبلاط المتزنة والحريصة على مصلحة لبنان، والحافظة على دعهم الحق الفلسطيني، وقول الحقيقة في وجه ماكينة الغرب وما تمارسه من تضليل إعلامي، أرست نموذجاً يُحتذى به في الدبلوماسية والقيادة والوطنية والعروبة.
طبعاً لسنا من دعاة الحرب، ولا نوافق على ما أصاب لبنان من انحلال في المؤسسات، وترهل في قرار الدولة، وجل ما نريده، أن يعود لبنان وطناً قوياً معافى، وتبسط الدولة سلطتها على كامل أراضيها، ويكون الجيش اللبناني وحده من يحمل السلاح ويدافع عن حدود لبنان.
وأما جماعة المزايدين أو المنتقدين لخطاب نصرالله بالأمس، فعلينا أن نسألهم ماذا فعلتم أنتم؟ وما هو تأثيركم العظيم في اللعبة الدولية والاحداث التي تجري في فلسطين؟؟
أم أنكم ترفعون أصواتكم لتثبتوا أنكم موجودون فقط؟؟؟
ماذا لو أعلن نصرالله الحرب المفتوحة على إسرائيل؟ فهل كان ذلك ليرضيكم؟ وهل كنتم ستدعمون الحرب؟ أم كنتم ستخرجون لإلقاء اللوم على نصرالله؟؟؟ وتحميله مسؤولية خراب لبنان، الخرب أصلاً بفضل سياساتكم المتمادية منذ أعوام؟؟؟
ماذ فعلتم للبنان؟ غير بطولاتكم في القتل والسرقة والفساد، وإثارة الفتن والأحقاد، والعزف على وتر الغرائز المذهبية والطائفية !!!
هل فعلاً يحتاج لبنان اليوم إلى هذا الضجيج الفارغ، والدخول في مهاترات، والقاء الاتهامات؟؟ أم أن البعض كان يرغب بأن يُعلن نصرالله الحرب، من أجل أن تقوم إسرائيل بالرد وتدمير لبنان، لعله بذلك يتم التخلص من حزب الله؟؟؟
ليس بالقتل والانتقام تُبنى الأوطان، ولا بالدم يتحقق السلام، ما يحصل في فلسطين اليوم أكثر من مدان، وهو يعبّر عن شيء واحد، أن الشر يطغى، والرحمة نضبت من القلوب.
العنف لن يجلب سوى العنف، وحدهم الفقراء يدفعون الثمن، من جيوبهم وأملاكهم وأرواحهم، وتُثخن أجسادهم بالجراح ويعتصر الألم آخر رمق في حياتهم.
كم يحتاج زعماء الحقد والنفوس السوداء، من دماء، ليروى غليلهم؟ وكم تحتاج البشرية من زهق للأرواح ليقتنع البعض بخيار السلام؟
إن أمّةً تبني مجدها على أشلاء الضحايا وجثث الأطفال والنساء والشيوخ من الأبرياء، واستباحة حقوق الإنسان، هي أمّة ملعونة، ولا بد أن تنهار وتندثر يوماً ما، فالظلم آخره العقاب، وإن لم يكن في الأرض، فهو حتماً آتٍ في السماء.
ما يحدث اليوم بين الاسرائيليين والفلسطينيين، يحتاج إلى وقفة ضمير وصرخة إنسانية، لوقف شلال الدم، وليس إلى مؤتمرات تبرير للعنف، وزيارات دعم لمزيد من القتل والدمار.
لقد حان الوقت ليقول العالم كفى!
وانتم يا من تسمون نفسكم بالمسؤولين، افعلوا خيراً وصالحاً للبنان وشعبه، وإن كنتم لا تستطيعون ذلك، فالأجدى بكم الصمت، ودعوا العقلاء يتكلون، ففي أوقات الشدة لا مكان للجهلة والسفهاء ولا خير يُرجى من الذين يحفل تاريخهم بالسواد.