تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
ليس السجال الدائر حيال المادة 49، في خامسة جلسات انتخاب رئيس الجمهورية الخميس كما في جلسات سبقتها، سوى اشتباك كاريكاتوري ومهين في آن في مقاربة مادة اضحت في أوان الانتخابات الرئاسية الاكثر افتعالاً للجدل السياسي منه الدستوري
الرئيس حسين الحسيني، المُفتقد حضوره في مؤتمر الطائف في الذكرى الـ33 والمُفتقد اكثر حضوره في مجلس النواب، بات للمادة 49 عنده مغزى مختلف. للمرّة الاولى في اتفاق الطائف عُدّلت على نحو اساسي منذ عام 1926، رغم تعديلين عابرين لم يمسّا جوهرها عامي 1927 و1929، باضافة فقرة اساسية اليها اقترحها الحسيني وادخلها بنفسه في رأس المادة في مسودة الاتفاق التي ناقشها مع البطريرك الماروني الراحل مارنصرالله بطرس صفير ثم ناقشها النواب اللبنانيون في مدينة الطائف.
يقول الحسيني عبر "الأخبار": «حتماً نصاب الثلثين هو نصاب انعقاد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في كل الدورات. ثبات هذا النصاب ناجم عن الفقرة الاولى المحدثة في المادة 49 عندما تتحدث عن رئيس الجمهورية على انه رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن يسهر على احترام الدستور، فلا يصح عندئذ انتخابه الا في حضور ثلثي مجلس النواب على الاقل».
يضيف ان المادة 49 الجديدة المعدلة لدى مناقشتها «لم تلقَ اي اعتراض واول تطبيق لها كان في انتخابنا الرئيس رينه معوض، قبل ادماجنا اصلاحات وثيقة الوفاق الوطني في الدستور بعد سنة من اقرارها. انتخبنا الرئيس معوض عملاً بالمادة 49 الجديدة بفقرتها الاولى الناصة على الدور الجديد لرئيس الجمهورية على انه رئيس الدولة الذي يؤمن استمرارية الكيان والمحافظة على النظام. انتخب في ظل غالبية ثلثي المجلس حضوراً رغم تناقص عدد نوابه الى 73 نائباً واصبح نصاب الثلثين آنذاك 49 نائباً. كذلك فعلنا في انتخاب الرئيس الياس هراوي. انتخاب الرئيس في حضور ثلثي المجلس هو المعبّر الفعلي عن الدور الجديد لرئيس الجمهورية ان يكون في موقع سامٍ يمكنه من رد اي فئة عن الاخلال بالدستور والقانون. لم نُرِد في المادة 49 انخراط رئيس الجمهورية في اي موقع سوى انه الحكم بين الجميع، لا ان يتدخل يوماً في تعيين نواطير الاحراج».
قرّر نواب حزب «الكتائب» وعدد من النواب «التغييريين» فتح كوة في جدار أزمة الانتخابات الرئاسية اللبنانية، من خلال طرح موضوع النصاب المطلوب في الدورات التي تلي الدورة الأولى، والتي يصر رئيس المجلس النيابي نبيه بري على أنه يستوجب تواجد 86 نائباً، فيما يعتبر عدد من النواب أنه يمكن الاكتفاء بتواجد 65 نائباً في الدورة الثانية وكل الدورات التي تليها.
وسأل أكثر من نائب رئيس البرلمان، خلال الجلسة الخامسة التي دعا إليها، يوم الخميس الماضي، لانتخاب رئيس للجمهورية، عن المادة الدستورية التي يبني عليها للحديث عن نصاب 86 نائباً في كل الجلسات، دون أن يلقوا جواباً شافياً.
وقال رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميّل، بعد رفع الجلسة: «حاولنا مراراً داخل جلسة انتخاب الرئيس الاستيضاح من رئيس مجلس النواب بشأن المواد الدستورية التي استند إليها بموضوع احتساب النصاب دون جدوى»، مطالباً بجواب واضح «وإلا فإن النقاش سيتكرر في كل جلسة». وشدد على أن «المادة 49 لا تحدد نصاب الجلسة، ومن ثم كان يفترض أن تبقى الجلسات مفتوحة، وأن يبقى النواب في المجلس حتى انتخاب رئيس، بناء على المادتين 74 و75 من الدستور».
بدوره، قدّم النائب ملحم خلف مطالعة قانونية، خلال الجلسة، ذكّر فيها بمضمون المادة 49 التي تنص على أن «رئيس الجمهورية يُنتخب بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى، ويكتفى بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي»، لافتاً إلى أن «هذه المادة لم تنصَّ بصورة صريحة على النصاب المطلوب لانعقاد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، بل اكتفت بتحديد الغالبية المطلوبة لانتخابه في دورة الاقتراع الأولى، وحدَّدتها بغالبية الثلثين من مجلس النواب؛ أي 86 صوتاً، من أصل 128 نائباً يشكلون المجلس النيابي، لينتقل المجلس إلى دورة ثانية وثالثة حتى ينال المرشح الغالبية المطلقة من الأصوات؛ أي 65 صوتاً». والدليل الواضح على ذلك، وفقاً للنائب خلف، عبارة «ويكتفى بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي...».
وقال إن هذا يدل على أن المجلس النيابي يبقى منعقداً بحكم الدستور، و«لا يمكن رفع الجلسة إلا لفترة وجيزة من الوقت لتبدأ دورة الاقتراع التالية والثالثة والرابعة إلى ما لا نهاية حتى يتم انتخاب الرئيس». وطالب خلف بـ«إبقاء جلسة الانتخاب مفتوحة بدورات متتالية لا محدودة - حتى لو استوجب الأمر عدة أيام - حتى التوصل إلى انتخاب رئيس».
رئيس مؤسسة «جوستيسيا» الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص الذي يؤكد أن «المادة 49 من الدستور لا تنص على نصاب، بل حصراً على غالبية الثلثين لانتخاب رئيس في الدورة الأولى، والغالبية المطلقة في الدورة الثانية وما يليها، وهي لا تأتي على ذكر النصاب»، لافتاً إلى أنه «إذا كان هناك في الدورة الأولى تماهٍ بين الغالبية والنصاب، ما دام المطلوب تصويت 86 نائباً، ومن ثم أن يكونوا حاضرين، فما لا نفهمه: لماذا في بقية الدورات التمسك بنصاب الـ86».
ويشير مرقص، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»: «التمسك بنصاب الـ86 نائباً في كل الدورات يعطي حجة لـ44 نائباً لتعطيل انعقاد مجلس النواب، وهنا نكون بصدد تعسف الأقلية، بدل تعسف الأكثرية واستعمال متكرر غير مشروع للنصاب في أمر جلل، بدل اللجوء إلى التنافس الديمقراطي بين الأكثريات».