تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " فادي غانم "
رغم كل الظروف الصعبة التي تعصف بالبلد، وتعاني منها المؤسسات التابعة للدولة، يشهد تلفزيون لبنان حالياً انطلاقة جديدة، مع المديرة العامة فيفيان لبّس، التي تولت منصبها منذ مطلع العام الحالي، ويصفها كل من يعرفها بأنها: "المناضلة التي تعمل بصمت".
انطلقت مجموعة من البرامج الجديدة في التلفزيون، والعمل مستمر لإطلاق باقة جديدة متنوّعة فالتلفزيون يضم نخبة من أكفأ الإعلاميين في لبنان والعالم العربي، لكن بعض الأمور القانونية، ونقص التمويل المادي، تعيقان تنفيذ خطة النهوض بتلفزيون لبنان، فتكلفة مبلغ أربعة ملايين دولار لنقل مبارة كأس العالم في كرة القدم شكّلت معضلة حقيقية لدى الحكومة، فكيف لمؤسسة إعلامية رسمية أن تنافس اليوم دون دعم مادي، وفي ظل جملة قيود وشروط على عملها.
لقد أغنت الحملات الانتخابية التلفزيونات الخاصة، وكانت أسعار المقابلات خيالية، بحيث تجاوزت المئة الف دولار أحياناً، أما التلفزيون الرسمي فكان عليه بموجب القانون تخصيص وقت للمرشحين، ودون مقابل مادي، خاصة الذين ليس لديهم قدرة مادية على دفع التكاليف.
قد يكون هذا الإجراء عادلاً من وجهة النظر الديمقراطية وتحقيقاً للمساواة بين المرشحين، لكن يجب في هذه الحالة على الدولة أن تسدد المبالغ اللازمة لتلفزيون لبنان، فاستمرار وتفوق أي مؤسسة إعلامية اليوم يرتبط بجملة إجراءات مكلفة، كما يجب إعطاء الحرية للتلفزيون لاستضافة مرشحين مقابل بدل مادي.
فشراء فيلم أو مسلسل ناجح وعرضه على المحطة، يحتاج إلى ثمن، وهذا الثمن غير متوافر لدى تلفزيون لبنان، هذا إضافة إلى رواتب الموظفين التي تآكلت بسبب انهيار العملة الوطنية، فغادر قسم منهم إلى خارج لبنان، وبات يوجد نقص في عدد الموظفين.
وهناك أيضاً عدة قيود تفرضها الحكومة على تلفزيون لبنان، مما يعيق حرية المناورة لدى إدارة التلفزيون، فيتم مثلاً فرض قيود على استضافة بعض الشخصيات، التي قد تُبدي انتقاداً حاداً للسلطة، ومن المعروف أن بعض التلفزيونات تستفيد من توق الجمهور إلى سماع هذا النوع من الأخبار والحوارات، وكشف بعض الأسرار وارتكابات السلطة. كما أن النقص في عدد الموظفين، وتكرار وإعادة عرض البرامج يقلل من عدد المشاهدين ومتابعي التلفزيون.
هي أزمة الإعلام الرسمي في كل الدول العربية، التي شكلت منبراً مدافعاً عن السلطة، مهما ارتكبت من أخطاء، وهذا جعل دور الإعلام الرسمي يتراجع وينكفئ ويضمحل أحياناً، لذا بات واجباً التخلص من هذه القيود، وإعطاء مساحة حرية أوسع لتلفزيون لبنان، للتمكن من استعادة مجده السابق، وهو لا تنقصه الكفاءآت كما ذكرنا، لكن فقط يجب فك بعض القيود، ففي نهاية المطاف الإعلام لا يقوم بدون الشق المالي، وهناك جانب تجاري مهم يجب أن تمارسه أي مؤسسة إعلامية، لتأمين التمويل اللازم لاستمراريتها، فلماذا لا يستفيد تلفزيون لبنان من البرامج الممولة من مؤسسات وأفراد متمولين وعرض الدعايات وغير ذلك، رغم أنه يحقق نسبة مشاهدة لا بأس بها.
تسعى لبّس جاهدة لأحداث نقلة نوعية في التلفزيون، وهي نجحت في تطوير العمل وتحديث البرامج، وفتح هذا المنبر الوطني لكل الشخصيات من؛ سياسيين، وإعلاميين، ومحللين، وناشطين في كافة المجالات، وإذا توافر بعض الدعم الحكومي سيتمكن تلفزيون لبنان من استعادة مكانته في صدارة وسائل الإعلام والتلفزيونات المحلية والعالمية، فهو لديه ميزة أساسية كتلفزيون رسمي، يشكل رمزاً لسيادة واستقلال لبنان، ودون التبعية أو الانحراف إلى جانب هذا الفريق السياسي أو الطائفي أو ذاك.
لا شك أن اللبنانيين ينتظرون بشوق أن يعود تلفزيون لبنان إلى سابق مجده، ويبقى هذا الأمل معلقاً على خطوات ضرورية من جانب الدولة، حفاظاً على هذه المؤسسة العريقة، ورمزيتها الوطنية، والفرصة متاحة مع إدارة فيفيان لبّس ونخبة من الإعلاميين، الذين ما زالوا يكافحون، ويضحون، رغم كل الصعوبات، للحفاظ على تلفزيون لبنان.