تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
من الطبيعي أن لا يؤيد فريق لبناني هذا المرشح للرئاسة أو ذاك، لكن أن يتباهى البعض، برفض الخارج لهذا المرشح، فهو أمر مستهجن طبعاً، خاصة اذا كان هذا الفريق، يرفع شعار السيادة والاستقلال.
فعن أي سيادة نتحدث، إذا كان القرار للخارج، وتلطّي البعض بعباءة هذه الدول ورفضها، بهذه العلنية؟؟؟
حتى أن بعض نواب الأمة، لا يخجلون بأن يحجّوا إلى تلك العواصم، يتسكّعون على أبواب مسؤوليها، ويستنجدون بهم ويستعطفونهم، ضد أخصامهم وإخوتهم وشركائهم في الوطن.
يسألون في الأروقة هناك، عن اسم رئيس للبلاد، سيختاره لنا سفير، أو ربما حاجب السفارة، فبعض نواب لبنان ارتضى بوظيفة مُخبر، عند ذاك الحاجب!!!
هذه "الكرامة" لن تجدوا مثيلاً لها، في أي دولة في العالم، سوى عند بعض مسؤولي ونواب لبنان.
لم تجاهر السعودية برفضها ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، لكن بعض الذين يعتبرون أنفسهم مقرّبين منها أو يدورون في الفلك السعودي، من سياسيين وإعلاميين ووسائل إعلام، هم من يتولى إعلان الرفض السعودي لفرنجية، ويؤكّدون كل يوم على استمراره، رغم الوساطة الفرنسية.
فهل هذه هي الحقيقة؟؟ أم هي أقرب إلى تمنيات هؤلاء، ومزايداتهم على الآخرين، وحتى على صاحب القرار نفسه؟؟؟
منذ أشهر قليلة، كان البعض في لبنان لا يستطيع أن يتخيّل، أي تقارب سعودي إيراني، ويرفض الحديث عن أي احتمال لعودة العلاقات السعودية مع سوريا، ولكن ما حدث في الأيام الماضية، دحض وأسقط نظرية القطيعة السعودية الأبدية مع بشار الاسد، وها هي العلاقات تكاد تعود إلى مجراها الطبيعي.
يقول مصدر سعودي ل "الثائر": لا يوجد عداء بين السعودية وفرنجية، وكل ما يعرفه عنه، الأمير محمد بن سلمان، هو الصورة الني نقلها إليه السفير وليد البخاري، الذي يدير الملف اللبناني مع المسؤولين السعوديين، لكن بن سلمان سيستمع إلى وجهة نظر ماكرون بالتفصيل، وقد يكون لهذا التحول في العلاقات السعودية مع دول الجوار، والتوجه شرقاً، نحو الصين وروسيا، تأثير إيجابي على الموقف السعودي من عملية انتخاب رئيس في لبنان.
في البداية دعا البخاري فرنجية إلى لقاء الأونيسكو حول تطبيق الطائف، ولبّى فرنجية الدعوة، وكان الرجلان يعلمان أنها خطوة أولية نحو الرئاسة، لكن لاحقاً تأثّر البخاري على ما يبدو بوجهة نظر رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، الرافض لفرنجية لعدة أسباب، أهمها الحسابات السياسية والشخصية داخل الطائفة المارونية لجعجع.
فجعجع لا يرفض وصول فرنجية فقط، بل يرفض كذلك وصول جبران باسيل أو سامي الجميل، وأي زعيم ماروني يمكن أن يُشكّل نداً أو منافساً له. وهذا الأمر ينطبق أيضا على رفض باسيل لفرنجية وللجميل ولجوزيف عون.
لا شيء يجمع المعارضة سوى الرفض لفرنجية والعداء لحزب الله، فهم ليسوا على هدف واحد ويختلفون في قضايا عديدة، ولكل فريق أسبابه لهذا الرفض، فبعض هؤلاء قد يغيّر موقفه ويقبل بفرنجية، إذا تلقّى بعض الوعود بمكاسب معينة، أو إذا تغيّر الموقف الدولي، وخاصة السعودي، من ترشيح فرنجية.
ما زال الموقف الرسمي السعودي، أن المملكة لن تدخل في لعبة الأسماء، لكنها لن تضغط على حلفائها للقبول بفرنجية، وهي طبعاً تُفضّل رئيساً وسطياً شبيهاً بميشال سليمان.
ترى فرنسا أن انتخاب فرنجية هو أسرع الحلول الممكنة، وأن رفض فرنجية قد يطيل أمد الفراغ الرئاسي أكثر مما يعتقد البعض، وكلما طال الانتظار ستكون خسائر لبنان أكبر، وخاصة الفريق المسيحي، الذي يشهد موجة هجرة كبيرة بسبب الأزمة الحالية، ولا يُخفي مسؤولون فرنسيون، انتقاداتهم لتصرفات القادة المسيحيين، خاصة لجعجع وباسيل.
يهاجم المسيحيون إدارة الثنائي "بري- ميقاتي" للحكم في البلد، لكنهم في نفس الوقت يساهمون في استمرار هذه المرحلة، وقد يطول الأمر كثيراً، طالما أن المعارضة، أو على الأقل الثنائي المسيحي "التيار و القوات" عاجزون عن الاتفاق على مرشح واحد، وطالما أن حزب الله ما زال يرفض التنازل عن دعم فرنجية لصالح مرشح آخر.
غير صحيح ما تتم إشاعته عن رفض سعودي بالمطلق لسليمان فرنجية، وقد يتفاجأ البعض قريباً بترحيب سعودي بوصوله إلى الحكم، كما تفاجأوا بالتغيّرات الأخيرة في المنطقة.
فالسعودية تريد ترتيب أوراقها، وإنهاء الخلافات والصراعات، وكل شيء بثمنه، وهذا لا يعني تحقيق انتصار لفريق على آخر، ومن ينتظر كسر حزب الله وفريق الممانعة، قد يكون عليه الانتظار طويلاً، فالتسويات لا تحصل بالكسر والإلغاء، كما يشتهي البعض، بل بتبادل المصالح، ولمن لم يُدرك الحقيقة بعد فاليمن قبل لبنان، وأقرب إلى السعودية، وتأثيرها أكبر بكثير.