تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الأحد ورأس السنة في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، عاونه فيه المطرانان حنا علوان وانطوان عوكر، أمين سر البطريرك الاب هادي ضو، رئيس مزار سيدة لبنان - حريصا الأب فادي تابت، ومشاركة عدد من المطارنة والكهنة والراهبات، في حضور رئيس الرابطة المارونية السفير الدكتور خليل كرم، الوزيرة السابقة أليس شبطيني، النائب السابق نعمة الله ابي نصر، نقيب الصيادلة الدكتور جو سلوم، رئيس اللجنة الأولمبية بيار الجلخ، وفد من أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، الدكتور ألكسي الجلخ، الرئيس السابق للشؤون العقارية في لبنان بشارة القرقفي، عائلة قلب يسوع، رئيس مؤسسة البطريرك صفير الاجتماعية الدكتور الياس صفير، نجل الشهيدين صبحي ونديمة الفخري باتريك الفخري، الأستاذ نبيه الأعور، وحشد من الفاعليات والمؤمنين.
بعد الانجيل المقدس، القى الراعي عظة بعنوان "دعي اسمه يسوع" (لو 2: 21) قال فيها: "إسم يسوع، الذي أعلنه الملاك لمريم بالبشارة وليوسف في الحلم، أطلق عليه رسميا بعد ثمانية أيام عند ختانته بحسب الشريعة. فيكون هذا اليوم الأول من السنة عيد اسم يسوع الذي يعني باللغة العبرية والأرامية الله يخلص فاختار القديس البابا بولس السادس هذا اليوم ليكون يوم السلام العالمي. وكان ذلك سنة 1967. فلنبدأ نحن باسم يسوع السنة الجديدة 2023 التي نتمناها للجميع سنة خير وبركة وسلام شامل. يسعدنا أن نحتفل معا بهذه الليتورجيا الإلهية، بادئين العام الجديد بفضيلة الرجاء الذي يثبت إيماننا بأن يسوع المسيح هو مخلص العالم وسيده، ويقود مسار التاريخ. فليكن كل واحد وواحدة منا معاونا في مسيرة التاريخ بحيث يتماهى مع تاريخ تدبير الله الخلاصي. ويطيب لي أن أحيي جميع الحاضرين والمشاهدين المشاركين، مع تحية خاصة لعائلة قلب يسوع الحاضرة معنا. أحييها بجميع فروعها في لبنان والخارج، وأعرب عن تقديري لنشرهم عبادة قلب يسوع، ولأعمال المحبة التي يقومون بها تجاه الإخوة والأخوات في العوز. وأحيي وفد أهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت في 4 آب 2020، الذين لم تدمل جراحهم ولن تجف دموعهم طالما السياسيون يعرقلون مسيرة التحقيق منذ سنتين ونصف. إن قضية تفجير المرفأ هي قضية وطنية تطال كل مواطن ومواطنة وكل مؤسسات الدولة، وعلى رأسها مؤسسة القضاء. وهي لا تقتصر على حقوق أهالي الضحايا والمصابين والمتضررين، بل تشمل الوطن برمته الذي تضرر ضررا جسيما في المرة الأولى: عند وقوع الانفجار وسقوط الضحايا والشهداء الذين أصبحوا أكثر من /245/ وإصابة آلاف الجرحى والمعوقين والمتضررين في أرزاقهم. وفي المرة الثانية بسبب عرقلة التحقيق وتجميده منذ سنتين ونصف، وهذه العرقلة هي جريمة بحد ذاتها. ولا يجوز أن تمر من دون محاسبة كما لو كانت حادثة عابرة، لا بل إن الامتناع عن السير بهذه القضية من شأنه تقويض العدالة والقضاء في لبنان. إن الأهالي الذين فقدوا فلذات أكبادهم ظلما ومن دون أي سبب ما زالوا على الطرقات يطالبون بمعرفة حقيقة من قتل أبناءهم للمحاسبة والعدالة وهو حق مقدس من حقوقهم. ومن حقهم اللجوء إلى الأمم المتحدة من أجل تعيين لجنة دولية لتقصي الحقائق، ولمساندة التحقيق المحلي المعرقل".
