تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
كتبت الاعلامية غنوة غازي زيتونة:
سوف أموت اليوم، أو غداً، أو بعد سنين طويلة.. لا أدري حقاً!
ولكن حتماً سوف أموت .. فكلنا زائلون!
سوف أموت وأنا على يقين بأني لن أموت بموت غنوة التي تقرأون الآن كلاماً خطّته يداها.. فموتي لن يكون سوى انتقال مبارك لي من قميصٍ إلى آخر، ولن يكون سوى في الزمان والمكان المناسبيْن لي تماماً فلا تحزنوا ولا تبكوا، بل باركوا انتقالي إلى رحلة جسمانية جديدة، وادعوا لي بطيب البقاء لا بطوله.. فطول العمر لا يقاس بعدد سنينه بل بطيبه، وبلحظات السلام التي نستشعرها خلاله.. وفي هذه اللحظة حين أكتب أعيش سلاماً يغنيني عن كل مقاييس الزمان.. إذاً فعمري طويل مديد وإن متّ الآن!
وفي يوم دفن هذا الجسد الذي أسكنه الآن وهنا، قد تذكرون كل ما ألِفتم أنه أنا، فلا تبالغوا بمدح الظاهر الحسن مني لأنه ليس أنا. وسامحوا - إن شئتم واستطعتم - الظاهر القبيح مني فهو أيضاً ليس أنا!
أنا - وإن متّ في بعد المادة بالنسبة لكم/ن - لسوف أكون على قيد الحياة بشكل أو بآخر بالنسبة لغيركم/ن.
إذاً حتماً لن أموت، فكلّنا خالدون!
في بعد المادة كلنا زائلون وفي بعد الروح كلنا خالدون! وفي البعد الالهي كلنا واحد.. فعلام ستحزنون أو تبكون؟!
وإن شئتم الوفاء لي وهذا عهدي بكم/ن فالوفاء لا يقاس بمقدار البكاء والرثاء، بل بمقدار العمل بما يريح روحي في انتقالها.. لذا، إجعلوا يوم دفني انتفاضةً على كل بالٍ من العادات والتقاليد!!!!!
لا تلبسوا الأسود فأنا لا أطيقه لأنه من مظاهر تحديد القالب النمطي للنساء! حتى في حزننا أرادوا لنا قالباً نمطياً.. فيا كل قريبة أو صديقة تحبني بصدق، لا تلبسي الأسود يوم دفني فالأسود يمتصّ كل الطاقات وأنا أخشى عليكن من الطاقة السلبية في المكان، فلا تتشِحْنَ بالسواد حبيباتي، بل تزيّنَّ بالأبيض لتفرح روحي بملاقاة طاقاتكن الحلوة حتى وهي تغادر قميصها! وقد يواجهكن أهلي والمجتمع على هذا السلوك، سامحنني ومارسن فعل البطولة في كسر هذا التقليد في دفني، فأنا حقاً أريده لي ولكنّ وللخالدات من بعدي! وأنا أتعهّد أمامكن اليوم بألا أتّشح بالسواد طويلاً على ميتٍ/ة مهما كان قريباً مني في البعد المادي، وليرجمني من شاء/ت .. "لا أبالي فهذا العمر من نسج الخيال" (مقتبس للمعلم كمال جنبلاط)!
ولا تضعْن الأكاليل قرب جثّتي أو فوق قبري، أحب أن يرافقني عبير الورود الحيّة في رحلتي إلى قميص آخر، ولا أريد أن أحمل إثم وردةٍ سُلخت عن أمها الأرض لتموت قرب جسدٍ فانٍ، فيما أنا أحلق في عليائي بزهو نحو ولادة جديدة! ولا أرغب بأن يهدَر قسطٌ من أموالكم/ن على ورود سوف تتحلل مثل جسدي، بل أنفقوا تلك الاموال على الصحة النفسية لمن أحبوني.. وبهذا قمّة الوفاء لرسالتي في دورة هذه الحياة بينكم/ن..
ولا تلتزموا بطقوس الحداد المحددة بزمان (أربعين يوماً او اكثر او أقل) فلا فرق عندي لأني لا أريد الحزن لكم وأنا في جسدي الآخر أقطف الحب والفرح ربما مع عائلة أخرى، بل أريد أن تطمئن روحي أنكم/ن جميعاً بأفضل حال مستمرون!
هذه الحياة دار ممرٍ لا مستقرّ أعزائي.. وإن كنا فيها في حضن الأرض زائلين، فنحن في حضن الخالق للأبد خالدون.. فافرحوا وهلّلوا وفي يوم دفني لا تبالغوا بطلب الرحمة لي، فلنا كلنا رب رحيم عليم بغنى عن صلواتنا!
فقط أطلقوا روحي من سجنكم/ن ورددوا معي عبارة تريح روحي هي: "انتقال مبارك"!
هذا الكلام واقعي بامتياز، لا طاقة سلبية فيه بل كتبته وأنا في قمة إيجابيتي، فلا تظنوا أني حزينة او كئيبة، بل فقط خذوه على محمل الجد الجد عندما تأتي ساعتي