تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
المشهدُ في لبنانَ، في ظلِّ تلاحقِ الفراغاتِ، يبدو كأنَ السقفَ سقطَ على الجمهوريةِ من النهرِ الكبيرِ إلى الناقورةِ، ولا "عمَّالَ إنقاذٍ" ينتشلونَ الضحايا من تحتِ السقفِ.
المشهدُ سورياليٌّ، لكنهُ واقعيٌّ وحقيقيٌّ:
فراغٌ في سدَّةِ الرئاسةِ،
بدأ في الأولِ من هذا الشهرِ، ولا يُعرفُ إلى متى يمتدُّ.
"فراغٌ" عمليٌّ في الحكومةِ،
باعتبارِ أن حكومةَ تصريفِ الأعمالِ لا تستطيعُ أن تعقدَ جلساتٍ.
" فراغٌ" تشريعيٌّ،
لأنهُ في ظلِّ عدمِ انتخابِ رئيسٍ جديدٍ للجمهوريةِ، فإنَ المجلسَ هو عبارةٌ عن هيئةٍ ناخبةٍ لا هيئةً تشريعيةً.
***
إذا البلدُ إنهارتْ منهُ ثلاثةُ أعمدةٍ:
رئاسيةٍ وحكوميةٍ ونيابيةٍ،
فحريٌّ أن يسقطَ سقفهُ،
هذا من دونِ أن ننسى العامودَ الرابعَ المتمثِّلَ بالقضاءِ، الذي في حالِ إعتكافٍ وإضرابٍ منذُ أكثرِ من ثلاثةِ أشهرٍ.
إذًاً، جمهوريةٌ مفكَّكةُ الأعمدةِ، كيفَ لسقفها ألاَّ يسقطَ على رؤوسِ الجميعِ؟
***
لكنَّ الأخطرَ من كلِّ ذلكَ، ماذا بعدَ السقوطِ والأنهيارِ؟
الخوفُ كلُّ الخوفِ ان لا أحدَ في الداخلِ يملكُ جواباً.
فعلى رغمِ أدعاءِ كثيرينَ أنهمْ يعرفونَ "الطنجرةَ وغطاها "، كما يُقالُ في العاميَّةِ،
فإنهُ ثبتَ أن لا أحدَ يعرفُ شيئاً، فقط دققوا في ما كانَ يُحكى ويُكتَبُ قبلَ الفراغِ:
1- قالوا إنهُ سيتمُّ تعويمُ الحكومةِ، فلمْ تُعوَّمْ.
2- قالوا إنها ستُطعَّمُ بستةِ وزراءِ دولةٍ، فلمْ يحصلْ ذلكَ.
3- قالوا إنهُ هناكَ احتمالٌ أن يبقى رئيسُ الجمهوريةِ في قصرِ بعبدا، فلمْ يحصلْ ذلكَ.
4- قالوا إن تشكيلَ حكومةٍ جديدةٍ سيتمُّ في الربعِ الساعةِ الأخيرةِ، فلمْ يحصلْ ذلكَ.
عَمِلوا كالعرَّافينْ، لكنْ لم يتحقَّقْ شيءٌ من توقعاتهمْ.
ماذا يعني ذلكَ؟
يعني ان لا شيءَ واضحاً في البلدِ، وهذا هو الخطرُ الأكبرُ.
***
عملياً دخلنا في نفقِ المجهولِ، ولا أحدَ يرى أينَ بصيصُ النورِ،
وأقصى ما نتمناهُ ألا تطولَ هذهِ المرحلةُ، وحتى ولو طالتْ،
أن تطولَ بأقلِّ خسائرَ ممكنةٍ، وبأقلِّ شظايا ممكنةٍ،
فمنْ عوارضِ المجهولِ وسقوطِ السقفِ ان وزارةَ الاقتصادِ التي يفترضُ فيها حمايةُ المستهلكِ،
عليها دينٌ لاصحابِ المولِّداتِ يتجاوزُ المئتي مليونِ ليرةٍ، كيفَ تحمي المواطنَ وهي متهمةٌ بعدمِ تسديدِ ما عليها؟
نعيشُ كلَّ يومٍ بيومهِ، على اعصابنا وعدمِ رؤيةِ فرجٍ في الافقِ القريبِ،
صرنا شعباً مياوماً ...!