وتابع: "نحن نرفع الصوت معهم عاليا ونطالب السياسيين الذين يعرقلون التحقيق: إرفعوا أيديكم عن القضاء ولا تعطلوا دوره، فإن فشل في الوصول الى الحقيقة في هذه القضية سقطت العدالة وسقطت معها العدلية برمتها وكرامتها وفعاليتها ودورها، ولا تتواطؤوا في تعديل القوانين وابتداع حلول تلائم مطالبكم وأخصها تنحية المحقق العدلي قسرا ودفن التحقيق، بهدف التهرب من المسؤولية والمساءلة. فارفعوا أيديكم عن القضاء، واتركوه يقوم بدوره. فكلما وجد حلا قانونيا قضائيا، تعمدون فورا إلى نسفه تعسفا، بتقديم دعاوى اعتباطية وتعسفية أمام محكمة غير مكتمل عدد أعضائها، بعد أن عطلتم سياسيا إمكانية اكتمالها برفض توقيع مرسوم التشكيلات القضائية الجزئية. تودع بالألم الكنيسة الجامعة قداسة البابا السابق بندكتوس السادس عشر، حامي الإيمان والمعلم واللاهوتي الكبير.تودعه بيقين الرجاء بأنه ينتقل إلى مجد السماء، ويكون للكنيسة وللبنان الذي كان آخر زياراته الرسولية وأحبه، خير شفيع أمام العرش الإلهي. فإنا نرافق عبوره بهذه الذبيحة المقدسة سائلين الله أن يعوض على الكنيسة بأحبار قديسين.
تحتفل الكنيسة والعالم "بيوم السلام العالمي". وتصلي من أجل إحلال السلام بين الشعوب وفي العالم كله. إنه إحتفال بالمسيح الذي هو سلامنا، وهو عطية السلام لجميع الناس.فقد أتى ليجمع ما كان منقسما، وينتزع الخطيئة والبغض، داعيا البشرية إلى الوحدة والأخوة".
أضاف: "تريد الكنيسة في هذا العام الجديد أن تثبت دعوتها ورسالتها بأن تكون في المسيح علامة السلام وأداته في العالم ومن أجل العالم. وهي تفعل ذلك بنشر إنجيل السلام. عندما نقول الكنيسة ، إنما نعني رعاتها ومؤمنيها، جماعاتها ومؤسساتها، بل كل الناس ذوي الإرادة الحسنة. ولأن السلام عطية من الله لأرضنا، فقد بات الالتزام به عملا جوهريا. فهو كالمبنى في طور بناء دائم، والكل مدعو لإستكماله: الأهل في العائلة ليعيشوا السلام ويشهدوا له ويربوا أولادهم عليه؛ المعلمون في المدارس والجامعات لينقلوا قيم المعرفة وتراث البشرية التاريخي والثقافي؛ الرجال والنساء في عالم العمل ليناضلوا في سبيل كرامة العمل البشري على أساس العدالة والتضامن؛ حكام الدول ليؤمنوا السلام بتوفير الخير العام؛ العاملون في المنظمات الدولية ليواصلوا عملهم كفاعلي؛ المؤمنون ليعززوا بالحوار المسكوني وبين الأديان قضية السلام، والأخوة، هم الذين يعتبرون أن الإيمان الأصيل هو ضد الحرب والعنف. فيما نتبادل وجميع الشعوب التهاني بالعام الجديد ونتمناه عام خير وسلام، فيا ليت الجميع يجعلونه مناسبة للعودة إلى الضمير الحي، فنقيم ما مضى ونحضر الخير للعام البادئ. وتنبذ الدول نزعة السيطرة على بعضها البعض، وتنهي الحروب، وتلتقي في سلام دائم، لكي تعيش جميع شعوب العالم في بحبوحة وازدهار من دون تنافس وقتال. لا نستطيع أن نكون على صورة الله ومثاله، ونخلق الأزمات ونحن في غنى عنها، ونخوض حروبا عبثية لإطفاء شهوة مسؤولين دوليين لا يكتفون بحدودهم الدولية".
