تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
لم يعد السؤال المحوري المطروح في الايام الاخيرة هو: ما الذي يريد رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل ان يبلغه من خلال حراكه الذي يبدو للبعض متهوراً الى أقصى الحدود، بل تحوّل الى سؤال آخر هو: ما هي خطة شريكه في "تفاهم مار مخايل" "حزب الله" لملاقاة جموح هذا الحليف من جهة، وما هي خيارات الحزب اذا ما سُدت السبل أمام المهمة التي تنكّبها وإن بشكل موارب لايصال رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية الى قصر بعبدا الشاغر؟
وعلى نحو أكثر شفافية تتفاعل في مناخات الحزب الداخلية، بحسب "النهار"، قناعة فحواها ان باسيل قد أظهر انه يعرف تماما ما الذي يريد ان يصل اليه من خلال حراكه وتصعيده الذي فاق كل التوقعات، منذراً من يعنيهم الامر بأنه بات على استعداد لقلب الطاولة وخلط كل الاوراق لتحقيق ثلاثة أهداف ومقاصد هي:
- تصفية الحساب مع كل الذين "استضعفوه" سابقاً وعملوا على عرقلة العهد العوني وأثخنوه بالخيبات في رحلة ترمي الى اقصائه توطئة لإخراجه من متن المعادلة السياسية الى هامشها بعدما تجاوزوا خلافاتهم وتقاطعوا على هدف واحد هو "التنكيد" عليه.
- الاستفادة من حاجة الآخرين اليه في هذه الساعة لاستكمال الانجاز الرئاسي بعد وعده بثَمنين: احدهما معجّل وهو ضمان شراكته في العهد الآتي، ومؤجّل وهو عبارة عن وعد ضمني بالعهد التالي.
- وفي الطريق الى بلوغ الهدفين المشار اليهما أعلاه، يسعى باسيل الى اثبات انه ناخب أول وليس مستتبعاً أو "كمالة عدد" في أي مشهد رئاسي مقبل.
واذا كانت هذه مضامين الرسالة الباسيلية الى الحلفاء والخصوم على حد سواء، فان السؤال الاستطرادي: ما هي ردة فعل الحزب المفترض انه مهندس المحور وقطب الرحى فيه لكي يصدّ هذا الجموح المفتوح والفالت من عقاله؟
لا تخفي مصادر "حزب الله" ان قيادة الحزب تعتريها موجة من الارباك بعدما تلقت ضربة اولى من جراء أداء باسيل، وتحديداً بعد التطورات والخطوات الآتية:
- عندما بادر باسيل الى "اقتحام" مكتب الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله ذات عشية ليبلغه بشكل قطعي عرض الحزب عليه بضرورة السير معه نحو تزكية فرنجية رئيساً مقبلاً. بل واكثر من ذلك يقرن باسيل الرفض باقتراح عنوانه العريض لنذهب جميعا نحو شخصية ثالثة نزكّيها ليملأ الفراغ المخيّم على قصر بعبدا في السنوات الست المقبلة.
وأبعد من ذلك، كان باسيل اكثر جرأة وإقداما عندما قرر الذهاب الى عين التينة ليفاتح رئيس مجلس النواب نبيه بري بهذا العرض. ورغم ان باسيل كان يعي مسبقاً الجواب السلبي لسيد عين التينة، فانه خرج من هناك بمكاسب معنوية اظهرت ان لا رئيس مقبلا من دن موافقة تياره.
وحيال كل ذلك يبقى السؤال: ما هي ردة فعل الحزب على "تمرد" حليفه على مشيئته من جهة، وما هي خطته التالية لملاقاة الاستحقاق الرئاسي اذا ما تيقن بان السبيل الى قصر بعبدا معدوم تماما امام مرشحه المعلَن الى الآن، من جهة أخرى؟
لا تكتم المصادر اياها انها كانت تتوقع الرد السلبي من باسيل، لكنها لم تكن تتوقع في المقابل هذا المستوى من الرفض من جهة وذهابه الى اقتراح البحث عن شخصية ثالثة تكون مرشحة المحور.
القرار العميق داخل أروقة الحزب، وفق المصادر عينها، هو ضرورة بذل اقصى الجهود للمحافظة على التحالف مع "التيار البرتقالي"، وتاليا اعطاء باسيل قدرا اكبر من الاسباب التخفيفية والاعذار لأدائه المتشنج انطلاقا من اعتبارين:
الاول، علاقات باسيل مع الحزب، فهو ما انفكّ بنظره الوفيّ لتعهداته والاصيل في مواقفه، وقد دفع أثمانها عقوبات.
الثاني، ان الحزب يتفهم اسباب ردات فعل باسيل وحاجته الى استرداد الكثير مما خسره سابقاً.
وبذا تؤكد المصادر عينها ان الحزب لم يضع في حساباته مطلقا امرين:
التخفف أو الانسحاب من موجبات العلاقة مع باسيل، وان الحزب كعهده دوما ليس في وارد ان يفرض على باسيل او ايّ من حلفائه ارادته ومشيئته او يلزمهم بالسير في خيارات يراها ويقدّرها.
ولكن رغم بلاغة ذلك، فان الحزب وفق المصادر اياها يقيم على تشخيص فحواه ان ثمة مرحلة جديدة بمعطياتها وظروفها تحتاج من مكونات المحور، بمن فيهم باسيل، النظر بواقعية ومقاربة الامور بقدر أعلى من الموضوعية والعقل الهادىء.
وبمعنى آخر، تستطرد المصادر اياها ان "باسيل لا شك يقدّر اننا واياه نعمل في ساحة بالغة التعقيد تحتاج الى اعلى قدر من الموضوعية، مع علمه اليقيني اننا لسنا من النوع الذي يغادر ثوابته السياسية او يخلع حلفاءه ويتنكر لهم. ولكن في المقابل يتعين ان يكون باسيل على قناعة بانه منذ ابرام تفاهم مارمخايل قبل 16 عاما جرت تحت جسور السياسة المحلية والاقليمية مياه تطورات كثيرة احالت الحزب الى لاعب اقليمي، وقد تعزز هذا الامر من خلال عملية الترسيم البحري التي عبرت تحت ضغط مسيّرات الحزب وامور اخرى .كل ذلك رسّخ قناعة فحواها ان الحزب تجاوز مسألة حاجته الى "حمايةٍ وحماة"، فالمقاومة التي صارت حاجة لحماية الوطن لم تعد قاصرة عن حماية نفسها".
بناء على كل ذلك ورغم كل التطورات فان الحزب ما زال ملتزما:
- رفض الاعلان ان لديه "خطة ب" في الموضوع الرئاسي، اذ ما انفك عند الكلام الذي اطلقه سيده في اطلالته الاخيرة.
- ان الحزب الباحث دوما عن جسور تواصل مع كل اللاعبين المؤثرين على الساحة لا يفكر اطلاقا بلحظة يوصد فيها الابواب امام باسيل، فهو حريص كل الحرص على ديمومة هذه العلاقة وهذا التحالف. وآيته الشاهدة هو انه بعد اللقاء الذي جمع نصرالله بباسيل سارع الحزب الى ايفاد وفيق صفا الى مركزية "التيار" في سن الفيل ليبرم اتفاقا مع باسيل حول آلية العمل في مجلس النواب.
وبالعموم، ما زال الحزب على قناعته بان ما يعارضه باسيل اليوم يمكن ان يقبل به غداً وهو السياسي المخضرم. والامر يحتاج الى بعض الوقت ليكون باسيل قد استنفد كل خياراته ولعب كل أوراقه.