تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
ليست المرة الأولى، التي تُعطي فيها الدولة اللبنانية، زيادة في الرواتب للموظفين بيد، وتأخذها منهم باليد الأُخرى.
عندما أقرّت الحكومة إعطاء مساعدة اجتماعية لموظفي القطاع العام، تعادل ضعفي الراتب، كان دولار منصة صيرفة يساوي ٢٦ الف ليرة، ودولار السوق السوداء ٣٠ الف ليرة. فعلى افتراض أن موظفاً كان يتقاضى ملونين وستمائة الف ليرة، كان يحصل من البنك على مئة دولار، وفق سعر صيرفة. أما الآن وبعد أن رفع المركزي سعر صيرفة الى ٣٨ الف ليرة، بات هذا الموظف يحصل على ٦٨ دولاراً فقط، أي انه خسر ثلث راتبه تقريباً.
واذا احتسبنا الزيادة التي بلغت ٤٦٪ ، في ارتفاع سعر دولار صيرفة، والتي سيدفعها الموظف في أسعار فواتير الهاتف والكهرباء، المرتبطة بسعر صيرفة، وكذلك في أسعار السلع التي ارتفعت بنسبة ٥٠٪ ، لأنها تُحتسب لدى التجار وفق سعر الدولار في السوق السوداء، الذي وصل إلى ٤٨ الف ليرة في الأسبوع الفائت، فهذا يعني أن الموظف خسر نصف القيمة الشرائية لراتبه.
بالنتيجة فإن التاجر يبيع وفق سعر دولار السوق السوداء أو أكثر، خاصة في ظل عجز الدولة عن ضبط الأسعار، وغياب الرقابة بشكل شبه كامل، ومن يتقاضى راتبه بالدولار لم يتأثر بتقلبات سعر الصرف، ويبقى وحده الموظف الذي يتقاضى راتبه بالليرة اللبنانية هو من يدفع الثمن، ويتآكل راتبه يوماً بعد يوم، ويصبح عاجزاً عن تأمين أبسط مقومات العيش.
دولة غائبة مشلولة بفراغ في موقع رئاسة الجمهورية، وحكومة تصريف أعمال لا تجتمع ومكبّلة بالنكايات السياسية، وإدارات تحكمها الفوضى والعشوائية، ويستشري فيها الفساد والرشوة، إلى جانب البيروقراطية الإدارية، وقضاء معطّل ومستنكف عن القيام بواجبه وإحقاق الحق، وفوق هذا كله يتخذ حاكم المركزي قرارات أشبه بفرمانات الإعدام الهمايونية، التي يتم تنفيذها بحق الموظفين في القطاع العام.
تتقاضى المصارف نسبة ٢،٥٪ على تنفيذ كل عملية على منصة صيرفة، التي يتراوح التداول اليومي عليها بين ٣٠ و٨٠ مليون دولار يومياً، أي أن أرباح المصارف تبلغ بمعدل وسطي مليون و ٣٧٥ الف دولار، أي أن المصارف تحقق أرباحاً شهرية بقيمة أكثر من ٣٠ مليون دولار، وهذا طبعاً من حساب الدولة ومصرف لبنان الذي يؤمن الدولار للمصارف.
لو لم يقدّم رياض سلامة هذه الخدمة للمصارف، وكان صحيحاً ما تدّعيه بأنها خسرت الودائع لدى الدولة اللبنانية والمصرف المركزي، لكانت غالبية هذه البنوك عاجزة عن دفع رواتب العاملين فيها اليوم، لكن طبعاً كل ما تقوله جمعية المصارف هو غير صحيح، وسنكشف في مقال لاحق اين هي الودائع ومن قام ويقوم بسرقة أموال المودعين، وكيف يتم ذلك.
وبالمحصلة يبقى وحده الموظف، خاصة في القطاع العام، يدفع ثمن هذه الفوضى، وانحلال الدولة، وسعي رياض سلامة لتحقيق مصالح شخصية، ولتلميع صورته بأي ثمن.