وأردف: "في هذا السياق يؤلمنا ويؤسفنا أن المسؤولين السياسيين في لبنان يجهدون في تهديم السلام السياسي والأمني والإقتصادي والمعيشي والإجتماعي، فيما دول العالم تأتي وتعرض كل أنواع المساعدات لنهضة لبنان بدءا من مشاريع الطاقة إلى المياه، مرورا بالمشاريع الإنشائية من طرقات ومرافئ ومطارات وصولا إلى قروض وتنظيم مؤتمرات خاصة بلبنان، فلا تلقى آذانا صاغية ولا تجاوبا. لا يتجاوبون مع المؤتمرات ولا مع صندوق النقد الدولي، ولا مع بيانات الدول الشقيقة والصديقة، ولا مع توصيات الأمم المتحدة ولا مع دعوات قداسة البابا فرنسيس. ماذا ينتظرون لرفع المعاناة عن الشعب، ولتقرير إنقاذ لبنان؟ فليقتنع الجميع بأن باب الحل والخروج من أزماتنا يمر عبر إنتخاب رئيس جديد للجمهورية. فأين ما بقي من سلطات؟ وأين ما بقي من صلاحيات للمؤسسات؟ وزير يقاطع مجلس الوزراء يوما ويشارك فيه يوما آخر. وزير يمتنع عن تواقيع مراسيم تفتقر إلى التوافق بشأنها، ويوقع في اليوم التالي غير عابئ بموقفه السابق بغض النظر عن أهمية المرسوم. مع رغبتنا في استمرار عمل الدولة، نرفض تمرير مراسيم لا تنسجم مع الدستور ولا تأخذ بالاعتبار الصلاحيات اللصيقة برئيس الجمهورية، ولو كان المنصب شاغرا، كما فعل بعض الوزراء. عبثا تحاول المؤسسات الدستورية والخبراء المحيطون بها ابتداع تفسيرات دستورية لتسيير أعمالها وتحليل صلاحياتها. المطلوب واحد، انتخاب رئيس للدولة، وهو رئيس نزيه، شجاع، مهاب ولا يهاب، جامع المكونات الوطنية، يعيد الأمور إلى نصابها، يضع جميع الأطراف تحت كنف الدولة، يعمل على إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، وعلى إيجاد حل للاجئين الفلسطينيين، ويأخذ المبادرات على الصعيدين العربي والدولي ليعيد لبنان إلى مكانته التاريخية، وليصوغ دورا خلاقا جديدا لهذا الوطن التاريخي. لكن إنتخاب الرئيس لا يتم ببدعة الإتفاق المسبق عليه - فهذا نقيض نظامنا الديمقراطي – بل بالإقتراع المقترن بالتشاور والحوار، يوما بعد يوم، لا مرة كل أسبوع. فيتوقف عندئذ المجلس النيابي عن تلك المسرحية الهزلية التي مارسها عشر مرات. نتمنى من صميم القلب أن لا يكون هناك من يتقصد تعطيل بتر رأس الجمهورية، وتعطيل المؤسسات ليظهر لبنان دولة فاشلة غير مؤهلة للوجود أو للبقاء كما هي، ولا بد، بالتالي، من تغييرها وبناء دولة أخرى على نسق الدويلات التي تتفشى في منطقة الشرق الأوسط، فلا تأخذ بالاعتبار الديمقراطية والتركيبة التعددية. ونقول: إنها لمفخرة للنواب أن تسجل أسماؤهم في سجل الذين عملوا على إنقاذ لبنان من خلال انتخاب رئيس مميز. فلا تخيبوا آمال الشعب الذي انتخبكم. وهلموا إلى هذا الإنجاز العظيم في مطلع السنة الجديدة".
وختم الراعي: "فلنصل، أيها الإخوة والأخوات، لكي نبدأ كلنا هذا العام الجديد 2023 باسم يسوع، فيكون عام خير وسلام على الجميع. لله التسبيح والشكر الآن وإلى الأبد، آمين".
بعد القداس استقبل البطريرك الراعي المؤمنين المشاركين في الذبيخة الإلهية للتهنئة بالاعياد المجيدة.